يلتقي مرشحا الرئاسة الأمريكية الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب، مساء اليوم الإثنين، وجهًا لوجه في أول مناظرة انتخابية، إذ يُبدي كل منهما رهانًا مُركزًا على تلك المناظرة لإقناع الناخب الأمريكي، وإظهار أهليتهما للجلوس على مقعد البيت الأبيض. ويتوقع أن تشهد هذه المناظرة نسبة متابعة قياسية، حيث تأتي قبل ستة أسابيع من الانتخابات الرئاسية والمزمع عقدها في نوفمبر المقبل، ورغم كون المناظرة "محطة خطابية"، لا تختلف كثيرًا عن مقابلات صحفية يعقدها المرشحان بشكل منتظم، إلا أن جملة فيها أو جوابًا غير موفق، قد تكون له تبعات وعواقب قاسية على أي من المرشحين، بعد عام شهد حملة انتخابية شرسة لم تخل من المناكفات والاتهامات القاسية بين الإثنين. وتستمر تلك المواجهة نحو 90 دقيقة، وتحضر كلينتون لهذه المقابلة في بيتها، شمالي نيويورك، حتى أنها تخوض تدريبًا مع أقارب لها يقلدون ترامب، ويتكهنون بما يمكن أن يصدر عنه. كيف قام كلينتون وترامب بالتحضير للمناظرة؟ وتراهن كلينتون على نقاط الضعف في شخصية ترامب ونفسيته، وذلك من خلال إظهار عدم قدرته على ضبط نفسه، وهو ما يحتاجه منصب رئيس البلاد بشكل أساسي، فضلًا عن ذلك، حضرت حملة كلينتون قائمة بالأكاذيب المنسوبة للمرشح الجمهوري، لأجل وضعه في موقف ضعف، أما ترامب خصص يومي الجمعة والأحد للاستعداد للمناظرة، لكنه واصل لقاءاته في الأيام الأخرى بما فيها مساء السبت في روانوكي بولاية فيرجينيا. وقال "ترامب": إنه "يشعر بارتياح لأن الاستعداد للمناظرة يتم بشكل جيد جدًا، إلا أن خبرة المرشح الجمهوري معدومة في المناظرات الرئاسية، وسط 90 دقيقة من الضغط المكثف أمام خصم واحد"، حيث قام ترامب بمشاهدة عددًا من المناظرات السابقة لكلينتون كي يطلع أكثر على طريقتها في النقاش، فيما يقول أنصار المرشح الجمهوري إنهم يأملون أن يظل هادئًا ولا ينفعل. أراء الأمريكيين في كلينتون و ترامب تعتبر المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي شاركت في 30 مناظرة سياسية منذ العام 2000، معتادة على تمرين المناظرات وتعرف بالتفوق فيها، فبعد نحو 40 عامًا من الخدمة العامة أصبحت تتقن ملفاتها فيما يجدها 88% من الأمريكيين ذكية، وفق ما أفادت به وكالة "فرانس برس" الفرنسية. لكن 65% من الأمريكيين يرون أن كلينتون تفتقر إلى الصدق فيما يحمل 52% رأيًا سلبيًا بشأن سياستها العقلانية الجافة، حيث تأثرت صورة كلينتون بشكل كبير بعد هجوم ترامب في ملف الرسائل الإلكترونية ومعلومات عن استخدام هبات مؤسسة كلينتون الخيرية مقابل خدمات وعلاقاتها بقطاع المال في وول ستريت. أما ترامب فيعكس صورة سلبية أكثر من كلينتون، فقد أعرب 61% من الأمريكيين عن رأي سلبي حياله، خاصة بسبب شخصيته التي يرونها "عدائية"، وكان المرشح الجمهوري توعد عبر موقع "تويتر" بأن يدعو العشيقة السابقة للرئيس الأسبق بيل كلينتون جينيفر فلاورز، إلى المناظرة، لكن مديرة حملته نفت توجيه دعوة إلى فلاورز. وقال روبي موك، المسؤول عن حملة كلينتون، في تصريح صحفي: إن "ترامب يمضي