أثارت تصريحات وزير الاستثمار أشرف سالمان، خلال مؤتمر اليورومني والذي اختتمت فاعليته أمس الثلاثاء، جدلًا شديدًا حول احتمالية اتجاه الحكومة لتخفيض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي خلال الفترة المقبلة. وكشف "سالمان" في تصريحاته، عن أن تخفيض قيمة العملة المحلية لم يعد خيارًا خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المحلية والعالمية حاليًا، قائل: "إما أن نُخفِض سعر الجنيه أو نضحي بالاحتياطى الأجنبي، والحكومة من منظور اقتصادي ترى أنه لا يجب أن ينخفض الاحتياطي عن هذا الحد، لكن القرار على مستوى السياسة النقدية في يد البنك المركزي". من ناحية أخرى تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول قيام الحكومة برفع السعر الرسمي للدولار وتخفيض قيمة العملة المحلية مجددًا، حيث يرى البعض أن هذا القرار صائب وسيقضي على السوق السوداء نهائيًا، في حين حذَر البعض الآخر من استمرار ارتفاع العملة الخضراء وتداعيات ذلك على مستويات التضخم. أستاذ التمويل الاستثماري والخبير الاقتصادي دكتور مصطفى النشرتي، قال في تصريحات خاصة ل"التحرير"، إن الارتفاع المستمر في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه سيؤدي إلى رفع فاتورة الانفاق على استيراد السلع الأساسية التي توفرها الدولة، مشيرًا إلى أنه أيضًا يعمل على خفض قيمة الوفورات المالية المتوقعة من انخفاض أسعار البترول عالميًا، لافتًا إلى أن قيمة هذه الوفورات لم تحدد بشكل دقيق نتيجة التغيرات التي حدثت وتحدث محليًا ودوليًا. وأضاف "النشرتي" أن تأثير التغيرات الأخيرة وهبوط سعر الجنيه سيكون سلبي على الموازنة العامة للدولة وخاصة عجز الموازنة، موضحًا أن رفع سعر الدولار الرسمي بسوق الصرف مقابل الجنيه، يعني عدم القدرة على جذب نقد أجنبي، مُطالبًا بضرورة إعداد خطة حكومية لمواجهة ارتفاع الأسعار والتضخم، بالإضافة إلى العمل على تقليل الواردات من خلال إجراءات حمائية. من جانبها حذَرت الخبيرة المصرفية سلوى العنتري من وجود موجة تضخمية مرتقبة في حالة قيام الحكومة برفع السعر الرسمي للدولار داخل البنوك، متوقعة زيادة معدلات التضخم لتصل إلى نحو 12% هذا العام في حالة استمرار ارتفاع العملة الخضراء، وهو الأمر الذي سيتسبب في إضرار لمحدودي الدخل والفقراء في ظل العديد من الأزمات التي يعانون منها، إلى جانب انخفاض إنتاج القطاعات الصناعية التي تدخل نسبة من السلع المستوردة في إنتاجها، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى تخفيض أعداد العمالة وزيادة معدلات البطالة. الخبير المصرفى أحمد آدم، أوضح "أن الحكومة تسعى إلى المحافظة على قيمة الجنيه المصري في مواجهة باقي العملات الأجنبية، لافتًا إلى أن انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار سيعزز جهود البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء للعملة، مشيرًا إلى أنه لن يُقضى عليها نهائيًا إلا من خلال تدفق الاستثمار الأجنبي الذي يُعزِز من الاحتياطي النقدي وموارد العملة الصعبة للبلاد. وأشار الخبير المصرفي إلى ضرورة قيام البنك المركزي بطرح المزيد من العطاءات الدولارية خاصة وأنها تساهم في بعض الأحيان في مواجهة الفجوة بين السعر الرسمي والموازي من خلال اقتراب السعرين، مشيرًا إلى أنه كلما ارتفع السعر رسميًا تتوجه السوق السوداء بالتراجع، وذلك لجذب أكبر عدد من العملاء، كما أن تراجع السعر الرسمي يؤدي إلى ثبات سعر الدولار في السوق الموازية، ولكن في حالة انخفاض المعروض من العملة الخضراء بالبنوك ترتفع الأسعار بنسبة كبيرة بالسوق الموازية، مضيفًا أن خلال الفترة الأخيرة ارتفع الدولار بالسوق الرسمية لمحاولة الاقتراب من السعر الموازي، وبالفعل تراجع الدولار في السوق السوداء وتقارب من السعر الرسمي حتى ولو بنسبة بسيطة، وبالتالي فعطاءات المركزي في بعض الأحيان لا تؤثر على السعر الرسمي ولكنها تؤدي إلى خفض السعر الموازي. وفي نفس السياق، أكد بلال خليل نائب رئيس الشعبة العامة للصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن خفض قيمة الجنيه المصري تعتبر خطوة إيجابية تجاه القضاء على السوق السوداء والوصول إلى سعر موحد للسوقين، موضحًا أن الهدف من تخفيض العملة المحلية هو تقليل فارق السعر مع السوق السوداء.