يعد حزب النور السلفي أحد الظواهر السياسية المثيرة للجدل في الساحة المصرية. نجح الحزب في حصد 25% من مقاعد البرلمان عقب شهور من ثورة يناير، ليفرض نفسه على الساحة السياسية بقوة، وجاء يوم 3 يوليو 2013 ليوقع الحزب على وثيقة خارطة المستقبل التي طرحها الفريق عبد الفتاح السيسي آنذاك، ليفتح بابًا من الجدل حول مستقبل الحزب ومدى تعاون التيارات السلفية معه. يحاول "النور" أن يستثمر فرصة خروج "الإخوان" من المعادلة السياسية، من أجل أن يكون البديل السياسي لحزب الحرية والعدالة، وأن يحرز أغلبية في الانتخابات البرلمانية القادمة، وفي سبيل ذلك واجه الحزب العديد من المعضلات في تشكيل تحالف انتخابي إسلامي يخوض من خلاله الانتخابات البرلمانية القادمة، فالأحزاب الدينية جميعها تواجه تحدي الحل طبقًا للقانون الذي يمنع إنشاء الأحزاب على أساس ديني، كذلك العديد من تلك الأحزاب تقبع تحت مظلة تحالف دعم الشرعية الرافض لخارطة المستقبل. ووسط التكهنات التي أثيرت حول قدرة الحزب على حصد مقاعد خلال البرلمان القادم، فاجأ قيادات الحزب الجميع بانتهائهم من تشكيل قوائمهم الانتخابية والدفع بعدد كبير وصل ل 229 مرشحًا على المقاعد الفردي، ليصبح بذلك هو الحزب الأكبر من حيث عدد المرشحين على الساحة السياسية بإجمالى 349 مرشحًا أى انه ينافس على 60% من مقاعد البرلمان. الرهان على أخطاء الآخرين نجح حزب النور في حصد ثمار خلاف الأحزاب والقوى المدنية فيما بينها، والذي أدي انشغالهم بالتصارع على صدارة المشهد، إلى تفتت التكتل الذي واكب ثورة 30 يونيو، وكانت نتيجته، فشل كل الأحزاب سواء منفردة أو مجتمعه في تقديم 4 قوائم انتخابية من أجل خوض انتخابات البرلمان القادم، حتى أن تحالف الوفد المصري الذي كان يعد من أكثر التحالفات تماسكاً فشل في الانتهاء من أى قائمة وفضل اللجوء إلى قائمة "في حب مصر". ويبدو أن "النور" يسير في طريق خطط له بحرفية، مستغلًا تخبط القوي المدنية الأخرى، فاستطاع أن يتغلب على عقبة تمثيل الأقباط ضمن قوائمه من خلال التفاوض مع عدد من الأقباط ونجاحه في ضم حركة أقباط 38 إلى قوائم حزب النور، ويعد ضم الأقباط للقائمة واحدة من أكبر المعضلات التي واجهت الحزب، إلا أنه بتغلبه عليها يعطي دلالة قوية أن الحزب لديه إصرار للمنافسة بقوة خلال الانتخابات القادمة وحصد أكبر نسبة من المقاعد، في ضوء تفتت الأصوات المتوقع بين القوى المدنية. عقبات في طريق النور هناك العديد من الأسباب الجوهرية التي ستمثل عائق قوي، أمام وصول حزب النور بعدد وفير من المقاعد للبرلمان القادم، ولعل أهم تلك الأسباب: أولًا: المزاج الشعبي الرافض لتيار الإسلام السياسي بصفة عامة نتيجة أعمال العنف التى انتهجتها جماعة الإخوان المسلمين، وعمليات التحريض التي تتبناها أحزاب تحالف ما يسمى بدعم الشرعية، بالإضافة للربط بين أعمال العنف في الوطن العربي على أيدي داعش وبين التيارات السلفية والسلفية الجهادية. ثانيًا: رفض العديد من القواعد السلفية المشاركة في جميع الاستحقاقات التي أعقبت ثورة 30 يونيو، اعتراضًا على عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي. ثالثًا: الرقابة المفروضة على الموارد المالية القادمة من الخارج، وكذلك الرقابة المفروضة على صناديق الزكاة من قبل وزارة الأوقاف، وهو ما يشير إلى أن عملية تمويل الدعاية ستعتمد بشكل كبير على الموارد الذاتية لأعضاء وقيادات الحزب. رابعًا: الهجوم المتبادل بين الأحزاب الاسلامية، وحزب النور وهو ما يؤثر بالسلب بشكل أساسي على صورة الحزب أمام الشعب وأمام القواعد السلفية. الدعم السلفي وفرص حزب النور ستتوقف فرص حزب النور في حصد عدد كبير من المقاعد على الدعم والتوجيه الذي يقدمه مشايخ التيار السلفي إلى الحزب، وهناك ثلاث عوامل سيتوقف عليهم دعم التيار للحزب، أولهم رأب الصدع بين الأحزاب السلفية وحزب النور، والثاني ضمان عدم الدخول في مواجهة مع الدولة، والثالث تحقيق أكثر مصالح ممكنة من وصول النور بعدد مناسب للبرلمان. ستكون فرصة حزب النور كبيرة للفوز بنصيب المقاعد المخصصة للقوائم في ضوء تنافس القوى المدنية فيما بينها، وتكون الفرصة أقرب في القطاعات التي تتسم بالكثافة السلفية، مثل الإسكندرية – البحيرة – مرسي مطروح . سترتفع فرص حزب النور على المقاعد الفردية في حالة وصول مرشحي الحزب لجولات الإعادة، خصوصًا إن كان الخصم من أحد رموز النظام السابق، وهو ما يعني أن فرص توحد التيار لسلفي خلف مرشح النور هي الأعلى، بواجب ديني قبل أن يكون الواجب وطني.