"من عسل نجع حماد كل وهادي" هذه العبارة التي يستخدمها باعة وتجار العسل الأسود في المحافظات الكبري "القاهرة والإسكندرية" وربما خارج حدود القطر المصري في دول الخليج العربي الكويت وقطر والإمارات والسعودية تكاد تختفي تماماً نظراً لما تعانيه صناعة العسل الأسود المشهورة بها كافة مدن محافظة قنا وبالأخص مدينة ومركز نجع حمادي من التراجع لعدة أسباب يرويها للمساء أصحاب عصارات وتجار العسل الأسود أهم وأشهر الصناعات القائمة علي قصب السكر. حاورت "المساء" بعض المهتمين بصناعة العسل الأسود وتجارته فمنهم من هجر هذه المهنة رغم انها مهنة الأباء والأجداد ومنهم من يزال يعمل في كافة أعمالها من كسر لمحصول القصب ونقل وعصر وطبخ وبيع وتجارة العسل رغم تردي دخل هذه المهنة الشاقة إضافة إلي تجارة القصب. تقول خالد عبدالمجيد رمضان - تاجر قصب مشهور بمركز نجع حمادي ومقيم في منطقة أولاد نجم القبلية: كنا نملك أشهر عصارة قصب لإنتاج العسل الأسود في المنطقة "عصارة بيت أبورمضان" منذ ما يقرب من 70 سنة حيث كانت العمالة رخيصة ومتوفرة جداً إضافة إلي أن سعر قيراط القصب كان لا يتعدي 50 جنيها وكان قنطار العسل 45 كيلو جراما يباع وقتها ب20 جنيها.. كانت العصارات في هذا الوقت تحقق أرباحا كبيرة. يضيف: اليوم تغير الحال تماما. العمالة أصبحت عملة نادرة وقيراط القصب تعدي ال650 جنيها وقنطار العسل تجاوز ال260 جنيها مؤكداً انه الآن يفضل بيع القصب "عيدان" لمحلات العصير بالقاهرة والإسكندرية والغردقة.. ويقول نشأت عياد اسطفانوس وكيل مدرسة اعدادي وصاحب عصارة الباخوم بالرحمانية قبلي مركز نجع حمادي: أسعار القصب أصبحت نارا والعمالة المتخصصة في صناعة العسل غير موجودة ولو كان هناك بعض العمال الصغار فالأجرة تزايدت عشرات المرات أي بلغت من 70 - 80 جنيها في اليوم. ويضيف انه فضل التوقف عن العصير هذا العام نظراً للارتفاع الجنوني في تكلفة العسل مؤكداً أن المستهلك رغم أهمية وقيمة العسل الأسود لما فيه من فيتامينات وحديد وسكريات عالية إلا أنه يرفض زيادة السعر علي 5 جنيهات للكيلو وهو سعر العام الماضي. يؤكد الحاج بهاء حسن عبدالنعيم رجل أعمال وصاحب عصارة "عبدالنعيم" بالشرقي بهجورة أقدم عصارات العسل الأسود في محافظة قنا أنه وأسرته فضل إيجار العصارة لبعض العارفين بأمور العصير والعسل عندما ارتفعت اسعار القصب وزادت أجرة العامل المتخصص واكتفي بالقيمة الإيجارية موضحا أنه سيسعي هو والورثة إلي تقسيمها إلي مبان نظراً لأزمة الاسكان. ويؤكد الحاج محروس يوسف أشهر رجال الأعمال في محافظة قنا يعمل في تجارة العسل الأسود وتصديره إلي بعض الدول العربية ان سوق العسل الأسود الآن في تراجع لم يحدث من قبل نظراً لارتفاع التكلفة وندرة العمالة وتراجع عدد العصارات خلال الاعوام الماضية من 1900 عصارة إلي أقل من 300 عصارة مضيفاً ان صناعة العسل الأسود وتجارته تجري بصورة عشوائية مطالباً وزارتي الاستثمار والصناعة والتجارة الخارجية بالتدخل كذلك الصندوق الاجتماعي وشركات السكر لمساندة أصحاب العصارات ودعمهم ماليا سواء من خلال قروض أو دراساات جدوي أو تحديد العصارات وكذلك دعم التجار الصغار وتوفير وسائل نقل لأن العسل الأسود مطلوب في العديد من الدول العربية والأوروبية وسائر الدول الأخري. التقت "المساء" أيضا ببعض الأفراد العاملين في مجال عصارات العسل يقول أحمد نجم من العيايشة مركز قوص: إن ارتفاع الاسعار وظروف الحياة الحالية تغيرت تماماً مؤكداً أن لديه أبناء في التعليم وكل ظروف الحياة في ارتفاع فكيف بالعامل الذي يعمل أمام أفران العسل أو علي السير في عمل شاق لأكثر من 15 ساعة في اليوم.. في نفس الوقت فإن مرتبات عمال شركة السكر أصبحت فلكية وتجاوزت ال5 آلاف جنيه ومكافأة نهاية الخدمة تقترب من المليون.. ويقول حساني محمد عامل من منطقة أولاد نجم بهجورة إن عمال العصارات الذين يعملون في حقل العسل الأسود هربوا من هذا العمل نظراً لصعوبته ولهروب أصحاب العصارات من التأمين عليهم نظراً لارتفاع التكلفة وأي عامل يصاب أو يتعطل لايجد من يعوله .