رشا عامر «فى الحرب، الحقيقة هى الضحية الأولى». هذه المقولة جاءت على لسان الروائى المسرحى التراجيدى اليونانى أسخيليوس قبل نحو 2500 عام.، لذا ليس من المستغرب أن نجد أن هذه الضحية الأولى متمثلة دوما فى المكتبات الكبرى التى وجدت على مدار التاريخ البشرى، مكتبات تم إحراقها أو قصفها عن عمد ليتم القضاء على كميات هائلة من المعلومات والفكر والثقافة، ولعل آخرها قيام داعش باحراق المكتبة المركزية شمال شرق بعقوبة ، إضافة إلى حرقها مكتبة أخرى تضم 1500 كتاب متفوقة لذلك على ما خلفته الحرب العالمية الثانية من دمار. كمية المعلومات والكتب والوثائق والمخطوطات التى تم القضاء عليها كانت لصالح الجهل حتى وإن اتخذ مسمى مختلفا مثل الحرب أو الخلافات السياسية. فأولى هذه المكتبات والتى تعرضت لدمار شامل هى المكتبة البولندية، التى أنشئت عام 1928 وفتحت أبوابها عام 1930 وتم تدميرها بالكامل فى الحرب العالمية الثانية عن طريق قصفها بالطائرات ليحترق فيها أكثر من 14 مليون كتاب ومخطوط. مكتبة البوسنة والهرسك.. التى أنشئت عام 1945 وتم تدميرها عام 1992 على يد القوات الصربية. مكتبة الإسكندرية الملَكية.. أول وأعظم مكتبة عرفت فى التاريخ وظلت أكبر مكتبات عصرها، أنشئت مكتبة الإسكندرية على يد خلفاء الإسكندر الأكبر منذ أكثر من ألفى عام لتضم أكبر مجموعة من الكتب فى العالم القديم، والتى وصل عددها آنذاك إلى 700 ألف مجلد بما فى ذلك أعمال هوميروس ومكتبة أرسطو. أمر بطليموس الأول بإنشائها 330 قبل الميلاد وتم الإنفاق عليها ببذخ فى عهد بطليموس الثاني، حيث قام بتوسعتها وإضافة ملحقات لها، احتوت المكتبة على عدد هائل من الكتب . وفى عام 48 ق.م قام يوليوس قيصر بحرق 101 سفينة كانت موجودة على شاطئ البحر المتوسط أمام مكتبة الإسكندرية وامتدت نيران حرق السفن إلى مكتبة الإسكندرية فأحرقتها، حيث يعتقد بعض المؤرخين أنها دمرت. مكتبة جافنا: الواقعة بمدينة جافنا بسريلانكا وهى مبنية وفق طراز معمارى مغولي. كانت تعتبر من أغنى مكتبات جنوب آسيا، قبل أن يتم إحراقها سنة 1981، إثر أعمال شغب ولكن أعيد افتتاحها سنة 2004. مخطوطات المايا.. ظهرت حضارة المايا فى نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد، وانتشرت من جنوب شرق المكسيك إلى غرب هندوراس والسلفادور. وبلغت ذروتها بين القرنين السادس والتاسع بعد الميلاد قبل أن تبدأ بالاندثار فى القرن السادس عشر بعد الغزو الإسباني، حيث احترقت مخطوطات المايا عام 1562. مكتبة سراييفو.. المكتبة الوطنية أو"جبل المعرفة" باللغة المحلية، كانت رمزا من رموز سراييفو وأحد مفاخرها، ومن أجمل المباني، احترقت بالكامل فى 25 أغسطس 1992. والحقيقة أن حرق مكتبة سراييفو، جريمة لا تعادلها الكثير من الجرائم التى أخذت حيزا كبيرا فى وسائل الإعلام الدولية، ووقتا طويلا فى الحديث عنها، ففى خلال ساعات قليلة التهمت النيران أعظم الكنوز المعرفية فى غرب البلقان عبر التاريخ، وكان من بينها آلاف الروايات، والكتب التاريخية، والرسائل الجامعية، وأمهات المصادر المعرفية، وذلك عندما أقدم الصرب على حرق المكتبة الوطنية فى سراييفو، وإحالة مليونى كتاب، و300 مخطوط من أنفس المخطوطات العالمية التى لا تقدر بثمن، فى مختلف مصادر الثقافة والمعرفة، إلى أكوام من رماد، بين أطلال مكتبة كانت زاخرة بالحياة. المكتبة الألمانية.. مكتبات البحث العلمى ولها موقعان رئيسيان. تحتوى المكتبة على نحو عشرة ملايين كتاب والآلاف من المخطوطات الغربية والشرقية. وفى العاشر من مايو أشعل النازيون النيران فى قرابة عشرين ألف كتاب من الموجودين فيها قبل أن يتم إحراقها إبان الحرب العالمية الثانية، لينتهى معها مصير 800 ألف وثيقة وموسوعة وكتاب مابين الحرق والفقد والسرقة. ومكتبة الكونجرس.. هى المكتبة الأكبر، والأكثر تكلفة، وأماناً فى العالم. هكذا نقشت هذه العبارة على قبة مبنى تومس جيفرسون، وهى البناية الرئيسية لمكتبة الكونجرس، التى تعتبر من