هذا هو عنوان أغنية شهيرة، أعتقد أنها تعود لمرحلة الستينيات أو السبعينيات من القرن العشرين للثنائى الغنائى المحبوب «جمال وطروب»، وتبدأ الأغنية بأن يقول جمال لطروب «اطلبى واتمنّى»، فترد طروب بدلع «اتمنيت»، فيرد جمال بصوته الرخيم «وعليّا استنى»، فتقول طروب «استنّيت»، فيلاحقها جمال قائلًا «عدّى وقولى 100»، فترد طروب بصوتها الجميل «عدّيت»، فيطلب جمال منها الصبر لمدة أطول، مغنيًا «وكمان شوية»، فتصرخ طروب «ملّيت.. ملّيت»، وهذا بالضبط هو وضع حقوق المرأة فى مصر منذ عقود طويلة، ولكن لا شك أن الأغنية المذكورة تمثّل واقع الحال فى مصر بعد الثورة بشكل لا مواربة فيه، فبينما بدأ مشهد ما بعد ثورة 25 يناير مليئًا بالتفاؤل والأحلام الوردية بعد كل ما قدّمته النساء من أجل نجاح هذه الثورة ومواقفهن الشجاعة والداعمة لهذا الزخم الشعبى وكلنا نتذكّر جيدًا أنه لما قامت الثورة لمّت الستات حالها ومحتالها ونزلت التحرير وباتت فى الشارع، ولما قالوا لها بعد كده روحى صوّتى فى الاستفتاءات والانتخابات راحت ووقفت فى الطوابير بالساعات، علشان تدعم ما تظن أنه الحق والعدل للجميع، وتصوّرت أن إنصافها سيتم لا محالة وأن جميلها سيقدّر وأنها ستحتل مكانتها اللائقة فى وطنها، وسيؤخذ رأيها فى مستقبل بلادها على قدم المساواة. وبالتالى ظنّت النساء حسنات النيّة أنه قد حان وقت التمنّى والطلبات المستحقة، وبالتالى شمّرن عن أكمامهن وكتبن تمنياتهن فى حياة كريمة وحقوق متكافئة وأمن إنسانى، ليتم رفعها إلى الحكومات «الثورية»، وهن على شبه يقين من الاستجابة إليها، لكن ويا للأسف تم الرد عليهن بمنتهى البرود، أنه يلزم عليهن الانتظار وعدم السربعة علشان المسؤولين وراهم حاجات كتير أهم يخلصوها الأول علشان الوطن والاستقرار واللحظة الراهنة والكلام إياه والكليشيهات المعروفة التى لا تودّى ولا تجيب! وعلشان الست المصرية طيبة وبنت حلال فضلت قاعدة صابرة كالعادة وكافية خيرها شرّها مستنيّة الفرج، وبعد أيام طويلة من عقد المفاوضات والوقوف فى الاحتجاجات وحضور المؤتمرات واللقاءات، قالوا لها لسة برضه يا ست الحاجة محتاجين شوية صبر من حضرتك، وعدّى كده على صوابعك وصوابع اللى جنبك لغاية 100 تريليون، وبعد كده ييجى ميعاد حقوق المرأة، فاستجابت الست المصرية الأصيلة علشان خاطر الوطن، وبعد ما خلّصت عدّ الرقم الخُزعبلى ده لمّت صاحباتها وراحت لهم تانى محتجّة على أن حضرات الأحزاب الليبرالية أو المدنية لم تضع نساء على قوائمها وقانون الانتخابات ظلمها، فقالوا لها اصبرى علينا لما ييجى الدستور بتاع 2012، ففوجئت عندها أنها لا دخلت اللجنة التأسيسية وكانت فيها كمالة عدد، ولا الدستور أنصفها، ولكنه نصحها تاخد بالها من عيالها أحسن، ولما رفعت صوتها بالاحتجاج قالوا لها معلهش ده دستور الإخوان الوحشين، ولله الأمر من قبل ومن بعد، واحنا مشغولين علشان 30 يونيو، كمان شوية صبر، لسه مش فاضيين لكى دلوقتى، فسلّمت أمرها لله ولسان حالها يقول فات الكتير ما بقى إلا القليل ونزلت بحماس وإخلاص وأنجزت بجدارة فى 30 يونيو وكل ما تلاه من مظاهرات وخلافه ووزّعت الشربات على أساس أن الإخوان مشيوا وأن الإخوة الليبراليين وبتوع الدولة المدنية الديمقراطية أكيد بقى حينصفوها وتبقى لجنة الخمسين للدستور فيها على الأقل 20 سيدة، لكن لا حياة لمن تنادى، والسادة الرجال الليبراليون عملوا ودن من طين وودن من عجين وكنتيجة لذلك فالنساء من حقّهن أن يفيض بهن من كتر الصبر، ويقتبسن ليس فقط مقولة الجميلة طروب بل أيضًا أغنية الست أم كلثوم الشهيرة «ما تصبرنيش بوعود وكلام معسول وعهود..» إلى آخر الأغنية! والحقيقة أن الست المصرية عدّاها العيب وعملت اللى عليها وزيادة حبّتين، ولم تقصّر داخل البيت وخارج البيت فى دعم زوجها وأولادها وعائلته وعائلتها وأصحابه وأصحابها فى جميع الظروف والأحوال وعلى الحلوة والمرة على حد سواء بلا كلل ولا ملل آناء الليل وأطراف النهار، ولكن للأسف بلا نتيجة، ولا حياة لمن تنادى، وكأننا نؤذّن فى «مالطة»، فنحذّركم الآن أن الكيل قد طفح وأنه قد أعذر من أنذر وسيتم ردّ جميع هذه المظالم بإذن الله فى يوم قريب ستحتاجون فيه إلى أصواتنا فى الانتخابات، وإن غدًا لناظره قريب!