رغم اتخاذ البنك المركزي عدة إجراءات للسيطرة علي سعر الدولار في الأسواق، والحد من ممارسات المتلاعبين والمضاربين به، وتضييق الفجوة بين السعر الرسمي للدولار بالبنوك والسعر الموازي بالسوق السوداء، عن طريق إصدار 6 عطاءات بقيمة 40 مليار دولار بيع منها 38.4 مليار دولار، إلا أن المضاربات مازالت مستمرة وقلة المعروض النقدي من العملة دفع بأسعار الدولار للارتفاع في السوق الموازية إلي 7.92 جنيه للدولار الواحد بينما يسجل سعر صرف العملة الأمريكية داخل تعاملات السوق الرسمي 7.59 جنيه، إلا أن أغلب توقعات المحللين والخبراء تؤكد أن الدولار سوف يواصل رحلة الصعود خلال الشهور الأربعة القادمة إلي 8 جنيهات للدولار، خاصة أن هذه الفترة بالتحديد يرتفع فيها الطلب الموسمي لشراء المواد الخام اللازمة للصناعة، وكذلك السلع الغذائية الأساسية، كما أن بعض الشركات التي مازالت تقوم بإعداد ميزانياتها مع نهاية العام تحاول شراء الدولار بأي ثمن خلال هذه الفترة لتسوية مديونياتها، هذا بجانب حالة الركود السياحي أحد أكبر مورد للعملة الأجنبية للبلاد، والتي لم يقابلها ارتفاع في الاحتياطي النقدي من الدولار. لكن من الواضح أيضا أن سياسة حماية الجنيه التي يتبعها البنك المركزي منذ فترة طويلة هي التي أطاحت به إلي الهاوية مرة واحدة، وكما تري الخبيرة المصرفية، بسنت فهمي، أنه كان يتعين علي البنك المركزي أن يخفض من قيمة الجنيه بنسبة من 20% إلي 30% بعد ثورة 25 يناير، فضلا عن أن سياسة دعم الجنيه تسببت في ضرب الصناعة الوطنية ،بعدما أمكن استيراد مثيلاتها من الخارج بأسعار زهيدة وأرخص. ومن ضمن السياسات الخاطئة التي كانت متبعة خلال الفترة الماضية هي إتاحة سعرين للدولار في البنوك، أحدهما للكميات الكبيرة والآخر للكميات المحدودة والصغيرة، بخلاف سعر الدولار في السوق السوداء وهذا في حد ذاته يخلق حالة من التوتر والخوف لدي المستثمر الأجنبي، كما أن هبوط سعرالجنيه المصري سيكون له أثر سلبي علي الموازنة العامة للدولة ويساهم في عجز الموازنة، والشيء البديهي أيضا أن ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه سيرفع بلا شك فاتورة الاستيراد المخصص لها 30 مليار دولار، خاصة أننا بلد يستورد 70% من احتياجاتها من الخارج، وبالتالي سوف يترتب علي ذلك ارتفاع أسعار السلع والخدمات الفترة المقبلة وزيادة معدلات التضخم والذي يصل به بعض المحللين ليتجاوز نسبتة 12.5%. الأمر الآخر، أن ارتفاع قيمة الدولار أفقد مصر الميزة النسبية خلال العام المالي الحالي والمتمثلة في الانخفاض المتوقع بقيمة 25 مليار جنيه من فاتورة دعم المواد البترولية للعام الحالي والمقدرة بنحو 100 مليار جنيه، حيث إن ارتفاع أسعار الدولار سيؤدي تلقائيا إلي تخفيض الوفر في فاتورة الدعم، مع الوضع في الحسبان أن الدولار مرشح للارتفاع، لكن في الوقت نفسه ربما يكون للمركزي رؤية أخري من خلال هذه الحركة التصحيحية، خاصة بعد سيطرة السوق الموازية علي 80% من حجم السوق، خاصة بعد تعهدات هشام رامز محافظ البنك المركزي الأخيرة بالقضاء علي السوق السوداء خلال العام الجاري، وهو ما بدأه بسلسلة من الإجراءات لتقليص الفارق تدريجيا بين سعر الدولار في السوق الرسمية بالبنوك وشركات الصرافة بعد أن وصل الفارق في السعر إلي 90 قرشا تقريبا. كما إنه إذا كان هناك آثار سلبية فإن هناك أيضا آثارا إيجابية من وراء تراجع سعر العملة المحلية إنه سيحفز الصادرات المصري ويزيد من ميزاتها التنافسية، وسيحقق المصدرون أرباحاً من ارتفاع سعر العملات الأجنبية، كما إنه له انعكاسات إيجابية علي البورصة المصرية. ويري المحلل المالي، إيهاب سعيد، أن ذلك سيؤدي لزيادة قيمة الأصول خاصة في مجال العقارات، وهو السبب الذي أدي إلي ارتفاع أسعار أسهم العقارات خلال تداولات الأسبوع الماضي، فقطاع العقارات والأراضي هوالمستفيد الأول من انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، وهو الملاذ الآمن الذي سيلجأ إليه المستثمرون لحماية مدخراتهم، وكذلك فإن هذه الإجراءات سوف تساهم بشكل كبير في جذب الأستثمارات الأجنبية المباشرة، وفي توقيت هام جدا وللغاية قبل قمة مصر الاقتصادية المقرر عقدها شهر مارس القادم بشرم الشيخ. الورقة الخضراء تقترب من ال 8 جنيهات.. والعملة المصرية تنهار