كتبت- بسمة مصطفى: رغم أن مصر أكبر بلد مستورد للقمح فى العالم فإنها تتجه نحو أزمة تهدد مخزونها الاحتياطى من القمح بعد قرار جماعى من موردى القمح برفض المناقصة التى طرحتها الحكومة وسط خوف وقلق من قواعد الاستيراد الجديدة، وأكدت الهيئة العامة للسلع التموينية المصرية أنها لم تتلق أى عروض فى المناقصة التى طرحتها، وقالت فى بيان إنها تبحث الآن استيراد ثلاثة ملايين طن من القمح خارج نظام المناقصات. مخزون القمح والمساحات المنزرعة ورغم ذلك يؤكد الدكتور خالد حنفى، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن الاحتياطى الاستراتيجى من القمح لإنتاج الخبز المدعم يكفى حتى منتصف شهر مايو المقبل, نافيًا تأثر المخزون بالشحنات التى يتم رفضها، التى كانت آخرها شحنة القمح الروسى. وأوضح، أن هيئة السلع التموينية بوزارة التموين تعاقدت على شراء 240 ألف طن قمح فرنسى من خلال المناقصة العالمية رقم 19 فى ميزانية العام المالى الحالى، وشاركت فيها شركات محلية ودولية، مضيفًا أن الكميات التى تم التعاقد عليها بمتوسط سعر 256 دولارًا و10 سنتات لكل طن، على أن يتم التوريد من يوم 19 من شهر فبراير المقبل ولمدة 10 أيام. وكشف تقرير رسمى، عن شئون المديريات بوزارة الزراعة على مستوى الجمهورية، عن حجم المساحات المنزرعة بالقمح هذا الموسم، والتى بلغت حتى الآن 3 ملايين و355 ألف فدان. الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضى والمياه بجامعة القاهرة، يكذب تقرير الوزارة قائلًا: "اتقوا ربنا وبطلوا كذب على الفلاح البسيط"، مؤكدا أن مساحة مصر الزراعية 8 ملايين ونصف فدان، لافتًا إلى أن الفلاح يوفر محصول البرسيم للعجول والمواشى قبل زراعة المحاصيل الخاصة بالموسم الزراعى، التى تصل إلى 4 ملايين فدان، إضافة إلى 2 ونصف مليون فدان زراعات مستديمة من الخضراوات والفاكهة، ومليون فدان من البنجر السكر، لتصل بذلك المساحة ل7 ملايين ونصف فدان، ليتبقى مليون فدان للقمح، مشيرًا إلى أن خسائر الفلاح لهذا العام من محصول القمح تصل ل2000 جنيه للفدان الواحد بواقع 117 جنيهًا للإردب الواحد. إجراءات لدعم مزارعى القمح أعلنت الحكومة المصرية، عن عزمها شراء القمح من المزارعين المحليين بمتوسط السعر العالمى اعتبارًا من الموسم القادم، فى تغيير يهدف إلى منع تهريب القمح المستورد. وقال بيان لمجلس الوزراء المصرى: "إن النظام الجديد يقضى بدعم مزارعى القمح مباشرة عبر منحهم 1300 جنيه مصرى (161.89 دولار) للفدان بحد أقصى 25 فدانًا للمزارع الواحد". وكانت الحكومة تشترى القمح بأعلى من السعر العالمى لتشجيع المزارعين على زراعة القمح، لكن ذلك دفع البعض إلى تهريب القمح الروسى وبيعه إلى الحكومة على أنه محلى للاستفادة من فارق السعر. وفى موسم 2014-2015، بلغت توريدات القمح المحلية إلى الحكومة 5.3 مليون طن، ارتفاعًا من 3.7 مليون طن فى الموسم السابق. بينما انتقد خبراء ذلك القراء، مؤكدين أنه يضر بالفلاح، ويخدم مافيا الاستيراد. ووصف، نقيب الفلاحين، فريد واصل، قرار الحكومة بغير المدروس والكارثى، وسوف يؤدى إلى تراجع المساحات المنزرعة الموسم الحالى ل800 ألف فدان. وأضاف أن القرار يخدم مافيا تجار المستوردين، ويساهم فى عدم تشجيع الفلاح على زيادة المساحات المنزرعة، لافتًا إلى أن ربط سعر القمح بالأسعار العالمية يصل بقيمة الإردب الواحد إلى 340 جنيهًا فقط، بدلا من أسعار