سلطت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، الضوء على الحالة الاقتصادية بمصر، قائلة: إن "الجنيه وصل إلى أدنى مستوى له في السوق السوداء، إضافة إلى نقص الدولار بالسوق، وانخفاض الاحتياطي النقدي ليغطي ثلاثة أشهر فقط من الواردات، فضلًا عن اتساع العجز في الحساب الجاري، في ضوء ما سبق تتزايد الضغوط على مصر والتي تعتبر أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان لخفض قيمة الجنيه لتخفيف نقص الدولار". وأضافت "الوكالة" أنه لهذا الأمر الذي دفع المسؤولين لطلب المساعدة من صندوق النقد الدولي، مستشهدة بقول الرئيس عبد الفتاح السيسي في مقابلة له هذا الأسبوع، بأن مصر تتحرك لوضع حد لمشكلة سعر الصرف خلال أشهر كجزء من خطتها لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية". ووضعت "بلومبرج" عدة سيناريوهات محتملة للسياسة النقدية بمصر وآفاقها لوقف نقص الدولار، وزيادة استقرار سعر الصرف. تعويم الجنيه أوضحت الوكالة أن أول سيناريو أمام الحكومة المصرية هو (تعويم الجنيه) مثلما فعلت "نيجيريا"، عندما رضخ صانعو السياسات لضغوط السوق، إذ كان تداول الدولار في السوق السوداء ما يقرب من 50% أقل من سعر الصرف الرسمي قبل رفع الضوابط، وتم خفض قيمة العملة المحلية بنسبة 30%، وقد ضعفت منذ ذلك الحين بنحو 10%. وأضافت أن الذهاب مباشرة إلى التعويم الحر "ممكن" بالنسبة لمصر لكنه محفوف بالمخاطر"، ونقلت عن ريهام الدسوقي، كبير الاقتصاديين في شركة أرقام كابيتال: إن "التعويم الحر يتطلب أيضًا أن يكون لدى المواطنين الثقة في الحكومة بحيث يضخوا حيازاتهم من العملة الأجنبية في القنوات الرسمية". وتوقع ستة اقتصاديين، استطلعت وكالة بلومبرج آرائهم، ألا تتحرك مصر مباشرة إلى التعويم الكامل. العلاج بالصدمة وقالت "بلومبرج": إن "مصر يمكنها تكرار محاولتها السابقة في جذب رأس المال الأجنبي خلال مارس الماضي، حينما خفض البنك المركزي الجنيه إلى أكبر نسبة منذ 13 عامًا، وخففت ضوابط رأس المال، ورفعت أسعار الفائدة وعرضت على المشترين الأجانب "حماية" ضد انخفاض قيمة العملة في المستقبل. من جانبه أفاد جيسون توفي، خبير اقتصادى في الشرق الأوسط في شركة "كابيتال ايكونوميكس" في لندن، أن الاستراتيجية فشلت في جذب التدفقات النقدية ولا تزال الحيازات الأجنبية للسندات المحلية قريبة من الصفر مقارنة بنحو 10 مليارات دولار نهاية عام 2010"، مضيفًا أن صناع السياسة ينبغي عليهم قدر الإمكان تطبيق التعويم الكامل، وأن أي شىء أقل من ذلك قد لا يكون مرضيًا لصندوق النقد الدولي، وبالتأكيد لن يكون مرضيًا أيضًا للمستثمرين". وأشارت "الدسوقي" إلى أن هذه الخطوة يمكن أن تعمل في هذا الوقت إذا تم تخفيض قيمة العملة بدرجة كبيرة، وامتلك البنك المركزي المزيد من الأموال لتغيير النظرة إلى الجنيه. التعويم المدار وخفضت مصر قيمة عملتها بنحو 25% في عام 2003، حيث سمح البنك المركزي للجنيه بالتحرك، لكن مع ضخ مستمر للدولارات في النظام المصرفي للحفاظ على بعض السيطرة على قيمتها، واستمرت تلك السياسة لمدة عشر سنوات، وهي الفترة التي اجتذبت مصر مليارات الدولارات إلى أسواق الديون والأسهم، وبناء 36 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية بحلول نهاية عام 2010، لكن تلك السياسة انتهت في ديسمبر 2012. وتنتظر مصر والتي تعتبر ثالث أكبر اقتصاد في أفريقيا، الموافقة النهائية لقرض صندوق النقد الدولي للمساعدة في مساندة سعر الصرف، فيما قال محمد أبو باشا، اقتصادي يعمل لدى المجموعة المالية القابضة "هيرميس": إنه "من شأن الحزمة التي قد تبلغ قيمتها 8 مليارات دولار، والتي قد تأتي من الصندوق وغيره من المؤسسات الأخرى في أكتوبر المقبل، أن تتيح للبنك المركزي تنفيذ تخفيض قيمة العملة لمرة واحدة قبل السماح لسوق ما بين البنوك في المساعدة بضبط سعر الصرف. من جانبه صرح هانى جنينة، رئيس قسم الأبحاث في "بلتون" المالية والذى تنبأ بخفض البنك المركزي قيمة الجنيه في مارس الماضى "سيكون لدينا نظام تعويم مُدار قبل نهاية العام، وهو ما يعني أننا سنشهد تقلبات أسبوعية في الجنيه”. خفض قيمة العملة تدريجيًا قال آلان كاميرون، اقتصادي لدى "إيكسوتيكس بارتنرز" في لندن: إنه "من المرجح أن تضعف مصر عملتها تدريجيًا خلال المستقبل القريب"، مضيفًا "ما زال هناك مقاومة فكرية داخل الدوائر السياسة لتحرير واسع النطاق لنظام العملة، وذلك نظرًا لاستقرار سعر الصرف على أنه مقياس لاستقرار النظام". وتابع "كاميرون" أن هذه الاستراتيجية لا تعني بالضرورة اختفاء السوق السوداء، ولكن السؤال هو هل يمكن تضييق هذه الفجوة إلى مستوى مقبول بنحو 10% على سبيل المثال؟ مضيفًا أنه يجرى تداول الجنيه في السوق السوداء بسعر منخفض بنسبة 30% أمس الثلاثاء. المساعدات الخليجية تقول الوكالة: إن "مصر لديها تاريخ من التراجع عن التغييرات الاقتصادية إذا كانت ستثير رد الفعل الشعبي والذي يعود تاريخه إلى عام 1977 عندما ألغت الحكومة الزيادة في سعر الخبز بعد اندلاع أعمال الشغب"، مضيفة أنه في الوقت نفسه فإن تدفق المساعدات الخليجية رفع بعض توقعات المستثمرين العام الماضي بأن الدولة يمكنها اعتماد سعر صرف أكثر مرونة، ولكن هذا لم يتحقق . واختتمت أن مصر تصارع بالفعل واحدة من أعلى معدلات التضخم السنوية في منطقة الشرق الأوسط والتي بلغت 14%، ويدعم البنك المركزى الجنيه لتخفيف الضغط على ما يقرب من نسبة 50% من سكان مصر الذين يعيشون تحت أو قرب خط الفقر. فيما نوه "جنينة"" إلى أن الفشل في خفض قيمة الجنيه من المرجح أن يمنع صفقة صندوق النقد الدولي، وبيع سندات اليورو ستصبح مكلفة للغاية، وسيتم حظر الاستثمارالأجنبي، مضيفًا أن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار، وعدم التخفيض سيكون بمثابة تأجيل لا مفر منه، وبدلًا من القيام بذلك بدعم من تمويل صندوق النقد الدولي، ستضطر الدولة إلى القيام بذلك بدونه".