قديما اتهم الشيخ زايد آل نهيان إيران بالتشهير والادعاء الكاذب امتلاكها الجزر الإماراتيةالمحتلة وأنها ملك سابق لها.. "عندي براهين تثبت حقي وإذا كان الآخرين عندهم براهين أقوى من براهيني فليقدمونها ووقتها يكون لهم الحق" كانت تلك كلماته في لقاء تليفزيوني.. طنب الكبرى وطنب الصغرى التابعتان لإمارة رأس الخيمة وأبو موسى التابعة لإمارة الشارقة.. جزر ثلاث كانت مشمولة بمعاهدة الحماية منذ توقيعها عام 1819 بين حكام الخليج وبريطانيا، لكنها كانت موضع اهتمام إيران التي حاولت بوصفها أكبر قوة إقليمية احتلالها عام 1904 وعام 1963 لكنها أخفقت. ولأن الطمع والتمدد غريزة عند أبناء فارس، فقد تكررت المحاولات بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى، حتى سقطت الجزر في أحضان الحرس الثورة بقوة السلاح، ليعيد إلى الأذهان محاولة أجداده السيطرة على إمارة لنجة أواخر القرن الثامن عشر عندما كان على بن خليفة بن سعيد الحكم وفشله في مزاولة الحكم بالكيفية التي كان عليها والده نظرا لصغر سنة ولوصاية يوسف بن محمد عليه، فوجدت حكومة إيران في ذلك ذريعة للتدخل في شؤون لنجة وفرضت ضرائب باهضة على التجار والمزارعين والبحارة. ولمواجهة هذا التعدي الفارسي اضطر الشيخ سلطان بن صقر شيخ رأس الخيمة وقتها إلى التدخل لإنقاذ حكم أسرته من السقوط النهائي فسافر إلى لنجة وقام بتدبير شؤونها بنفسه ومكث فيها فترة من الزمن. وبالأمس، أجمع العرب في قمتهم السادسة والعشرين على إدراج احتلال إيران للجزر الإماراتية ضمن 11 بندًا وملفا هاما ناقشتهم القمة، وهو ما يعد مؤشرا لتعمق أكبر وخطوات أكثر فاعلية تجاه تلك القضية العالقة منذ عقود، خاصة وأنها تأتي تزامنا مع تأكيدات الحاجة لإقامة قوة عسكرية عربية مشتركة، لتفتح بذلك ملفات قديمة وجديدة وتبدأ التكهنات والتوقعات لسيناريوهات كثيرة على رأسها المواجهة العسكرية بين العرب وإيران ليس حاليا ولكن آجلا.. محاولات إيران للشراء أو التأجير قبل عام من احتلال الجزر الثلاث وتحديدا في 1970، حاول شاه إيران محمد رضا بهلوي استتباع البحرين لدولته، لكن أهلها الأعزاء صوتوا في استفتاء على عروبتها، فما كان منه إلا إعلان نيته احتلال الجزر الإماراتية فحاول أولا إقناع حاكم رأس الخيمة صقر بن سلطان القاسمي بشراء طنب الكبرى والصغرى أو تأجيرهما، لكنه ووجه بالرفض، في حين وافق حاكم الشارقة خالد القاسمي - بعد أن أخفق في الحصول على مساندة عربية - على توقيع مذكرة تفاهم مع إيران برعاية بريطانية، ونصت على تقاسم السيادة على أبو موسى وعلى اقتسام عوائد النفط فيها، دون اعتراف إحداهما بمزاعم الأخرى تجاه الجزيرة. وضعت إيران يدها على طنب الكبرى والصغرى بعد أن اقتحمتهما بالقوة العسكرية قبل خمسة أيام من الانسحاب البريطاني المحدد في 30 نوفمبر 1971، في حين أنزلت قوة عسكرية ونشرتها في أبو موسى عملا بالاتفاق مع حاكم الشارقة. وبعد شهرين من ظهور اتحاد الإمارات المكوّن من أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان والفجيرة وأم القيوين، انضمت له رأس الخيمة، مما حول قضية الاحتلال الإيراني لطنب الكبرى والصغرى إلى قضية وطنية. الأطماع الإيرانية تتزايد مع مطلع التسعينيات استمرت مفاعيل اتفاق تقاسم السيادة في أبو موسى حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي، إلا أن حكام إيران في عهد الجمهورية الإسلامية في إيران قرروا بعد انتهاء حرب الخليج الأولى مع العراق توسيع الاستخدام العسكري لجزيرة أبو موسى، فنصبوا فيها صواريخ مضادة للسفن وأقاموا فيها قاعدة للحرس الثوري وفيلقا بحريا، ثم بدؤوا بمضايقة البعثة التعليمية العربية وحظروا دخول أفرادها إلى الجزيرة دون تأشيرة إيرانية. وأخيرا خيروا سكان الجزيرة العرب بين الطرد وقبول الجنسية الإيرانية. أسباب الأطماع الإيرانية هنالك أسباب استراتيجية تتمثل في أن الجزر الثلاث تقع في مدخل الخليج العربي واحتلالها يمكن طهران من السيطرة على مضيق هرمز، إلى جانب الأسباب الاقتصادية المتمثلة في توافر النفط الخام في تلك الجزر وتواجد كميات كبيرة من أكسيد الحديد في أبو موسى إذ أن هذه الجزر تعد منطقة استراحة للسفن القادمة والخارجة من مضيق هرمز. طهران تتنصل من محكمة العدل الدولية رفضت الإمارات العربية احتلال إيران لجزرها الثلاث وعرضت قضيتها على الأممالمتحدة لإصرارها على تجنب المواجهة مع دولة إسلامية، وحاول قادة الإمارات مرارا إقناع طهران بحل القضية عبر المفاوضات المباشرة أو محكمة العدل الدولية، لكن الأخيرة كررت رفضها، معتبرة أن سيادتها على الجزر الثلاث ليست محل نقاش، وبُذلت في هذا السياق عملية تفاوض في أبو ظبي بين الطرفين عام 1992 لكنها لم تصب أي نجاح، وقامت سوريا بوساطة مشابهة انتهت إلى الفشل. القمة العربية.. إجماع على سيادة الإمارات جدد المجتمعون في القمة العربية السادسة والعشرين بمصر تأكيدهم المطلق على سيادة دولة الإمارات الكاملة على جزرها الثلاث، داعين الحكومة الإيرانية إلى الدخول بمفاوضات مباشرة مع دولة الإمارات أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لإيجاد حل سلمي لقضية الجزر.