وصل الأهلي لقمة جدول الترتيب في الدوري المصري بالفوز تحت قيادة زيزو نفسه في الثلاث مباريات السابقة لمباراة القمة محققًا من خلالها العلامة الكاملة ومحتفظاً بشباك نظيفة كذلك. بعد ذلك جاء الدور على الزمالك ليؤكد الأهلي صدارته من خلال تلك المباراة ليس إلا وهي التي كانت الأصعب نظرياً ولكن فعلياً وداخل المستطيل الأخضر كانت أسهل من مباريات أخرى كثيرة. في بداية رحلة الاحتفاظ بالقمة وباستهلال مباريات الدور الثاني فشل الأهلي في الفوز علي طلائع الجيش.. فلماذا حدث ذلك وصارت القمة مهددة بانخفاض فارق النقاط؟. ما قبل المباراة السبب الأهم وهو ما قد يكون مؤدياً لكل ما يلي من أسباب أو نتائج حسبما أردت تسميتها.. حالة النشوة بالانتصار علي الزمالك المبالغ فيها من الجميع والتي أدت ربما لفقدان الحافز وهنا يمكن استعراض ثلاثة مشاهد للتدليل على ذلك. المشهد الأول.. في اليوم التالي لمباراة الزمالك تواجد مدير الكرة وأحد اللاعبين في برنامجين مختلفين على الهواء مباشرة للاحتفال بالفوز في القمة والتحدث عن ملابسات ذلك حتى مطلع الفجر. المشهد الثاني.. مجموعة من اللاعبين يتناوبون على إجراء الحوارات الصحفية والمداخلات الهاتفية في البرامج الحوارية احتفالاً بنفس الحدث وكأن الأهلي قد فاز ببطولة الدوري.. المشهد الثالث.. رئيس النادي المُعين يتواجد في المران ويقوم بتبادل الأحاديث الضاحكة والتهاني مع اللاعبين احتفالاً بالفوز كذلك مع صرف مكافأة إجادة ويبدو أن بطولة الدوري قد حُسمت.. الأسباب الفنية وراء التعادل.. الفريق العسكري لا يختلف كثيراً عن سابقيِه من الفرق التي حقق الأهلي الفوز عليها ولكن فشل الأهلي في تحقيق ذلك لعدة أسباب منها ما حدث قبل المباراة أو خلال أحداثها رغم الاعتماد على نفس تشكيل مباراة القمة إلا المصابين في ظل رسم تكتيكي 4-3-3 (4-3-2-1).. السبب الأول.. انخفاض معدلات ضغط الفريق على لاعبي المنافس قياساً بالمباريات السابقة.. غياب حسام عاشور وبديله الدفاعي أحمد فتحي أدي لما حدث فكلاهما يمتلك القدرة علي التمركز الدفاعي بشكل جيد وتنظيم خطوط الفريق الدفاعية عن طريق الحركية وتبادل الأدوار. مع غياب اللاعبين المذكورين خاف الفريق من انفتاح خطوطه إن بادر بالضغط المتقدم وبالتالي كان الاختيار الأكثر أماناً هو انتظار المنافس في منتصف ملعب الأهلي.. مع مرور دقائق المباراة بادر الأهلي بالضغط المتقدم وهو الذي لم يكن بالشكل الأمثل كذلك ودائماً بعدد أقل من المطلوب لاستخلاص الكرة.. السبب الثاني.. الأهلي دخل المباراة بمهاجم وحيد مثلما واجه الزمالك ولكنه فعلياً خسر كل الثنائيات داخل منطقة فريق الطلائع لغياب العدد الكافي من المهاجمين وكذلك غياب القدرات الهجومية المميزة عن لاعبي الوسط المُكلفين بمهام هجومية.. القضاء على المنافس كان يتطلب إشتراك مهاجمين مثلما حدث أمام الاتحاد والإسماعيلي وإنبي.. منطقة الصراع الحقيقية ستكون في صندوق الفريق العسكري المتكتل وليست في منتصف الملعب مثلما كان الحال في مواجهة الزمالك.. السبب الثالث.. الإنهاء السييء