ملأن حياتنا رقة وعذوبة، منحَنَنا دروسا فى الحب، حلقن فى سماء لم يرين إلا صفاءها. ورغم المعاناة ومحطات الخفقان التى استوقفتهن مرات ومرات نحتن الحياة لنا صورة مفعمة بالحب والبهجة. لم تكن حياتهن باليسر الذى تصوره كثيرون عنهن، بل ظل طريقهن للبحث عن الحب طريقا معبّدا بالمعاناة والحرمان والدموع. لكن بقى دوما شىء واحد هو قدرتهن على إسعادنا وإشاعة البهجة فى حياتنا وإقناعنا بالحب سبيلا، وتظل رسالتهن.. الحب. هكذا تتلخص حياة جيل من فناناتنا ومبدعاتنا. جيل أهم مرحلة من عمر وطن، مجتمع أنهكته السنون، لكن لم يتوقف أفراده جيلا بعد جيل من الذوبان معهن فى أحلام الحب... والبحث عنه. من دون إعلان قدن عمليا مسيرة كل النساء فى مجتمعنا، للتحرر من الرق للرقة، من الحرمان للأنوثة، أعلن حقهن فى الحياة والحب، وانطلقن بأحلامهن فى فضاء رحب. حلم المرأة أن تعيش أنوثتها ورقتها، عاشقة فى فضاء من الحب. نساء عاشت صراعا بين من يدين الحلم. ومن يحصره فى مجرد شريط سينما.. وبين من وجد فيه الحقيقة التى تلخص ذاتنا. لم يكُنّ مؤديات.. ممثلات، بل مجسدات لأدوار تمنينها بكل ما تتضمن من معاناة وحرمان، ببراءة وأمل، صَدَقن وصدّقن. فاتن وصباح وليلى مراد ومريم وسعاد وهند ووردة وغيرهن رحمهن الله، شادية ونادية وماجدة ولبنى وليلى طاهر وشويكار ومديحة وغيرهن أطال الله أعمارهن. رحلن عن الأضواء ليتركونا نحلق بأحلامٍ دسوها فى قلوبنا وروحنا. نساء يبحثن عن ذاتهن وحبهن وأحلامهن، منهن من حققت ولو جزءا من الحلم فى حياتها، وكثيرات عشنه وفقط على الشاشة، ومثل كثيرات منا تماهين معه.. وحلُمّنَ. اخترن، ولاقين من اللوم ما لا طاقة لهن به، فالاختيار حق حصرى للطرف الآخر.. يختارها هو. الأنوثة عيب والاختيار حرام. المرأة العاشقة، الأنثى اللعوب.. كلها لعنات. شكلن وجداننا.. نساء عُجِنّ بالحب والعذوبة، القوة والرقة، الكسر والصمود، بكين لكن لم يستسلمن. امتلكن ذاتهن، وبعثن فى نفوسنا طاقة. الحب قرار وليس استسلاما.. نبحث عنه العمر كله.. التشبث بالحلم الذى منحنه هو سر البقاء. الحب يملأ جوارحنا تسبح فيه أرواحنا.. مهما طال العمر يظل الحب سبيلا للبقاء.. أقوى من كل حسيات.. الحب هو الرغبة فوق كل رغبة، هو قيمة القيم. العشق والحب والصوفية.. رحلة الروح للبحث عن الحب فى مسيرة الحياة.. بحث لا يتوقف حتى نلقى وجه الحب. رحلت فاتن ولا يزال نهر الحب على تدفقه. وفى لحظة الحب ولحظة الموت، نسمع دعاء الكروان.. أترينه كان يُرَجِعُ صوته هذا الترجيع حين صرعت هنادى فى ذلك الفضاء العريض... .