برلمانية: تكليفات الرئيس للحكومة الجديدة واضحة لاستكمال مسار الإصلاح    مجلس النواب يشكر حكومة مدبولي: بذلت جهدًا كبيرًا داخليًا وخارجيًا    وزير النقل: لن نستورد أي عربة قطارات أو مترو من الخارج    تذكرة الطيران ب48 ألف جنيه.. برلماني ينتقد الحكومة لعدم تحديد أولويات الإنفاق    ناجى الشهابي: حكومة مدبولي قادوا البلد في ظروف صعبة بحرفية شديدة وضرورة الاهتمام بالصحة والتعليم    محافظ الغربية: نتابع باستمرار ملف التصالح وتبسيط الإجراءات على المواطنين    غدًا.. سامح شكري يلتقي نظيره القبرصي في قصر التحرير    قطر تدين محاولة الاحتلال الصهيوني تصنيف "الأونروا" منظمة إرهابية    روسيا :كشف عملاء للمخابرات الأوكرانية يعدون لهجمات ضد أسطول البحر الأسود    مبابي يعلن موعد إعلان انضمامه ل ريال مدريد    الإصابة الثانية.. منتخب إيطاليا يعلن استبعاد مدافع أتالانتا قبل يورو 2024    رودري: اعتزال كروس يلهم الجميع    «بلاش نعمل هيصة ونزودها».. شوبير يحذر قبل مباراة مصر وبوركينا فاسو    ضبط 21 طن دقيق بلدى مدعم قبل بيعها فى السوق السوداء    تعديل تركيب وامتداد مسير عدد من القطارات على خط «القاهرة / الإسماعيلية»والعكس بدءًا من السبت المقبل    ثقافة الإسكندرية تقدم "قميص السعادة" ضمن عروض مسرح الطفل    نتنياهو: الحرب فى غزة ستتوقف لإعادة المحتجزين ثم ستتبعها مناقشات أخرى    "التابعى.. أمير الصحافة".. على شاشة "الوثائقية" قريبًا    سُنن صلاة عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح    رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    جامعة كفر الشيخ تتسلم شهادة رخصة مركز تدريب معتمد من المجلس الأعلي للجامعات    الصين تؤكد دعم جميع الجهود السلمية لحل الأزمة الأوكرانية    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    مي عمر عن علاقتها بمحمد سامي: «مبخافش من الحسد ومبركزش في كلام الناس»    تعرف على موعد حفل زفاف جميلة عوض على المونتير أحمد حافظ (خاص)    محمد الباز ل"إكسترا نيوز": بعض الوزارات الخدمية والاقتصادية تحتاج تغيير    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    شاهد.. مجدي أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. والقاضية ظلمتني    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    بعد الفوز على الاتحاد السكندري.. أبوقير للأسمدة يجدد الثقة في محمد عطية    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    مرصد الأزهر: الحفاظ على عقول الأفراد من الانحراف أحد أهم مقاصد الشريعة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    برلماني يطالب الحكومة بدعم الاستثمار الزراعي والصناعي    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    حالات وإجراءات تأجيل امتحانات الثانوية العامة 2024 للدور الثانى بالدرجة الفعلية    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    بعد انسحاب قوات الاحتلال.. فلسطينيون يرون كيف أصبح حال مخيم جباليا    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    للتدخلات الجراحية العاجلة.. كيف تستفيد من مبادرة إنهاء قوائم الانتظار؟    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرحمن الشرقاوى يُخطّئ طه حسين.. والأخير يعترف
نشر في التحرير يوم 21 - 04 - 2015

كان الشاعر عبد الرحمن الشرقاوى من أهم الشعراء الذين أثروا فى تجديد حركة الشعر الحديث، منذ أن كتب قصيدته الشهيرة «رسالة من أب مصرى إلى الرئيس الأمريكى ترومان»، وكان ذلك عام 1951، ولأن الشرقاوى كان منشغلًا فى مجالات عديدة، لم يستقر على كتابة جنس أدبى واحد، فكتب فى القصة، وأصدر أولى مجموعاته القصصية «أرض المعركة»، ثم كتب رواية «الأرض»، ونشرها مسلسلة فى جريدة «المصرى» عام 1953
ونشرها فى جزأين عام 1954، لتصدر عن سلسلة «الكتاب الذهبى»، والتى كانت تصدر عن نادى القصة آنذلك، وكان بالإضافة إلى ذلك مشغولا تماما بالصحافة، فأنشأ مع حسن فؤاد مجلة «الغد»، وصدر عددها الأول عام 1953، ثم راح يمارس الصحافة فى صحف ومجلات أخرى بعد ذلك، وفى عام 1959 كتب مسرحيته الشعرية الأولى «مأساة جميلة».
ولذلك كان جهد الشرقاوى موزعًا على قبائل الأدب والفن والصحافة بشكل لم يسمح له أن يلعب طويلا فى ساحة الشعر، لكنه ترك أثرا عميقا بقصيدته الطويلة «رسالة من أب مصرى إلى الرئيس ترومان».
وفوق هذا وذاك، كان الشرقاوى منشغلًا بالحركة الوطنية المصرية أيما انشغال، فكان يكتب فى السياسة، والمتغيرات السياسية كثيرا، وأصدر كتابا مهما له عن مؤتمر باندونج، وكان متحمسا إلى حدّ بعيد لتجربة باندونج، وغير هذا فقد خاض الشرقاوى تجربة الترجمة، والذى لا يدركه ولا يعلمه كثيرون، أنه ترجم رواية لمكسيم جوركى عام 1958، وصدرت عن دار الفكر.
