لم تكن حادثة حرق بعض الكتب المكتبية بمدارس "فضل" الخاصة، سوى حلقة من سلسلة تاريخ مرير من استهداف الكتب في لحظات الصراعات السياسية والفكرية في التاريخ البشري، وذلك منذ حرق مكتبة الإسكندرية، مرورا بتاريخ محتلين جهلاء استهدفوا العلم بحرق كتبه في الدول التي يفتكون بها. وترصد "ويكيليكس البرلمان"، أهم حوادث جريمة استهداف الكتب والمكتبات على مرّ التاريخ: 1. مكتبة الإسكندرية أول وأعظم مكتبة عرفت فى التاريخ، وظلت أكبر مكتبات عصرها، أمر بطليموس الأول بإنشائها 330 قبل الميلاد، وضمت أكبر مجموعة من الكتب فى العالم القديم، والتى وصل عددها آنذاك إلى 700 ألف مجلد بما فى ذلك أعمال هوميروس ومكتبة أرسطو، وفى عام 48 ق.م قام يوليوس قيصر بحرق 101 سفينة كانت موجودة على شاطئ البحر المتوسط أمام مكتبة الإسكندرية وامتدت نيران حرق السفن إلى مكتبة الإسكندرية فأحرقتها، حيث يعتقد بعض المؤرخين أنها دمرت. 2. مخطوطات "حضارة المايا": ظهرت حضارة "المايا" فى نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد، وانتشرت من جنوب شرق المكسيك إلى غرب هندوراس والسلفادور، وبلغت ذروتها بين القرنين السادس والتاسع بعد الميلاد قبل أن تبدأ بالاندثار فى القرن السادس عشر بعد الغزو الإسباني، حيث احترقت مخطوطات المايا عام 1562. 3. مكتبة القسطنطينية: آخر المكتبات الكبيرة فى العالم القديم، كانت تقع فى عاصمة الامبراطورية البيزنطية، وقامت بحفظ المعرفة القديمة لليونان والإغريق لأكثر من ألف عام، حتى أصابها الدمار عام 473 إبان الحروب الدائرة آنذاك. 4. مخطوطات تمبكتو: مجموعة من المخطوطات تصل إلى 700.000 مخطوطة أكثرها باللغة العربية أو بلغات محلية، كتبت بالحروف العربية، وهى موجوة فى مالى، فى عام 1913 قامت بعض المجموعات بحرق إحدى المكتبات فى تمبكتو التى تضم 30 ألف مخطوطة، ولكن تم إنقاذ أغلبية المخطوطات من قبل السكان المحليين قبل وقوع الهجوم، ولكن فى يناير 2013 أحرقت الجماعات المتشددة هناك كامل المكتبة. 5. مكتبة آشور بانيبال: تأسست الملكية فى القرن السابع قبل الميلاد، وسميت نسبة إلى آشوربانيبال آخر أشهر ملوك الإمبراطورية الآشورية الحديثة، احتوت مجموعتها على آلاف ألواح الطين وبقايا نصوص نسبة كبيرة منها باللغة الأكّادية، احتوت على موضوعات مختلفة تعود للقرن السابع قبل الميلاد، وبعد تدمير نينوى فى 612 قبل الميلاد يعتقد أنه وأثناء إضرام النيران فى القصر اندلع حريق هائل طال المكتبة، ما أدى إلى تسخين ألواح الطين و"انصهارها" بشكل كبير. 6. حرق كتاب "فضائل الأنصار": من أقدم حكايات حرق الكتب بسبب الاختلاف السياسي؛ واقعة حدثت في المدينة سنة 82 هجرية، حيث أحرق كتاب يحوي على "فضائل الأنصار وأهل المدينة"، إذ خشي عبد الملك بن مروان أن يقع بيد أهل الشام فيعرف لأهل المدينة فضلهم، وهو خلاف ما عممه عنهم بنو أمية في الشام. 7. مكتبة بني عمار: من الفواجع التي لحقت بالمكتبات الخاصة في العصور الإسلامية، حرق مكتبة بني عمار من قبل الصليبيين في القرن العاشر الميلادي، وهي التي أسسها "بنو عمار" في طرابلس الشام، وجمعوا لها الكتب الكثيرة والمخطوطات النادرة، وكانت الكتب في معظمها مجلدة تجليدًا فاخرا، ومزخرفة بالذهب والفضة، وقد قدر مقتنيات مكتبة "بني عمار" بثلاثة ملايين كتاب. 8. مكتبة سابور": تأسست عام 992م في مدينة بغداد، وبلغ عدد الكتب بهازهاء 10400 كتاب، من بينها مائة مصحف بخط ابن مقلة، تم حرقها بالكامل عند مجيء الملك طغرل بك السلجوقي سنة 1059م. 9. مكتبة ابن حزم الأندلسي: من بين أهم المكتبات التي أحرقت على أيدي الحكام العرب، وابن حزم أشهر ممثلي الثقافة العربية في الأندلس، ألف العديد من الكتب، وكانت مكتبته من بين أضخم المكتبات الخاصة في الأندلس. أثير حوله الجدل مما حدا بالمعتمد بن عباد والي أشبيلية أن يأمر بحرق كتبه علنا. 10. مكتبة بيت الحكمة و36 مكتبة عامة ببغداد: دمر المغول بالإضافة إلى مكتبة بيت الحكمة ستة وثلاثين مكتبة عامة أخرى في بغداد، وذلك فور قيامهم بغزوها، ومكتبة بيت الحكمة في بغداد ظلت ردحاً من الزمن تمثل الإشعاع الفكري العربي الإسلامي منذ أن أسسها هارون الرشيد ورعاها ابنه المأمون حتى تدميرها. 