ناقش مجلس النواب، اليوم الإثنين، تقرير لجنة تقصي الحقائق حول فساد القمح خلال الجلسة العامة، حيث حمل التقرير المسئولية السياسية للدكتور خالد حنفي، وزير التموين المستقيل، فيما يتعلق بالفساد والتلاعب في توريدات القمح، فيما وجهت اللجنة الشكر للرئيس السيسي، ووزيري الدفاع والداخلية. وكشف التقرير أن الزيارات الميدانية التي قامت بها اللجنة أثبتت وجود توريدات وهمية، وأن إجمالي العجز في ال9 صوامع وشون التي زارتها بلغ نحو 200 ألف طن، بما يعادل 560 مليون جنيه، فضلًا عن عدم انتظام سجلات الحركة اليومية للصادر والوارد والتفتيش، إلى جانب سوء تخزين الأقماح في الشون، ما يعرضها للتلف وعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي. كما رأت اللجنة أن المسئولية القانونية، سواءً كانت جنائية أو تأديبية أو مدنية، تقع علي العديد من الأطراف، وعلى رأسهم وزير التموين، إلى جانب من تثبت مسئوليته القانونية عن المخالفات التي رصدتها اللجنة في التقرير، من الموظفين العموميين بالوزارات المعنية، وهي: التموين والزراعة والصناعة والتجارة الخارجية، وشركتا المصرية القابضة للصوامع، والعامة للصوامع، التابعتين لوزارة التموين، إضافةً إلى أصحاب مواقع التوريد والتخزين المستأجرة لصالح شركات الوزارة. وأوضحت اللجنة فى تقريرها، أن المعاينات التى تقوم بها الشركة المسوقة للأقماح "التابعة لوزارة التموين" لمراكز التخزين، هي معاينات شكلية وغير منضبطة، حيث تبين أن السعات التخزينية المذكورة فى هذه المعاينات أكبر من السعة التخزينية الفعلية، ما يتيح إدراج كميات مخزون وهمي في الصوامع والبناكر. ووفقًا للتقرير فإنه لم يجري اتباع شروط التخزين السليمة في أغلب البناكر والشون التى تفقدتها اللجنة، حيث كان التخزين عشوائى وغير مطابق للشروط، واكتشفت شبهات تزوير فى كشوف الحصر الفعلى للزراعات، والتى يتم تسليم الأقماح المحلية بمقتضاها، إلى جانب اتباع أسلوب يطلق عليه "الكشف الدوار"، حيث يستخدم هذا الكشف فى إجراءات التسليم الورقى لعدة مواقع توريد وتخزين. وبالرجوع لعدد من الإدارات الزراعية المثبت أسماؤها فى كشوف الحصر، طبقا لمواقعها الجغرافية، تبين أنها لم تقم بتوريد الأقماح لأماكن التخزين التى تمت زيارتها، وذلك بموجب خطابات رسمية صدرت من مديريات الزراعة ، ما يعنى أن كافة إجراءات التوريد والتسليم كانت مزورة، وهو ما يعنى بدوره أن القيمة النقدية للكميات الموردة بصورة وهمية لم تصل إلى مستحقيها. وقالت اللجنة أيضًا إن "الجهات المسوقة لمحصول القمح المحلي "موسم 2016" لم تلتزم باستغلال كافة السعات التخزينية لديها أولا، فنجد إجمالي السعة التخزينية المتاحة لدى الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين يبلغ مليون طن تقريبا، في حين أن الذي تم إشغاله في تلك السعات بالقمح المحلي بلغ نحو 307 أطنان، بنسبة إشغال 29.7%، وهو ما حاول إخفاءه رئيس مجلس إدارة الشركة وقياداتها. وأضافت اللجنة أن "عدم استغلال السعات التخزينية الكاملة أدى إلى تحمل الشركة لخسائر كبيرة، نتيجة إهدار تلك السعات، إضافةً إلى تحملها تكاليف الإيجار من القطاع الخاص، وهو ما يمثل إهدارا كبيرا للمال العام. وأوصت لجنة تقصي الحقائق بمراجعة مسئوليات أجهزة وزارة التموين عن أعمال الرقابة والإشراف والمتابعة، ومدى الالتزام بها، حيث تبين للجنة أن "هناك قصور في هذه الأعمال، نتج عنه تعدد المنافذ الباعثة على الفساد، ومن خلال جلسات الاستماع تعددت وتنوعت الأعذار والمسئوليات، وهو ما يحتم اتخاذ اللازم نحو حوكمة إدارة هذه الأجهزة". وأوصى التقرير أيضًا بضرورة التصوير الجوى لجميع الأراضى الزراعية فى الجمهورية، لتحديد زمام كل قرية، للقضاء على الحيازات الوهمية، ثم إعادة تصحيح الحيازات الزراعية طبقًا للزمام الجديد بالمساحات الفعلية. كما شددت اللجنة على سرعة تفعيل منظومة "كارت الفلاح"، التى يجرى إعدادها بالتعاون بين وزارتي الزراعة والإنتاج الحربى، بالإضافة إلى إرساء ضوابط للعمل بها فى الإدارات الزراعية المختلفة، لضمان الحصر الفعلى للحاصلات الزراعية المنزرعة فعليًا فى كل موسم زراعى، بجانب ضرورة اتخاذ خطوات فعلية نحو تفعيل نظام التسويق التعاقدى من خلال وزارة الزراعة، وربطه بمنظومة توزيع الأسمدة المدعمة، من خلال رؤية إستراتيجية للاحتياجات الفعلية للحاصلات الأساسية. وفى نفس السياق، أوصت اللجنة بضرورة الدعم المباشر من الدولة للفلاح دون وسطاء، بموجب الحيازات الفعلية والحصر الفعلى، عن طريق فروع بنك التنمية والائتمان الزراعى، أو عن طريق شبكة مكاتب هيئة البريد المنتشرة فى أنحاء الجمهورية، مع ضرورة العمل على سرعة تطوير الشون الترابية، وتحويلها إلى مراكز للتخزين بالمواصفات والاشتراطات التى تضمن سلامة الحاصلات الزراعية، باستخدام الطرق التكنولوجية الحديثة. كما طالب التقرير بتحديث وتفعيل دور مراكز البحوث الزراعية، لإنتاج تقاوى القمح وإلزام المزارعين باستخدامها دون غيرها من التقاوى مجهولة المصدر، إلى جانب سرعة تشكيل لجان حصر لكميات الأقماح المحلية الموردة والمخزنة في المواقع المملوكة لشركات القطاع الخاص، والمؤجرة للشركات التابعة لوزارة التموين، وذلك تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، مع تحديد كميات العجز وقيمتها المالية إن وجدت، وسحب عينات للتأكد من مطابقتها للمواصفات. وفي النهاية أكدت اللجنة ضرورة أن تكون هذه المراكز مزودة بنظام إلكتروني لرقابة المخزون، ومرتبطة بشبكة متصلة بكافة مراكز التخزين، مع تدريب وإعداد العمالة الفنية على التكنولوجيا الحديثة، لتأهيلها للمراقبة والفرز والتفتيش علي مراكز تخزين القمح. وأوصت لجنة تقصي الحقائق بإحالة التقرير ومرفقاته، وكل البيانات والمستندات التى تحصلت عليها إلى النائب العام، وجهاز الكسب غير المشروع، وغيرها من جهات التحقيق.