مرة أخرى، تتوالى آثار ونتائج المواد الدستورية التي أعدتها لجنة الخمسين، بعدما حذر خبراء الدستور، من أن أي اتفاقية المبادئ التي وقعها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع إثيوبيا حول سد النهضة، أو أي اتفاق أو معاهدة تتعلق بالسيادة يجب أن يتم "الاستفتاء" عليها لتصبح سارية، وذلك بنص دستوري صريح. وألزمت الفقرة الثانية من المادة 151 من الدستور، الرئيس بإجراء الاستفتاء على "معاهدات الصلح والتحالف وكل ما يتعلق بحقوق السيادة". وتعد اتفاقيات المياه من حقوق السيادة، بل أن جميع معاهدات المياه من اتفاقيات السيادة، وبالتالي أي اتفاق مع إثيوبيا وغيرها يتعلق بالمياه يعد من السيادة يجب الاستفتاء عليه وفق المادة 151، وإلا أصبحت هذه الاتفاقية غير دستورية ويمكن الطعن عليها وإلغائها. وجاء نص المادة 151 كما يلي "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة". وتتضمن الاتفاقية بين مصر وإثيوبيا 10 مبادئ هي "مبدأ التعاون، التنمية والتكامل الاقتصادى، التعهد بعدم إحداث ضرر ذى شأن لأى دولة، الاستخدام المنصف والعادل للمياه، التعاون فى عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوى، مبدأ بناء الثقة، ومبدأ تبادل المعلومات والبيانات، ومبدأ أمان السد، ومبدأ احترام السيادة ووحدة أراضى الدولة، وأخيراً مبدأ الحل السلمى للنزاعات". وتتضمن الاتفاقية وفق خبراء، اعتراف مصري بالسد والمساعدة في ملئ الخزان الخاص به وسط تساؤلات من خبراء ومتخصصين تتعلق بإقرار إثيوبيا بحصة مصر الرسمية في مياه النهر، وتقدر ب 55.5 مليار متر مكعب سنويًا ومخاوفهم من توقيع الاتفاقية باعتبار أن التوقيع سيكون إقرار رسمي من مصر بأن سد النهضة سد رسمي وشرعي، وهو ما يمنع مصر مستقبلًا من الشكوى أمام مجلس الأمن الدولي. وأكد خبراء أن اتفاقيات مياه النيل من صميم السيادة خاصة مع إثيوبيا، في ظل التهديدات للمياه في مصر من هذا السد الذي تبنيه إثيوبيا خاصة أن الاتفاق قد يكون اعترافا بالسد ويهدد مستقبلًا حدود مصر المائية. وقال الخبير الدستوري المستشار نور الدين علي، إن المادة 151 في نص فقرتها الثانية تلزم الدولة ورئيس الجمهورية بما لا يقبل اللبس بإجراء الاستفتاء على كل حقوق السيادة، وهى حقوق كثيرة ومطاطة منها كل اتفاقيات الملاحة البحرية والحدود واتفاقيات المياه والاتفاقيات الثنائية واتفاقيات الدفاع والتحالف العسكرية. وأضاف نور الدين، أن حقوق السيادة لها تعريف واضح، وأن اتفاقيات المياه من صميم السيادة، ومع ذلك من المستحيل عمل استفتاء على كل الاتفاقيات خاصة أنها لا تعتمد بدون تصديق من البرلمان والاستفتاءات تكون مكلفة للغاية، وتعطل البلاد، لذلك لابد من تعديل المادة بمجرد انعقاد البرلمان. من جانبه، قال الدكتور داود الباز، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الأزهر، إن المياه من صميم السيادة ووثيقة المبادئ أو الاتفاق الذي يوقعه الرئيس عبد الفتاح السيسي هو متعلق بمصير وحياة المصريين وليس مجرد السيادة، وهو ما يعني أن المادة 115 تنطبق على أي اتفاق أو معاهدة تمس مياه النيل أو حقوق مصر المائية، ووفق الدستور الذي أقر بالفعل أصبحت المادة ملزمة لإجراء الاستفتاء على مادة السيادة. وأضاف أن الفقرة الخاصة بالسيادة في المادة الدستورية ستكون محل جدل كبير، لأن التعريفات حول السيادة حولها خلاف دولي كبير بل وحقوق السيادة مصطلح واسع ومطاط وغير محدد محليًا ودوليًا، وهناك تعريفات جديدة وقديمة للسيادة ومفاهيم يتم النقاش حولها ولكن اتفاقيات المياه من صميم السيادة، ولكن الاستفتاء عليها من المستحيل تنفيذه وهي مكلفة للدولة ولابد من تعديل المادة في أسرع وقت.