أثار استخدام الولاياتالمتحدة حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار المصري المطروح على مجلس الأمن بشأن القدس، اهتمام جميع الدول ووسائل الإعلام، حيث تباينت ردود الأفعال بين شكر وتنديد وأسف. وبالطبع لم تكن هذه هي المرة الأولى التي استخدمت فيها أمريكا حق النقض (الفيتو)، ضد قرارات مع القضية الفلسطينية، فقد كان لها سجال طويل في هذا الأمر. تاريخ الفيتو الأمريكي ضد القضية الفلسطينية في عام 1973 اعترضت أمريكا على مشروع قرار تقدمت به: الهند وأندونيسيا بنما وبيرو والسودان ويوغسلافيا وغينيا، يؤكد حق الفلسطينيين ويطالب بالانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها. وفي عام 1976 استخدمته ثلاث مرات ضد مشاريع قرارات، "انسحاب (إسرائيل) من الأراضي المحتلة منذ يونيو 1967 ويدين إقامة المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة"، ومشروع قرار "يطلب من إسرائيل الامتناع عن أية أعمال ضد السكان العرب في الأراضي المحتلة"، وضد مشروع قرار يطالب "بحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعودة إلى وطنه وحقه في الاستقلال والسيادة". وفي عام 1983 استخدمت أمريكا الفيتو ضد مشروع قرار يستنكر مذابح مخيمي اللاجئين الفلسطينيين في "صبرا وشاتيلا" في لبنان. وفي عام 2003 صوتت أمريكا ضد مشروع قرار؛ لحماية الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عقب قرار الكنيست الإسرائيلي بالتخلص منه. وفي 2004 أسقطت الولاياتالمتحدة مشروع قرار يطالب إسرائيل بوقف عدوانها على شمال قطاع غزة والانسحاب من المنطقة. وفي 2014 استخدمته أمريكا ضد مشروع قرار فلسطيني يطالب بإنهاء الاحتلال، وهي المرة التى لم تكن أمريكا بحاجة لاستخدامه لكي يتم رفض المشروع، فوقتها لم تستطع فلسطين الحصول على 9 أصوات كي يتم قبول المشروع. ردود الفعل الدولية إسرائيل أثار هذا القرار العديد من ردود الأفعال الدولية، والتي بالطبع كان أولها لصالح إسرائيل التي سارعت بالتعبير عن شكرها لهذا القرار، حيث قدّم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شكره للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمندوبة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، بعد أن أعلنت واشنطن نيتها استخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار الذي تقدمه مصر. وقال نتنياهو في تغريدة على تويتر: "شكرًا للسفيرة نيكي هايلي، لقد انتصرت الحقيقة على الأكاذيب.. شكرًا للرئيس ترامب". مصر جاء في البيان الصادر عن الخارجية المصرية أن مشروع القرار جاء "استجابة لضمير المجتمع الدولي الذي عبر بوضوح عن رفض اعتراف الولاياتالمتحدةبالقدس عاصمة لإسرائيل". وأضاف البيان أنه من المقلق للغاية أن يعجز مجلس الأمن عن اعتماد قرار يؤكد قراراته ومواقفه السابقة بشأن الوضعية القانونية لمدينة القدس، باعتبارها مدينة محتلة تخضع لمفاوضات الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وفقا لكافة مرجعيات عملية السلام المتوافق عليها دوليًا. سوريا فيما أدانت سوريا هذا القرار، حيث قال مصدر رسمي في الخارجية السورية: إن الموقف الأمريكي يؤكد مجددًا استهتار الولاياتالمتحدة بالقوانين الدولية وانتهاكها الفاضح لقرارات مجلس الأمن وكل المحافل الدولية حول الوضع القانوني لمدينة القدس، ما يشدد أكثر من أي وقت مضى على ضرورة صياغة نظام عالمي جديد لوضع حد لهذه السياسات المتهورة للإدارات الأمريكية المتعاقبة"، وفقًا لوكالة "سانا" السورية. وأوضح المصدر أن واشنطن باستخدامها "الفيتو" تؤكد دعمها اللا محدود للكيان العنصري الاستيطاني الصهيوني وعداءها المستحكم للأمة العربية، الأمر الذي يفرض اتخاذ مواقف تعبر عن تطلعات الشعوب العربية، وينسجم مع المصالح العليا للأمة العربية ويصون الحقوق والمقدسات. طهران أدانت إيران استخدام الولاياتالمتحدة حق النقض، إذ قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، فى بيان: إن "إيران تدين الفيتو الأمريكي الذي استخدم ضد القرار المصري فى مجلس الأمن بشأن القدس". وأضاف "الفيتو يأتي استمرارًا للسياسات الأمريكية العنصرية، ويؤكد عرقلة الولاياتالمتحدةالأمريكية لأي خطة من شأنها إيقاف قرارها الأخير، باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل". تركيا قالت وزارة الخارجية التركية في بيان لها: إن "تركيا صُدمت لاستخدام الولاياتالمتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى سحب إعلان أمريكاالقدس عاصمة لإسرائيل. وأضافت أن استخدام أمريكا الفيتو ضد القرار، الذي أيده الأعضاء الأربعة عشر الآخرون، يظهر مجددا أن واشنطن فقدت موضوعيتها.. ومن غير المقبول أن يظل مجلس الأمن بلا فاعلية بمثل هذه الإجراء. فرنسا أكد فرانسوا ديلاتير المندوب الفرنسى لدى مجلس الأمن، رفض بلاده لأي قرارات أحادية تهدف إلى تعديل وضع القدس، مبديًا أسف فرنسا حال الفيتو الأمريكى. وأشار ديلاتير إلى أن أغلبية ساحقة في مجلس الأمن ترفض إحداث أي تغيير في وضع مدينة القدس، قائلًا: إن "قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لن تغير الأساس المشترك الذي يجب أن تبنى عليه جهود السلام". فلسطين أما السلطات الفلسطينية فقد وصفت استخدام الولاياتالمتحدةالأمريكية "الفيتو" ضد قرار بشأن القدس بأنه "استهتار" بالمجتمع الدولي، في حين وصف الرئيس محمود عباس القبول بدور أمريكي وسيط في عملية السلام ب"الجنون". وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: إن "استخدام الفيتو الأمريكي مدان وغير مقبول ويهدد استقرار المجتمع الدولي لأنه استهتار به".