التوريد التى تراجعت عنها الدولة، وهى 420 جنيهًا للإردب. من جانبه أكد مجدى الشراكى رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعى، أن القرار سيؤدى إلى تدهور المحصول الاستراتيجى. ولفت إلى أنه بسبب القرار سيلجأ المزارع إلى طحن المحصول وتقديمه كعلف للطيور والمواشى، لانخفاض سعره الحالى عن الأعلاف. وطالب البرلمان بسؤال الحكومة أين تطبيق المادة 29 من الدستور التى تلزم بتسويق المحاصيل بأسعار مناسبة وتحقيق هامش ربح للفلاحين؟ وانتقد النائب هيثم الحريرى، عضو مجلس النواب، قرار الحكومة بتحديد دعم لزراعة القمح بمبلغ 1300 جنيه للفدان بمتوسط 18 إردبًا للفدان يعنى حوالى 75 جنيهًا للإردب، على أن يتم توريد القمح بالسعر العالمى حوالى 250 جنيهًا. وأضاف عبر حسابة الشخصى على "فيسبوك": فى العام الماضى كانت الحكومة تشترى القمح ب420 للإردب وكان السعر العالمى للإردب حوالى 240 جنيها، وطبعا كان فى مستوردين ويريدون القمح المستورد بعد خلطه بالقمح المصرى ويستفيدون بفارق السعر ويسرقون دعم الحكومة للقمح وأشار الحريرى إلى أن الحكومة قررت أنها تعدم القمح المصرى فقامت بتحديد دعم لزراعة القمح بمبلغ 1300 جنيه للفدان بمتوسط 18 إردبًا للفدان يعنى حوالى 75 جنيها للإردب، على أن يتم توريد القمح بالسعر العالمى حوالى 250 جنيهًا.. هذا يعنى خسارة هائلة لزارعى القمح المصرى، وهذه الطريقة تعنى إصلاح الخطأ بخطيئة أكبر منها. قمح الأرجوت أنهى وزير التموين والتجارة الداخلية الجدل حول أزمة قمح الأرجوت بعد معركة التصريحات الأخيرة، مؤكدًا أن رفض شحنة القمح الفرنسى ليس لكونها مسرطنة. مؤكدًا أن الرفض كان بسبب تجاوز نسبة طفيل الأرجوت المحددة بالمواصفة القياسية, مشيرًا إلى أن القمح المستورد يخضع للرقابة من 3 جهات ليس من بينها الهيئة العامة للسلع التموينية، وهى وزارة الزراعة ممثلة فى الحجر الزراعى ووزارة الصحة ووزارة الصناعة والتجارة ممثلة فى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات. وأوضح أن التعاقد على شراء القمح يتم وفقًا للمواصفة القياسية المصرية والمواصفة الأوروبية الكودكس، ويتم الإعلان عنها فى الدول الراغبة فى التوريد، وعن صفقة القمح التى تم وقفها من قبل الحجر الزراعى، قال: "الشحنة التى تم استيرادها من فرنسا، تصل إلى 63 ألف طن، وتم فحصها من قبل اللجان الخاصة بالفحص، وقد أجيزت من قبل لجان الصناعة والصحة، ولم يتم إجازتها من قبل الحجر الزراعى نظرًا لتجاوز الأرجوت نسبة05,0% وهى النسبة المحددة فى المواصفة القياسية المصرية لتأثير هذه النسبة على النبات فقط. من جانبه، قال الدكتور عصام فايد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، إن رفض الشحنة جاء من قبل لجنة أمراض النبات المشاركة من قبل لجنة الحجر الزراعى بسبب تضرر التربة الزراعية فقط. بينما كشف الدكتور حازم عبد الحفيظ الصياد، المستشار القانونى، وممثل شركة بونجى الفرنسية، صاحبة شحنة القمح الموجودة حاليًا بميناء دمياط، التى تم رفضها حسب تقارير الحجر الزراعى المصرى، بأنها غير مطابقة للمواصفات، وتحتوى على نسبة عالية من فطر "الأرجوت" المسبب للإجهاض والسرطان، أن الشحنة ما زالت موجودة بالميناء، وأنهم لم يتلقوا حتى الآن خطابًا رسميًا بالرفض، وترحيل الشحنة إلى البلد المصدر، وهى فرنسا. وفجر المستشار القانونى، مفاجأة جديدة فى شحنة القمح، قائلا: "إن الشحنة