11. دار العلم بالقاهرة: أضخم مكتبة عرفها التاريخ الإسلامي، وقد أسس المكتبة الخليفة العزيز بالله الفاطمي في قصره، ثم بنى ابنه الحاكم بأمر الله مبنى خاصا للمكتبة في عام 1005م بجوار القصر، بلغ عدد قاعات المكتبة ثماني عشرة قاعة والمقتنيات تقدر بمليونين ومئتين من المجلدات، تعرضت للخراب والدمار، وضاعت مئات الآلاف من الكتب حين وقع الخلاف بين الجنود السودانيين والأتراك في عام 1068م. 12. مكتبة قرطبة: اهتم بها الحكم الثاني وبذل الأموال الطائلة في جمع الكتب والمخطوطات وزودها بأنفس الكتب والإصدارات التي كانت تؤلف حينذاك وكان الحكم شغوفاً بقراءة الكتب، كما كان مهتماً بتنظيم المكتبة وتصنيفها وتزيينها بالزخارف الفنية، فعين عددا من المجلدين المهرة لتجليد الكتب التي كتبت بحروف من الذهب، وزينت بالتصاوير الجميلة، وبلغ عدد الكتب التي ضمتها المكتبة قرابة أربعمائة ألف كتاب إضافة إلى دواوين الشعر التي غطت ثمانمائة صفحة من فهرست المكتبة. 13. مكتبة آل عصفور: في تاريخ البحرين الحديث، تعرّضت مكتبة آل عصفور إلى النهب بعد استيلاء العُمانيين على البحرين، والمعروف أن هذه المكتبة تأسست في القرن الثامن عشر الميلادي وجمع كتبها الشيخ أحمد بن إبراهيم آل عصفور. 14. مكتبة السائح: في مطلع 2014، قام السلفيون المتشددون بحرق مكتبة "السائح"، أضخم وأهم مكتبة في طرابلسلبنان، يملكها ويديرها كاهن رعية الروم الأرثودوكسية الأب إبراهيم سروج، كانت المكتبة تضم ما يزيد على 80 ألف كتاب، قضي الحريق علي الجزء الكبير منها وما تبقي أتلفته مياه المطافئ. 15. مكتبة بعقوبة بالعراق: قامت داعش بإحراق المكتبة المركزية شمال شرق بعقوبة، إضافة إلى حرقها مكتبة أخرى تضم 1500 كتاب، وذلك بعد دخولها في 2014. 16. حرق المجمع العلمي بالقاهرة: من أعرق المؤسسات العلمية؛ مرّ على إنشائه أكثر من مائتي عام، ضمت مكتبته 200 ألف كتاب، وفي ديسمبر 2011 احترق مبنى المجمع بشارع قصر العينى في خضم الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر عقب ثورة 25 يناير 2011 وأتت النيران على 70% من إجمالي الكتب والمخطوطات التي كان يحويها المجمع. 17. مكتبة سراييفو: عرفت بالمكتبة الوطنية أو "جبل المعرفة" باللغة المحلية، كانت رمزا من رموز سراييفو وأحد مفاخرها، ومن أجمل المباني، احترقت بالكامل فى 25 أغسطس 1992. 18. المكتبة البولندية: أُنشأت عام 1928 وفتحت أبوابها عام 1930 تعرضت لدمار شامل فى الحرب العالمية الثانية عن طريق قصفها بالطائرات ليحترق فيها أكثر من 14 مليون كتاب ومخطوط. 19. المكتبة الألمانية: هي مجموعة من مكتبات البحث العلمى ولها موقعان رئيسيان، تحتوى المكتبة على نحو عشرة ملايين كتاب والآلاف من المخطوطات الغربية والشرقية، أشعل النازيون النيران فى قرابة عشرين ألف كتاب من الموجودين فيها قبل أن يتم إحراقها إبان الحرب العالمية الثانية، لينتهى معها مصير 800 ألف وثيقة وموسوعة وكتاب مابين الحرق والفقد والسرقة. 20. مكتبة ناصر خسرو: واحدة من أفضل المكتبات العامة فى أفغانستان إن لم تكن الأجمل، تحتوى على 55 ألف مطبوعة ما بين الكتب والوثائق والمخطوطات النادرة، أحرقتها جماعة طالبان بأكملها فى 12 أغسطس 1998. 21. مكتبة جافنا: تقع بمدينة جافنا بسريلانكا تم إحراقها سنة 1981، إثر أعمال شغب ولكن أعيد افتتاحها سنة 2004.