ساعات على هذا النوع من الأشياء وهذا يظهر أي نوع من القادة سيكون"، مضيفًا أنه لديه خبرة في مجال الترفية، ولكن الرئاسة ليست مسألة ترفيه". سبب أهمية تلك المناظرة أما الشيء الذي يزيد من أهمية هذه المناظرة، أنها تعقد في ظل تقارب نتائج المرشحين في استطلاعات الرأي، إذ كشف أحدث استطلاع نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أن كلينتون تحظى بأفضلية طفيفة بواقع 49 %، مقابل 48 % لترامب. ويفترض أن يثبت ترامب (70 عامًا) أن لديه ما يؤهله لأن يكون رئيسًا للبلاد، أما كلينتون التي تصغره بعامين فعليها التواصل بشكل أفضل مع الناخبين الذين يشككون في صدقها. مدير المناظرة الأولى يكرهه ترامب ويلعب مدير المناظرة الرئاسية في سباق البيت الأبيض دورًا مهمًا في الشكل النهائي الذي تخرج به، ويعهد إليه عادة باختيار النمط الذي تسير عليه بعد اجتماع يعقده مع هيئة تنظيم المناظرات، التي تختار مدير المناظرة، وفق مجموعة من المعايير الصحفية والمهنية. ويدير المناظرة الأولى التي تعقدها جامعة هوفسترا بنيويورك، الاثنين، ليستر هولت، مقدم برنامج "المساء" على شبكة "إن بي سي" الأمريكية. وتم ترشيح هولت مؤقتًا بديلًا لويليامز، لكنه سرعان ما أثبت قدرات صحفية كبيرة، استطاع على إثرها الاستمرار، وصولاً لاختياره مديرًا للمناظرة الرئاسية الأولى في السباق إلى البيت الأبيض، فيما استبق المرشح الجمهوري دونالد ترامب المناظرة بانتقاد هولت، ووصفه ب "الديمقراطي المتحيز"، رغم أن هولت، وفق السجلات الانتخابية، سجَّل جمهوريا في مدينة نيويورك، لكن لم يعلق هولت على مزاعم ترامب، مؤكدًا أنه مشغول بالاستعداد للمناظرة. مواجهات جانبية وبالنظر لما عهده الجميع عن ترامب في مناظرات الانتخابات التمهيدية وأحاديثه التلفزيونية، فإن إمكانية وقوف مدير المناظرة عند عبارات ترامب، والمعلومات التي يسوقها في شرحه للمعضلات والقضايا، قد يؤدي لمواجهة جانبية أخرى بينه وبين هولت، فضلاً عن المواجهة الأساسية مع منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون. أما كلينتون، ورغم خبرتها الأوسع من منافسها ترامب في التعامل مع مديري المناظرات، فإن مشهد مثولها أمام لجنة التحقيق في الكونجرس بشأن الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي ترك انطباعًا راسخًا، بأنه يمكنها أن تعرض وجهة نظرها بحزم، لكن ليس بطريقة مقنعة بشكل كاف. من جانبه عقد أستاذ السياسة العامة في جامعة كولومبيا، بريندان نيهان، مقارنة بين المرشحين فيما يتعلق الأمر بالتعامل مع مدير المناظرة، وخلص إلى أن المواجهة الأولى بين ترامب وكلينتون سيلعب فيها مدير المناظرة دورًا مهمًا، وأوضح نيهان ذلك، أن ترامب يحب الحديث المطلق، غير المعتمد على حجج سياسية أو خطط واضحة، وهو نقيض منافسته كلينتون التي يصفها كثيرون بأنها تتحدث بغير تلقائية، وتكرر جملًا مُعدة سلفًا، وحججًا سياسية مدروسة". هذا التناقض بين المرشحين يراه (نيهان) يفتح المجال لدور بارز لمدير المناظرة الذي ستساهم شخصيته في رسم صورة النقاش والأخذ والرد.