حوار - منى صالح تصوير - زهرة أشرف حينما اقتحمت قوات الأمن مقر نقابة الصحفيين للقبض من قالت إنَّ النقابة تتستر عليهم -"عمرو بدر ومحمود السقا"- قامت الدنيا وظنَّ الظانون أنَّها لن تقعد، لكنَّها قعدت واسترخت، فبعد أشهر صدر حكم ضد النقيب وعضو بالمجلس بالحبس في "تهمة إيواء مطلوبين". فتحت هذه الواقعة الباب أمام تساؤلات حول مستقبل صاحبة الجلالة، والتحدي الذي تواجهه في الفترة الراهنة، وما يجابه مستقبل الصحافة الورقية، وإمكانية انتهاء عصر الصحافة الورقية في ظل الاعتماد على المواقع الإلكترونية. عن هذا وغيره حاورت " التحرير " الكاتب صلاح عيسى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، فتحدَّث عن أزمة حكم حبس النقيب يحيى قلاش وعضوي المجلس جمال عبد الرحيم وخالد البلشي، ورأى أن الأزمة تتمثل في "صراع كرامات". وإلى نص الحوار كيف ترى الحكم بحبس نقيب الصحفيين في سابقة هي الأولى من نوعها؟ الأزمة هي خلاف قانوني حول تفسير المادة رقم 70 من قانون النقابة التي تنص أنَّه لا يجوز تفتيش مقر النقابة دون حضور وكيل النائب العام وحضور النقيب أو من ينيبه. وأرى أنَّ الموضوع هو "صراع كرامات" بين وزارة الداخلية والنقابة، والتوتر الذي حدث سببه تمسك كل طرف بموقفه. والحل الوحيد هو أن تتولى جهة ما الوساطة بين الطرفين لحل الأزمة، وبالفعل شرعت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب في ذلك. كيف ستنتهي هذه الأزمة؟ وفي النهاية نحن أمام أمر قضائي، ومازال أمامنا مرحلتين في التقاضي هما الاستئناف والنقض، وأنا أثق أنَّ الحكم سيُلغى في أحد هاتين المرحلتين لأنَّه مستند إلى أخطاء في فهم موضوع الخلاف، فكيف تُتهم النقابة بإيواء صحفيين قد أفرجت عنهم المحكمة احتياطيًّا على ذمة القضية. ما رأيك في خطاب الأهرام لبعض الصحف برفع قيمة الطباعة بنسبة 80%؟ هذا أمر كان متوقعًا بعد الأزمة الاقتصادية وتعويم الجنيه لأنَّه يتم استيراد خامات الصناعة بالعملة الصعبة من الخارج، كما أنَّ الصحف تستخدم المحروقات في الطباعة والسيارات في التوزيع، وهو ما أدَّى في النهاية إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج. وكيف ستتعامل الصحف مع هذا القرار؟ البعض يرى أنَّ الحل هو أن تدعِّم الدولة الصحافة لكي تواصل عملها، وفي رأيي هذا حل صعب التنفيذ، ولابد من البحث عن حلول أخرى. هل ترى أن تخفيض المرتبات أو تقليل العمالة حلولًا لهذه الأزمة؟ هذه آخر الحلول التي يمكن اللجوء إليها - فآخر الدواء الكيّ، وأنا لا يمكن أن أوافق على حلول من هذا النوع، ولكن من الممكن تقليل عدد الصفحات والاستغناء عن أنواع الورق الفاخر والصفحات الملونة، ومن الممكن أن تتحمل الدولة جزءًا في دعم ورق الصحف، وحتى إذا اضطررنا إلى رفع سعر الصحف يتم بشكل محدود، كي لا نُحمل كل تكلفة الإنتاج على سعر الصحيفة. هل تعتقد أنَّ هناك صحفًا ستتوقف عن الطباعة؟ من الوارد ذلك لأنَّ التوسُّع في صناعة الصحافة اتسم بجانب من العشوائية ولم يكن مدروسًا بشكل كافٍ، ولم يضع في الاعتبار نفقات الإنتاج، حيث أنَّ هناك صحفًا كانت مبنية على المراهنة على أنَّ سوق الإعلانات ستدر دخلاً يغطي النفقات، ولكن حدث ركود في سوق الإعلانات بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر. هل سينتهي عصر الصحافة الورقية في ظل الاعتماد على المواقع الإلكترونية لمعرفة الأخبار وقت حدوثها؟ بالطبع لا.. لكن من الممكن أن يحدث انكماش، وهذا حدث عندما ظهر الراديو وقيل إنَّه سيقضي على الصحافة، وقيل إنَّ التليفزيون سيقضي على الصحافة والراديو، كما أنَّ الصحافة الورقية تغطي موضوعات يعجز التليفزيون أن يغطيها، فالاهتمام أكثر بالرأي والمقالات، وتسعى الصحف أن يكون لديها باقة من الكُتاب اللامعين، وهذا يعطيها فرصة البقاء، لكنها بحاجة إلى تجديد ورؤية مختلفة. كانت هناك مناقشات حول تعديل قانون نقابة الصحفيين للسماح بانضمام الصحفيين الإلكترونيين لعضوية النقابة.. فما هي معاييير وضوابط ذلك؟ هذا اتجاه صحيح، حيث أنَّ الصحف الإلكترونية غير تابعة لأي تنظيم قانوني، كما أنَّ الحكومة لا تعترف بالعاملين فيها، والقانون يضع قواعد للصحف الإلكترونية هي نفسها قواعد الصحف الورقية، وعلى جميع الصحف أن توفق أوضاعها طبقًا لأوضاع القانون الذي سيتفقون عليه. كيف تفسِّر رفض البرلمان إلغاء عقوبة الحبس في جرائم خدش الحياء من قانون العقوبات بل وصل الأمر إلى أن أحد النواب قال "لو نجيب محفوظ كان حيًا سيتم معاقبته"؟ هذا دليل على وجود اتجاه محافظ بالمجلس، واتجاه معادٍ للحرية بشكل عام وحرية الصحافة والإعلام بشكل خاص.. محدش بيحب النقد، ويجب إلغاء هذه العقوبة لأنَّه اتجاه مخالف للدستور، فهناك مادتان يحظر فيهما توقيع عقوبات سالبة للحرية في جرائم النشر. كيف ترى دور لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان؟ تجربتنا الأولى معها ستكون مع الطريقة التي ستتصرف بها مع مشروع قانون الصحافة والإعلام. بعد توصية السيسي في مؤتمر الشباب البرلمان بإصدار قانون الصحافة والإعلام الموحد في حين أنَّه لم يصل من مجلس الدولة للبرلمان حتى الآن.. في رأيك ما سبب تأخيره؟ كانت هناك إدعاءات بأنَّ مجلس الدولة قد أوصى بتقسيم القانون الموحد، ولكن قال المستشار مجدي العجاتي إنَّ الحكومة هي التي اقترحت ذلك, واستقر التقسيم عند قانونين فقط وليس ثلاثة أو أربعة، وتمَّ العدول عن تخصيص قانون لكل مجلس أو هيئة من الهيئات المستقلة المنوط بها تولي شئون الصحافة والإعلام. وسوف ينتهي مع صدور القانون دور المجلس الأعلى للصحافة، وسيحل محله المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي سيتولى شؤون الصحف الخاصة والإعلام المرئي والمسموع والمقروء الخاص والعام، وهناك الهيئة الوطنية للصحافة ستتولى شئون الصحافة المملوكة للدولة.