المعالم البارزة فى عاصمة الولاياتالمتحدةالأمريكية، واشنطن. يبلغ طول رفوفها 856 كيلو متراً، تضم المكتبة 130 مليون مادة مختلفة، منها 29 مليون كتاب، ومواد مطبوعة ب 460 لغة، وأكثر من 58 مليون وثيقة. تُعَد المكتبة أكبر مرجع فى العالم للمواد القانونية، والخرائط، والأفلام، وحتى المعزوفات الموسيقية. أسست المكتبة فى عام 1800 م. لتخدم أعضاء الكونجرس الأمريكى. بدأت المكتبة آنذاك بخمسة آلاف دولار. يعود الفضل فى إنشاء المكتبة للرئيس الثالث للولايات المتحدة، توماس جيفرسون. فى عام 1851، تعرضت المكتبة لحريق كبير ودمرت النيران ما يقرب من 35 ألف كتاب، من إجمالى 55 ألف كتاب من الذى كانت تقتنيه المكتبة. تم الإشارة إلى أن سبب الحريق هو عيب فى إحدى المداخن. عرض حينها توماس والتر على الكونجرس خطة لبناء جناح جديد للمكتبة بمواد غير قابلة للاشتعال. افتتح فى 23 أغسطس 1853 فى حفل كبير، والذى جعل الصحافة تطلق عليه "أكبر جناح فى العالم". المكتبة الوطنية فى صربيا..تم إنشاؤها أول مرة عام 1832 ولكن تم قصفها بالقنابل عام 1941 على يد النازى، حيث تم تدمير مئات آلالاف من الكتب التى كانت تحويها المكتبة والتى كانت تبلغ 2,6 مليون كتاب. مكتبة أبخازيا التى دمرت عام 1992. مكتبة القسطنطينية: أخر المكتبات الكبيرة فى العالم القديم.. كانت تقبع فى عاصمة الامبراطورية البيزنطية.. قامت بحفظ المعرفة القديمة لليونان والإغريق لأكثر من ألف عام حتى أصابها الدمار عام 473 إبان الحروب الدائرة آنذاك. مكتبة ناصر خسرو.. واحدة من أفضل المكتبات العامة فى أفغانستان إن لم تكن الأجمل، فهى تحتوى على 55 ألف مطبوعة ما بين الكتب والوثائق والمخطوطات النادرة . أحرقتها جماعة طالبان بأكملها فى 12 أغسطس 1998 . مخطوطات تمبكتو.. هى مجموعة من المخطوطات تصل إلى 700,000 مخطوطة أكثرها باللغة العربية أو بلغات محلية كتبت بالحروف العربية وهى موجوة فى مالى. ولكن بسبب الاحتلال الفرنسى فإن أغلب المتعلمين فى مالى يدرسون بالفرنسية ولا يجيدون العربية فبالتالى تم تجاهل المخططات من قبل الشريحة المتعلمة فى البلد لدرجة أن أغلب المخطوطات فى وضع مزر ومهددة من العواصف الرملية والنمل الأبيض. فى عام 1913 قامت بعض المجموعات بحرق إحدى المكتبات فى تمبكتو التى تضم 30 ألف مخطوطة، ولكن تم إنقاذ أغلبية المخطوطات من قبل السكان المحليين قبل وقوع الهجوم، ولكن فى يناير 2013 أحرقت الجماعات المتشددة هناك كامل المكتبة. مكتبة آشور بانيبال الملكية تأسست فى القرن السابع قبل الميلاد، وسميت نسبة إلى آشوربانيبال آخر أشهر ملوك الإمبراطورية الآشورية الحديثة. احتوت مجموعتها على آلاف ألواح الطين وبقايا نصوص نسبة كبيرة منها باللغة الأكدية احتوت على موضوعات مختلفة تعود للقرن السابع قبل الميلاد. بعد تدمير نينوى فى 612 قبل الميلاد نتيجة تحالف بين البابليين والميديين وهم شعب إيرانى قديم، يعتقد أنه وأثناء إضرام النيران فى القصر فقد اندلع حريق هائل طال المكتبة، ما أدى إلى تسخين ألواح الطين و"انصهارها" بشكل كبير. وقد اختلف العلماء حول مقدار مقتنياتها حيث قال البعض إنها 1000 رُقم طينى ، ويذهب البعض بأنها أكثر من ذلك، ومن الثابت أن الملك آشور بانيبال قد جمع فى هذه المكتبة كل ما وجده فى القصور الملكية لأجداده من الملوك السابقين، وأضاف إليها كل ما استطاع جمعه فى عصره وحفظ فيها آلاف الألواح الطينية التى تمثل تراث حضارات ما بين النهرين فى جميع فروع المعرفة، وكانت المكتبة مفهرسة ومنظمة بصورة جيدة. تم العثور على بعض البقايا المتعلقة بالمكتبة فى موقع حفر أثرى فى شمال بلاد الرافدين (العراق حاليا). ونتيجة للحفظ والاستخدام السيئ لبعض من بقايا المكتبة المتبقية لم يتمكن علماء الآثار من ترميم معظمها، أما معظم اكتشافات الموقع تمت من قبل الرحالة وعالم الآثار البريطانى أوستن هنرى لايارد، حيث تم نقل معظمها إلى إنجلترا وتعرض بعضا من بقايا المكتبة فى المتحف البريطانى فى لندن.