سليمة، ومطابقة للمواصفات، وذلك بناء على تقرير اللجنة المشكلة من الحجر الزراعى المصرى، والصحة والواردات والصادرات، والتى شكلت بواقع شخصين من كل جهة، حيث سافرت اللجنة بموجب كراسة المناقصات إلى فرنسا لفحص الشحنة هناك، وأقرت اللجنة فى تقرير رسمى أن الشحنة مطابقة للمواصفات، وبناءً عليه تم تحريك الشحنة من فرنسا إلى مصر، وذلك حسب الأهرام الزراعى. وحسب الأهرام الزراعى فإن الشركة تملك أيضًا تقريرًا آخر من الجهات المختصة يفيد بسلامة الشحنة، ومطابقتها المواصفات فور وصولها لميناء دمياط، إلا أنهم فوجئوا بعد هذا التقرير بلجنة أخرى قامت بأخذ عينات جديدة، وبشكل غير معتاد، وبطريقة تخالف المتبع تمامًا لتخرج بعدها بتقرير غير دقيق وغير محدد، جاء فيه وجود أجسام حجرية مصاحبة للعينة عبارة عن أجسام حجرية لفطر "الأرجوت" فى القمح، وهو من الفطريات الممنوعة. وشكك الصياد فى هذا التقرير، حيث إنه اختص بقمح مصاحب للعينة، وليست العينة نفسها، متسائلاً، كيف تكون الشحنة غير مطابقة للمواصفات، وتم إقرار سلامتها بتقريرين من اللجان التابعة للجهات المصرية. مؤكدًا أن هذا التضارب، يكلف الشركة 20 ألف دولار يوميًا بسبب حجز الأرضية بميناء دمياط، إضافة خسائر شحنة تقدر كميتها ب63 ألف طن ثمنها يقارب ال 100 مليون جنيه، حيث تم التعاقد على سعر الطن "فوب" ب 198.24 دولار أمريكى. بينما كشف خطاب مرسل من وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، الدكتور عصام فايد، موجه لوزير التموين الدكتور خالد حنفى، عن الأسباب الحقيقية وراء رفض شحنة القمح الفرنسى ونشرته "الأهرام الزراعى" وعن أسباب الرفض، التى استندت إليها وزارة الزراعة فى رفضها، حيث تبين سلامة 5 عنابر المخصصة لحفظ الشحنة ومطابقاتها للمواصفات، بينما كشفت عن عنبرين ترتفع بهما نسبة الإرجوت عن المستوى الذى حددته كراسة شروط المناقصة، وهى 0.05%، وكانت على النحو التالى بكل عنبر على التوالى 0.041، 0.02، 0.03، 0.04، 0.05، 0.07، 0.09، وذلك وفقا لمعهد بحوث أمراض النبات. وبناء عليه أحال وزير الزراعة الدكتور عصام فايد، اللجنة الفنية التى أجازت صفقة القمح الفرنسى المصابة فى بلد المنشأ للنائب العام. وجدير بالذكر أنَّ طفيل الإرجوت هو مرض فطرى يصيب بعض النباتات ومنها القمح وهو من الآفات الخطيرة التى تصيب القمح، حيث يقوم هذا الفطر بافتراس مبايض القمح ويبقى بها على هيئة تشبه القرون طولها يتراوح ما بين واحد إلى خمسة سنتيمترات. ويحوى طفيل الإرجوت على مادة الإرجوتامين والتى تم استخلاصها منه لأول مرة فى بدايات القرن العشرين والتى تستخدم طبيًا لعلاج التشنجات العضلية ولزيادة انقباضات الرحم أثناء الولادة، ولها الكثير من الاستخدامات الطبية، وتكمن خطورة طفيل الإرجوت فى أن الزيادة فى مادة الإرجوتامين الموجودة به تعمل على خلل الجهاز العصبى، إضافة أيضًا إلى خطورتها على الحيوانات. وشدد الدكتور خيرى عبد المقصود، أستاذ أمراض النباتات بكلية الزراعة، جامعة القاهرة، على خطورة فطر "الإرجوت"، مؤكدًا أنه يسبب إجهاضًا للمرأة الحامل ويؤثر على الكبد، ويؤدى إلى السرطان على المدى البعيد. تجدر الإشارة إلى أن مصر أكبر مستورد للقمح فى العالم، وتستهلك بين 18 و20 مليون طن قمح، وتستورد نحو 10 ملايين طن سنويا من الأسواق الدولية وتوزع نصف وارداتها على السكان البالغ عددهم حوالى 87 مليون نسمة فى صورة خبز مدعم.