بدأت منذ ساعات المرحلة الأولى لأنتخابات أول برلمان من مجلس واحد أطلق عليه مجلس النواب ، بعد 30 يونيو التى أطلقت خريطة طريق جديدة لمصر التى انتهت من تجربة الإسلام السياسى بعد عام واحد ، لتنطلق موجة جديدة سماها البعض ثورة وسماها البعض موجة جديدة لثورة 25 يناير، وبعيدا عن التوصيفات التى قد لاتعبر عن الحقائق فى كثير من الأحوال نحن أمام تغيير تسمى بخارطة المستقبل، التى قد تكتب خريطة إنتاج المستقبل إذا كان الدستورمعتبرا بمواده التى وصفها الرئيس ، خصوصا ما يتعلق بصلاحيات البرلمان قائلا "صلاحيات البرلمان وفق الدستور الجديد طموحة ، وإن لم تستخدم برشد يمكن أن تسبب فى إلحاق الأذى بمصر " وبالطبع الرشد مطلوب سواء فى إداء الرئيس أو أداء البرلمان، لكن ما هو قطعى أن البرلمان يعبر عن الشعب فى جماعة أفرادها بالمئات يجسدون سلطة وسيادة الشعب، والرئيس أيضا ما دام مختارا بشكل صحيح وديمقراطى ، لكن الفارق واضح بين الفرد مهما كانت مواهبه والجماعة المتنوعة الأطياف التى يجسدها برلمان مصر . يكون السياق سياقا يؤدى للمستقبل فى حال الإصرار على احترام الدستور وأحكامه ، والطموح ليس عيبا لشعب أنفق من دماء أبنائه كل ما أنفق فى سبيل هذا الطموح المشروع ، الذى لايصح السخرية أو التحذير منه أو إبتذاله فى تشبيه عضو البرلمان بالعريس الذى يتقدم للزواج من مصر، النواب خدام للشعب وممثلون عنه وكذلك الرئيس وعليهم أن يقدموا أداءا برلمانيا يليق بثقة الناس ، كذلك السلطة ممثلة فى رئيس الجمهورية والوزراة عليها أن تقدم أفضل مالديها وتنتظر رقابة جادة من برلمان غير موالس ، يتحدث البعض قبل أن يدخله عن أجندته التشريعية أنها تتضمن فتح فترة رئاسة الرئيس لتكون ثمانى سنوات ، ويتحدث البعض عن تعديل مواد الدستور لتقليص صلاحيات البرلمان فى مواجهة الرئيس، فى إصرار من طائفة المماليك فى عالم السياسة والإعلام على صناعة فرعون جديد هذا الدستور لم تنجزه لجنة إخوانية بل خلا تماما من هذا المكون الذى يدعى البعض انه كان صاحب مصلحة فى بعض المواد ، أنجزته لجنة وطنية تنتمى لهذا الشعب وتمثل العديد من أطيافه لم يكن من بينهم سذج أو مغرضين ، طموحون نعم وهذا مشروع كما أسلفنا لكن المزعج ان ينضم لهذا السجال بعض المحسوبين على النضال ضد مبارك لينظروا لفكرة أن الدستور يجب ان يكون واقعيا ويستجيب لتطورات الحياة فى مصر بأن تتقلص صلاحيات البرلمان لحساب الرئيس ، وهذا تصور بائس فنحن جزء من العالم الذى تجاوزت جل دوله ما نعيشه فى واقعنا السياسى من حقنا أن نحلم بديمقراطية حقيقية وليست شكلية ، من حقنا أن نحظى ببرلمان يقر نوابه الخطة العامة للتنمية التى يجب أن تدرك أن فى هذا الوطن فقراء ومهمشون ، بما يستدعى مراجعة الفلسفة الإقتصادية التى تحكم صانع السياسة الإقتصادية التى لازالت تعصف بالفقراء لحساب الأغنياء ، وتصنع نموذجا شائه حتى للرأسمالية هل من المعقول بعد كل ما أنجزه الشعب المصرى ، يخرج تشريع مثل التشريع بعدم جواز الطعن على العقود التى تبرمها الدولة مع الأفراد ، وهو مايشكل إعتداء سافرا على حق التقاضى ويفتح الباب واسعا أمام التستر على الفساد وإهدار الملكية العامة ، أو تشريع مثل قانون التظاهر أو قانون يعود بنا إلى تعيين رؤساء الجامعات وليس تعيينهم، أو حتى قوانين مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب التى تبقى عرضة لعدم الدستورية خصوصا مع إصرار البعض من ترزية القوانين على جعله معرضا لذلك ، لتبقى سلطة الشعب عبر نوابه هى الأضعف فى مواجهة سلطة الرئيس ثم يتبجح البعض بالإدعاء بأن ننعيش أزهى عصور الديمقراطية هذا البرلمان شريك حقيقى فى الحكم للرئيس إذا جاء بنواب حقيقيين ، يدركون عبرة مجلس شعب 2010 الذى كان مقدمة لثورة يناير، أ يها النائب أيا كان حزبك أو التحالف الذى حملتك أمواله إلى البرلمان ، يجب ان تدرك أن مستقبلك مرهون باستقامتك على عهدك مع الشعب الذى إنتخبك وإذا كان البعض قد قفز على كل عوامل التشاؤم وغياب الثقة فى هذا المسار وخرج لإنتخابك ، فهؤلاء لهم حق عليك ربما هذه هى فرصتك الوحيدة إما أن تكون نائبا للشعب مدركا لدورك فى التشريع والرقابة والمضى بالبلد إلى الأمام ، صادقا فى تمثيلك لمطالب الشعب تحمل أجندة قومية للتشريع لاتحقق مصالح حزب او فصيل ، أنت أمام فرصة ذهبية مع غيرك لتشكيل كيان سياسى داخل البرلمان قد يتطور من تحالف سياسى الى حزب قوى يطور برامج ويراكم خبرات ، تفتح أبواب البدائل السياسية الجديدة للشعب هذا طمع من إنتخبوك ومن يراقبون المشهد دون الإنخراط فيه ، أما من يخافون القادم ولايستطيعون تجاهل المؤشرات المتواترة عن برلمان الحظ الأكبر فيه لخليط يضم الماضى بتحالفاته ، من يتحدثون حتى قبل أنتخابهم أنهم سيكونون ظهيرا للرئيس يبصمون على التشريعات التى أصدرها ، وهى بالمئات و قد صدرت فى غياب سلطة الشعب وعبرت عن سياق ملتبس لا أظنه إن إستمر يصنع مستقبلا له ملامح يمكن الإطمئنان إليها ، نريد برلمانا يدرك فيه النائب أن الشعب هو من جاء به ويستطيع أن يقول له إرحل كما قالها لكل طاغية من قبل ومن بعد ، قلوب الشعب بين الخوف والطمع تنبض نحو برلمان إما أن يكون خطوة جبارة باتجاه المستقبل ، أو قفزة حمقاء نحو الماضى الذى جعل برلمان 2010 بوابة الغضب فى يناير فتأملوا عبرة التاريخ القريب .