بدأت بوادر أزمة اختفاء عقار البنسلين ممتد المفعول تظهر مجددًا بعد أن عانى آلاف المرضى من اختفائها قبل 4 أشهر من السوق المحلي وكل الصيدليات المركزية التابعة لوزارة الصحة، ومن بعض شركات التوزيع التابعة لقطاع الأعمال العام التي يطرق المرضى أبوابها يوميًا دون جدوى، في الوقت الذي تنفي فيه وزارة الصحة عبر وسائل الإعلام وجود أي نقص في الدواء وأن الأزمة انتهت، رغم أن المئات من المرضى يضطرون إلى شراء دوائهم من الخارج نتيجة اختفائه من صيدليات مصر رغم ارتفاع أسعاره مرتين. عم حماد عبد الله، مواطن ستيني على المعاش من محافظة الغربية، مريض بالروماتيزم منذ 5 سنوات، ويبحث عن حقنة "بنسلين" في صيدليات عدّة منذ أكثر من شهرين، حصل خلالها على حقنة واحدة فقط "بينستارد" ابتاعها له أحد أقاربه من الشركة المصرية لتجارة الأدوية في القاهرة، بعد أن يئس من الحصول عليها في محافظته، ففي كل مرة يدخل فيها صيدلية يقول له الصيدلي: "للأسف.. لسه ناقص يا حاج"، فيسأله بدوره عن أي صنف دوائي بديل، فيزيد من أوجاعه أكثر بأن البنسلين لا مثيل أو بديل متوفر له هنا، وأن جميع الأسماء التجارية لحقن بنسلين طويل المفعول غير متوفرة أيضًا فى بعض شركات التوزيع الكبرى. تليف في القلب نقص حقنة البنسلين ممتد المفعول راكم من تدهور حالة الرجل الستيني حتى أصبح يعاني بشدة من التهابات حادة في المفاصل، خاصة عند منطقة الركبة، وهذا الالتهاب يستمر معه لأيام طويلة ويكون مصحوبا بعلامات الالتهاب فى الركبة من خشونة واحمرار وتورم وألم شديد تطورت بمرور الوقت إلى التهابات أخرى في عضلة القلب، وأخبره الطبيب المعالج أن تأخر تناول حقنة البنسلين أكثر من 3 أسابيع سوف يؤدي إلى تلف في صمامات القلب ما يهدد حياته وآلاف المرضى الآخرين. حالة من اليأس أصابت مرضى الحمى الروماتيزمية وغيرهم حتى ترك الكثيرون منهم العلاج مجبرين، وتأخرت حالتهم الصحية نظرًا لنقصه الحاد بالصيدليات واختفائه من المستشفيات الحكومية من ناحية وارتفاع أسعاره في السوق السوداء من ناحية أخرى، حسب شكاوى عديدة وردت إلى "التحرير" من محافظات عدّة، بسبب وجود نقص شديد في البنسلين ممتد المفعول المخصص لمرضى الحمى الروماتيزمية. الحقنة ب200 جنيه بدورهم استغل بعض تجار الأدوية النقص الحاد في أمبولات البنسلين وزيادة السحب عليها في رفع سعر الحقنة البنسلين داخل بعض السلاسل الصيدلية الكبرى من 9 جنيهات إلى 100 جنيه و200 جنيه في السوق السوداء، وصار غير متوفر في مختلف الصيدليات الأهلية أو المستشفيات التابعة لوزارة الصحة أو هيئة التأمين الصحي. هنا يضطر مريض الروماتيزم للحصول على حقنة البنسلين بالسعر الخارجي من السلاسل الكبرى حينًا ومن السوق السوداء في كثير من الأحيان، لعدم توافر أدويتهم الضرورية في المنافذ الحكومية، رغم أن الغالبية العظمى منهم في سن المعاش وظروفه المادية لا تجعله يتحمل شراءه بالسعر الخارجي. عقار "البنسلين" يستخدمه المريض كمضاد حيوي فعال في الوقاية من الحمى الروماتيزمية، وعلاج ميكروبات الحلق والتهابات اللوزتين ويوجد منه نوعان، المصري والمستورد، وتعتمد فكرة استخدام البنسلين طويل المدى على كونه قليل الامتصاص من العضل بعد حقنه. حسب الدكتور محمد خشبة رئيس قسم الأطفال بطب المنصورة يستمر امتصاص الدواء بالتدريج على مدى 2-3 أسابيع، مما يحقق مستوى من البنسلين فى الدم قليلاً نسبيا، ولكنه قادر على منع الميكروب السبحى من مهاجمة الحلق واللوزتين. تدخل برلماني من جانبه تقدم النائب حسني حافظ، عضو مجلس النواب بالإسكندرية، بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس النواب أول من أمس عن اختفاء عدد من الأدوية الخاصة بأمراض السكر والسرطان والقلب من الأسواق بصورة كبيرة، مطالبا وزير الصحة بالتدخل لحل الأزمة قبل تفاقمها. وطالب حافظ الدولة بتفعيل الرقابة على أسعار الدواء وشركات إنتاج العقاقير الطبية، وتحرك وزارة الصحة بشأن اختفاء عقار البنسلين طويل المفعول من الأسواق، بالإضافة لأدوية أخرى خاصة بمرضى السكر والأورام. البنسلين بالبطاقة في ظل الشكاوى العديدة الواردة من النقص الحاد في أدوية علاج الروماتيزم أصدرت الإدارة العامة للصيدلة بالقاهرة التابعة لمديرية الشئون الصحية منشورًا خاصًا يضع آليات صارمة لصرف البنسلين ممتد المفعول لمرضى الحمى الروماتيزمية، الذي يؤدي غيابه إلى تلف صمامات القلب. كما شددت الدكتورة إيمان محمد صلاح، مدير عام الصيدلة بالقاهرة على جموع الصيادلة بصرف صنف البنسلين ممتد المفعول للمترددين عليهم بعد تسليم صورة من بطاقة الرقم القومي، وإجراء الكشف والفحوص الطبية ويتم تسليم فوارغ الفيال مرة أخرى للصيادلة وذلك لترشيد الاستهلاك وإحكام الرقابة على صرف الأدوية. «الصحة» تنفي أكدت صلاح أن ذلك القرار يأتي نظرًا لعدم توافر صنف بنسلين ممتد المفعول بالصيدليات العامة، وإحكامًا للرقابة على الأدوية الخاصة بوزارة الصحة في ظل زيادة السحب على البنسلين بصورة غير طبيعية، والإقبال الكبير وغير المعلوم على شراء وتخزين البنسلين بكميات كبيرة بصورة تتسبب في أزمة كبرى. في المقابل نفى خالد مجاهد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، وجود أي أزمة أو نقص في حقن البنسلين ممتد المفعول في مختلف المحافظات، في ظل ما تقوم به الوزارة من إجراءات لضخ كميات كبيرة كافية للصيدليات المركزية التابعة للشركة المصرية للأدوية، إحدى شركات قطاع الأعمال العام في مختلف الفروع على مستوى الجمهورية.