وكان الشرقاوى يثير قدرا كبيرا من الأفكار التى تثير معارك محورية، وضمن هذه المعارك، الرسالة التى وجهها إلى الدكتور طه حسين على صفحات مجلة «الغد»، وهى تشيد بدور طه حسين فى الثقافة المصرية على مدى عقود مصرية عديدة، ولكنه بدأ يهدم هذا الدور ببعض المواقف السياسية التى راح يبرزها بقوة آنذاك، ونُشرت هذه الرسالة عام 1953 على صفحات مجلة «الغد».
وفى عام 1960 كتب الشرقاوى سلسلة مقالات عن التجديد فى الشعر الحديث، واستعرض تاريخ الشعر المصرى منذ أوائل القرن العشرين، وأوضح فيه أن الشعر المصرى وجد تجديدا كبيرا على أيدى الشاعرين أحمد شوقى وحافظ إبراهيم، لكنهما ظلا يكتبان بالطريقة ذاتها إلى أمد طويل، حتى نشأت احتجاجات وتمردات عليهما من الكتَّاب والنقاد الجدد، فنشأت مدرسة «الديوان» التى كان يقودها عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازنى وعبد الرحمن شكرى، واستطاع هؤلاء الثلاثة أن يهزّوا عرش أمير الشعراء أحمد شوقى، رغم أنه لم يكن قد تقلّد إمارة الشعر بشكل فعلى، والتى أتته عام 1927، باعتراف شعراء مصر والشرق قاطبة، وحينها كتب رفيقه اللدود حافظ إبراهيم قصيدة جاء مطلعها:
أمير القوافى قد أتيت مبايعا .. وهذى وفود الشرق قد بايعت معى
وهذه القصيدة شفعت لحافظ إبراهيم عند شوقى، فرثاه الأخير بقصيدة موجعة عند رحيله، والتى استهلها ب:
قد كنت أوثر أن تقول رثائى .. يا منصف الموتى من الأحياء
وبعيدا عن هذا الاستطراد والاستعراض كتب الشرقاوى فى مديح المرحلة الأولى من القرن العشرين، والتى مهّد فيها العقاد وطه حسين والمازنى لحركة تجديدية فى الشعر، وكانت أبرز هذه التجديدات مدرسة «أبوللو»، ثم مدرسة «شعراء المهجر»، ولكن الشرقاوى لاحظ أن طه حسين قد انحاز إلى مهاجمة الشعر الجديد فى تلك الفترة التى كان الشرقاوى يكتب فيها المقالات.
وهذا لم يعجب طه حسين، وكان آنذاك يشغل رئيسا لتحرير جريدة «الجمهورية» ضمن مجموعة من الكتّاب والصحفيين، فاتصل الدكتور طه بأحد رؤساء التحرير لائما على مقالات الشرقاوى، وأوضح أنه كان نصيرا دائما للتجديد الشعرى، ولم يقف فى وجه هذا التجديد، وعندما علم الشرقاوى بذلك، كتب مجددا، وتمنى أن يكون ذلك صحيحا، وراح يأمل من الله أن تكسب قضية الشعر «العمرين»، ويقصد العقاد وطه، ولكنه أفاد بأن ذلك مستحيل، وراح يعدّد ملاحظات سلبية على طه حسين بالذات، الذى كان يأمل فى أن ينتصر لحركة التجديد الشعرى، ولكنه خيّب آمال الشعراء الجدد.
وهذا لم يعجب طه حسين مرة أخرى، فكتب مقالا تحت عنوان «الشعر الحديث وكتّاب القصة.. ونقادهم»، وراح يكيل سلسلة من الانتقادات على فحوى النقد المعاصر آنذاك، وطال هذا النقد الشرقاوى ومحمد مندور ومن لفّ لفهما، ووصف طه حسين هؤلاء النقاد ب«المتأدبين».
وفى مقاله الذى عقّب فيه الشرقاوى على مقال طه حسين، وعنوانه «مسألة المتأدبين»، ناقش فيه عددا من القضايا المطروحة، ولكنه توقف عند هذا الاستخدام للفظ «المتأدبين»، وقال الشرقاوى: «إننى أرجو أن يكون الأستاذ الدكتور طه الذى عُرف بالدقة فى اختيار الألفاظ الدالة قد اختار كلمة المتأدبين لمعنى آخر غير الذى تدلّ عليه الكلمة دلالة ظاهرة».
وهذا لم يعجب طه حسين مرة أخرى، فعاد وكتب فى 21 أبريل مقالًا يردّ فيه على جمع من النقاد الذين لامهم وانتقدهم، ولاموه وانتقدوه كذلك، فنصح الشرقاوى بأن يقرأ كتب اللغة ليفهم معنى كلمة «المتأدبين»، ولكن الشرقاوى يعود مرة أخرى ليكتب مقالا تحت عنوان «وفوق كل ذى علم عليم»، ويواجه طه حسين بأنه بحث فى القواميس والمعاجم، فلم يجد أساسا لكلمة «المتأدبين»، وكان حتما أن يردّ طه حسين على هذا التخطيُئ الفادح، فكتب مقالا جديدا تحت عنوان «الأدب والمتأدبون»، قال فيه: «أحب قبل كل شىء أن أنصف الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوى من نفسى، فقد قرئ علىّ القاموس المحيط للفيروزبادى خطأ، فكتبت ما كتبت، وكان الأستاذ الشرقاوى صادقًا فى أنه لم يجد هذا النص الذى ذكرته فى القاموس ولا فى اللسان»، ولكن الدكتور يعود فيقول: «لست أكره أن يسمّينى من شاء متأدبا أو متعلما، فكل إنسان متعلم دائما، منذ يدخل هذه الحياة إلى أن يخرج منها..»، ويسترسل طه حسين فى درسه النقدى، لنتعرف على معركة ثرية وفريدة فى تاريخ الأدب العربى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.