للهجمات وعدم التركيز في اللمسة الأخيرة وذلك بسبب ابتعاد المهاجم الوحيد إيڤونا عن مستواه وهروبه المتكرر من الرقابة لخارج المنطقة.. كذلك لاعبو الوسط المندفعون لا يمتلكون الحس التهديفي بنفس قدر المهاجمين ولتأكيد ذلك يمكن مراجعة فرص حسام غالي ومؤمن زكريا الضائعة في ضوء أماكن تمركزهم والوضع التشريحي لأجسادهم عند اللمسة الأخيرة.. السبب الرابع.. سوء إدارة المباراة من ناحية تأخير التغييرات وعيوب اختيار اللاعبين البدلاء كذلك.. عند قراءة المباراة مبكراً تدرك مدي ابتعاد وتراجع مستوي غالي والسعيد مع البطء الشديد في التمرير وتبادل المراكز.. هنا كان يجب التدخل فنياً بإخراج أحدهما والدفع بمهاجم ثاني ليجاور إيڤونا وتصبح طريقة اللعب 4-2-2-2 بتواجد غالي أو السعيد مع السولية في منتصف الملعب وعلى الطرفين مؤمن ورمضان.. إن استمرت حالة التعادل كان من الممكن اشتراك جناح مهاجم صريح بدلاً من مؤمن زكريا التائه بعد أدائه الكبير أمام الزمالك على أن يتحول رمضان لصانع لعب صريح وتتحول معه طريقة اللعب إلي 4-2-1-3.. الحل السابق عرضه هو في الحقيقة رفاهية قد لا يملكها الجهاز الفني للأهلي لسوء اختيار قائمة المباراة المتكرر.. الأهلي يملك بين صفوفه ثلاثة أجنحة تم إعارة أحدهم (محمد حمدي زكي) والثاني مصاب (وليد سليمان) أما الثالث وهو أحمد الشيخ خارج الحسابات تماماً بينما يتواجد ثلاثة مدافعين مثلاً في قائمة البدلاء.. إرث بيسيرو لا يخفي على المتابعين أن المدير الفني السابق للفريق البرتغالي جوزيه بيسيرو قد ترك خلفه إرثاً حميداً لازال الفريق يتمتع به حتي اليوم.. البرتغالي كان له تأثير كبير علي ارتفاع اللياقة البدنية للفريق وكذلك إجادة التمركز في المواقف الدفاعية والهجومية وإن كان عيبه القاتل هو سوء إدارة المباريات والنواحي التكتيكية الفقيرة.. مخزون بيسيرو البدني الذي تركه في الفريق بدأ ينضب بالاعتماد على مدرب أحمال لا يرقي للمستوي المطلوب.. كذلك بدأ اللاعبون في نسيان التعليمات الفنية الخاصة بالتمركز وصارت العودة لبرامجه التدريبية أمراً مُلحاً.. الأمر في يد مجلس الإدارة بكل تأكيد لتدارك ذلك.. كلمة أخيرة قال ألبرت أينشتاين يوماً ما في تعريفه للجنون (أو الغباء بحسب وصف البعض) أنه تكرار فعل الشيء نفسه لأكثر من مرة مع انتظار نتائج مختلفة.. يبدو أن الجملة السابقة لم تستوقف أحداً داخل مجلس إدارة النادي الأهلي.. إن استوقفت أحدهم تلك العبارة السابقة فيجب عليه الإجابة عن السؤال التالي.. فيما يختلف زيزو عن مبروك ليتم الاستقرار عليه مديراً فنياً في تكرار لتجربة الأخير غير الناجحة شكلاً وموضوعًا؟. يبدو أن طموح الشخص من مستوي ثقافته الاجتماعية.. أعضاء مجلس إدارة الأهلي يتوقف سقف طموحاتهم عند الظهور الإعلامي والزج بأسمائهم في المداخلات الهاتفية للتحدث عن إنجازات فرق السباحة والنادي الاجتماعي.. إذن الأمر ليس بغريب عند الاستقرار على مدير فني بحجم تلك الطموحات أقصي ما يستطيعه بعد كل هذا الإنفاق هو الفوز ببطولة الدوري المحلي وبصعوبة بالغة أيضاً.