عبد المعز: أمتهن طبخ العسل وأتحمل قسوته خشية اندثار مهنة الأجداد إنه العسل المر، فحتى يصير عسلا، يتذوق صانعوه مرارة ومشقة تفوق حلاوته مرات عديدة، بداية من النقل والعصير، إلى الطبخ، وصولا إلى التنقية من الشوائب، لتكون المعادلة العجيبة، جهد وعناء، إضافة للحرارة، تساوى عسلًا. رغم أنه ما زال فى العقد الرابع من عمره، إلا أن قسوة مهنته ك"طباخ" للعسل، أضفت على ملامحه سنوات لم يعشها بعد، ورغم أنه تخرج فى جامعة الأزهر، إلا أن ارتباطه بهذه الصناعة البدائية حال بينه وبين الحصول على وظيفة حكومية طالما ظل يحلم بها. يقول أحمد طاهر عبد المعز، الذى يعيش بقرية زليتم التابعة لقرية الغربى بهجورة بمركز نجع حمادى شمال محافظة قنا، إنه يمتهن صناعة العسل الأسود و"طبخه" منذ أن جاء إلى الدنيا، وعلى حد تعبيره، فقد كان ارتباطه بهذه المهنة، نزولا عند رغبة القدر، حيث إن جميع إخوته اتجهوا للعمل فى مجالات أخرى، لكنه آثر الحفاظ على تراث عائلته وعدم ترك هذه الصناعة عرضة للاندثار. يتحدث عبد المعز عن مراحل صناعة العسل، التى يرى أنها من أصعب الصناعات وأكثرها تعقيدًا، حيث تحتاج إلى مجهود كبير ودقة متناهية، كما تتطلب فريق عمل يقوم كل فرد فيه بدور مختلف. تبدأ أولى الخطوات، وفق رواية عبد المعز، عند وصول القصب إلى العصارة عن طريق السيارات أو الجمال، فتقوم مجموعة النقل بحمله فوق أكتافهم إلى ماكينة العصير، حيث يتم عصره مخلفا أكواما من "المصاص" تقوم المجموعة ذاتها بنقل هذه الأكوام إلى أطراف العصارة حتى تجف بفعل حرارة الشمس، لتستخدم مجددا فى إشعال فرن العسل، ليأتى الدور الأكثر قسوة ل"الحمّاى" الذى يظل فى مواجهة النيران واقفًا لساعات طويلة دون توقف يعمل على تقديم القش لفم الفرن الذى لا يشبع. يستطرد عبد المعز موضحا سير العصير عبر مواسير ماكينة العصر إلى أحواض الطبخ، التى يشرف عليها، حيث يظل منتبها لساعات طويلة، تكون مهمته فيها مراقبة نضج العسل وعمل اختبارات له، حتى يكتمل نضجه، متحملًا الحرارة العالية التى تصل إلى 360 درجة مئوية. ويذكر عبد المعز أنه على الرغم من المشقة التى يلاقيها فى العمل، إلا أن شعوره بأنه واحد من فريق العمل الذى يتحمل عبء تنفيذ ذلك البرنامج الشاق، يجعله يقوم بمهمته على الوجه الأمثل. بعد إتمام نضج العسل، كما أردف عبد المعز، ينقل إلى أحواض التبريد لمدة 48 ساعة، وتأتى المرحلة الأخيرة، وهى تنقية العسل من الشوائب لئلا يفسد، ويشير سيد إلى أن العسل من المأكولات النظيفة التى لا يجب أن تحتوى على أية شوائب، وتابع سيد بعد ذلك يتم تعبئة العسل فى أوان فخارية أو صفيح استعدادا لبيعه. ويشير نافع عبد الرؤوف، مالك مصنع عسل بقنا، إلى أنه رغم تاريخ صناعة العسل الأسود وأهميتها، إلا أنها تواجه الآن العديد من المعوقات، تجعلها تشارف على الاندثار، منها قلة العمالة وارتفاع أجورها، وكذلك أسعار النقل، وصولا إلى الاحتكار الذى يساهم بدوره فى زيادة سعر العسل. * صناعة العسل (10) * صناعة العسل * صناعة العسل (2) * صناعة العسل (8) * صناعة العسل (7) * صناعة العسل (3) * صناعة العسل (6) * صناعة العسل (5) * صناعة العسل (1) * صناعة العسل (4)