حضور ثقافى كبير فى افتتاح الفرع الجديد من المكتبة.. وكرم يوسف: المحطة القادمة الإسكندرية والصعيد فى الخامس من مايو 2006 خطت كرم يوسف أولى الخطوات فى تحقيق حلم آمنت به، افتتحت فى حى المعادى مكتبة صغيرة، أطلقت عليها اسم «الكتب خان»، لم تكن مساحة المكتبة كبيرة، فقط 95 مترا، لكنها كانت كافية لأن تضم بين جنباتها أحلام كرم وكتبها وأصدقاءها.. بعد فترة من الوقت كبرت المكتبة قليلا، فأضافت إليها جزءا آخر يبلغ نحو 100 متر، حينها شعرت بأن حلمها لم يخذلها وأنه ينمو من خلال طاقة الحب والإيمان التى تمنحها له. مؤخرا افتتحت كرم فرعا جديدا للكتب خان، وكان أيضا فى نفس حى المعادى، الافتتاح حضره عدد كبير من الأصدقاء والكتاب من مختلف الأجيال. حضر بهاء طاهر ويحيى مختار والمخرج محمد خان وغيرهم، كما كانت الموسيقى حاضرة فعزفت فرقة «بيكيا» بقيادة محمود رفعت. الفرع الجديد كانت مضطرة إليه كرم، فارتفاع الإيجارات الهائل وإصرار المالك على ذلك، أجبرها على التخلى عن جزء من المكان والاكتفاء من المكتبة الأم بجزء صغير يقاوم تقلبات الزمن، تقول كرم إنها شعرت بعد إصرار المالك على رفع الإيجار أنها «لازم» تكمل مشروعها وأنه لا مجال للتراجع، «المقاومة من أجل البقاء» كان هذا هو الشعار الذى رفعته من أجل الاستمرار فى استكمال حلمها. الكتب خان لم تصبح حلم كرم فقط، لكنها مع مرور الوقت أصبحت حلم كل أبناء حى المعادى وأحياء القاهرة الكبرى، أصبحت حلم كل الطلبة والشباب والفتيات الذين اعتادوا على الذهاب إليها للقراءة وسماع الموسيقى، ليس هذا فقط بل والمذاكرة أيضا استعدادا للامتحانات، حتى إنها صارت بمثابة البيت الثانى لهم، يقضون كل يوم ساعات فراغهم ويتواعدون على اللقاء فيها، لقد ساهمت الكتب خان فى تشكيل شخصياتهم وأصبحت جزءا من حياتهم، هؤلاء هم الذين حزنوا عندما علموا بتقليص حجم المكتبة، لم يتخيلوا أن المكان الذى لملم شتات أحلامهم ولحظات فرحهم وسعادتهم من الممكن أن يختفى هكذا بكل ببساطة وكأنه لم يكن، لكن افتتاح الفرع الجديد والذى تبلغ مساحته 500 متر فى مبنى من دورين منحهم الأمل من جديد. تقول كرم إنها اكتشفت بعد الثورة أن الجهل مستشرٍ بشكل لم تكن تتخيله، أصبح الجهل مثل فيروس انتشر بسرعة بين الناس وفى كل الطبقات، وكان الحل بالنسبة لها هو الاستمرار فى مقاومته لا الاستسلام له، وهو الدور الذى تؤديه «الكتب خان»، تقديم المعرفة والقراءة للناس، تعليمهم التحليل والنقد وتقبّل الآخر، محاولة جعل القراءة عادة لديهم مثلها مثل الفرجة على المباريات والدراما التليفزيونية، وإن كانت كرم تبدو متشائمة أحيانا عند حديثها، قائلة إننا نحتاج إلى 300 سنة على الأقل حتى نصل إلى ما وصل إليه الغرب، لكن سرعان ما تظهر نبرة التفاؤل فى صوتها من جديد فتتدفق فى الكلام عن إمكانية تحقق الأحلام. «الجودة» هى الشرط الوحيد الذى تضعه كرم لنشر أى كتاب لديها، فالعمل الجيد لا خلاف عليه، وإن كانت تميل إلى تقديم الأسماء الجديدة والتى ربما تنشر لأول مرة فى حياتها، فالعمل الجيد من وجهة نظرها يخترق الحواجز والمعوقات مهما كانت، وعن مشاريعها خلال الفترة المقبلة، تقول إنها تحاول التنوع فى إصداراتها، فخلال السنوات الماضية كان تقتصر فى النشر على الأدب سواء أكان قصة أو رواية، وإنها تنوى حاليا إضافة الفكر إلى إصداراتها فتستعد لنشر كتابين للمستشرقة الإسبانية آديلا كورنيلا عن حقوق المواطنة والدولة المدنية بالإضافة إلى كتاب آخر عن التحرير كمكان وكثورة. تبتسم كرم عندما، أسألها عن سبب قلة إصداراتها على مدار العام؟ وهل تفكر فى التوسع فى النشر؟ وترد قائلة إن 15 كتابا فى السنة كافٍ، خصوصا إذا كان الكتاب جيدا، مضيفة أن بعض المكتبات فى نيويورك تنشر 10 كتب فى السنة على الرغم من حصول هذه المكتبات على دعم من عدة جهات، هنا لا يوجد دعم من أحد ورغم ذلك مستمرون فى المقاومة. مكتبة الكتب خان نظمت خلال السنوات الفائتة عدة ورش فى الكتابة، وتم نشر إنتاجها وحصل بعضها على جوائز، وهى تنوى التوسع فى إقامة الورش لأنها تكشف عن المواهب وتمنحها الفرصة، بالإضافة إلى فكرة تلاقى الأجيال والخبرات. لكن ماذا عن بقية حلمك يا كرم؟ تقول فى حماس «أحلم بافتتاح فرع فى مكان آخر.. الإسكندرية مثلا، أيضا أحلم بافتتاح أفرع فى المناطق البعيدة والمنسية فى الصعيد، فهم يحتاجون هناك إلى المعرفة بشدة». تنظر كرم بعيدا ثم تقول: «حلم لا أعرف نهايته، وكل شوية ياخدنى فى مكان جديد».