بحكم التخصص فى العلوم السياسية، وبحكم الممارسة السياسية لمدة 40 سنة، أتحدَّث بصوت عالٍ ومرتفع حتى عنان السماء عما هو آتٍ بلا ريب بشأن استعجال انتخابات البرلمان، وللمعلومة فقد سبق أن حذَّرت كثيرًا. هذه المرة يجب أن نتحدَّث بأعلى صوت.. احذروا من استعجال انتخابات البرلمان قبل الموعد الدستورى الحقيقى المنصوص عليه فى المادة (115) من الدستور. وعلى الزاعمين بأنهم فقهاء دستوريون.. أن لا يصمتوا.. أو يزيّفوا.. أو يزيّنوا..!! فنص المادة (115) كالتالى: يدعو رئىس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد للدور العادى السنوى قبل يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر، فإذا لم تتم الدعوة، يجتمع المجلس بحكم الدستور فى اليوم المذكور، ويستمر دور الانعقاد العادى لمدة تسعة أشهر على الأقل، ويفض رئىس الجمهورية دور الانعقاد بعد موافقة المجلس، ولا يجوز ذلك للمجلس قبل اعتماد الموازنة العامة للدولة . ومن الواضح أن الذين صاغوا هذه المادة، كان فى ترتيبهم أن الانتخابات البرلمانية ستجرى عقب الانتخابات الرئاسية، أى فى شهور الصيف الماضى (يوليو - سبتمبر/2014) ومن ثَمَّ يُدعى البرلمان للانعقاد فى شهر أكتوبر، كما نصَّت عليه المادة (115). وباعتبار أن ذلك لم يحدث، وطبقًا لنظرية الضرورة ، فإن الموعد لإجراء الانتخابات البرلمانية كان ممكنًا قبل نهاية عام 2014م، على أن تُعقد أولى جلساته فى اليوم الأول من شهر يناير 2015، وطبقًا للمادة (115)، استنادًا إلى أن مدة دور الانعقاد تسعة أشهر بحيث ينتهى دور الانعقاد بانتهاء سبتمبر 2015م، وترفع الجلسات لعدة أيام، ثم يعود للانعقاد مرة أخرى قبل الخميس الأول من أكتوبر 2015م فى دور انعقاد جديد. وحيث إن ذلك لم يتم، ويكثر الحديث عن أن الانتخابات البرلمانية ستجرى فى مارس أو أبريل، وأن المجلس سينعقد فى مايو أو يونيو، دون قراءة لنص المادة (115)، فهو عبث بالبرلمان القادم وانتهاك صارخ للدستور الذى أقرّه الشعب فى 18 يناير 2014م، وأصبح وثيقة العمل الملزمة للجميع. فكيف ستتم دعوة البرلمان للانعقاد بعد انتخابه حسبما يتحدَّثون، لدور الانعقاد الأول؟! وكيف ستتم المدة الدستورية الملزمة لهذا الدور الأول وهى تسعة أشهر متصلة وكاملة على الأقل؟! فهل يمكن دعوة البرلمان للانعقاد بعد انتخابه فى شهر مايو 2015م، ويستمر انعقاده لمدة (5) خمسة أشهر حتى نهاية سبتمبر 2015م، ثم يتم فض جلساته دون أن يستكمل مدته الدستورية ليصبح دور الانقعاد غير كامل دستوريًّا؟! ثم تتم دعوة المجلس مرة أخرى فى بداية شهر أكتوبر 2015م، والسؤال إذن: ما الوضع الدستورى لدور الانعقاد غير المكتمل طبقًا لنص المادة (115) التى تلزم دور الانعقاد بأن لا يقل عن تسعة أشهر على الأقل؟ وهل إذا ترك دور النعقاد الأول ليستكمل مدّته الدستورية حتى يناير 2016م؟ فكيف ستتم دعوة البرلمان لدور الانعقاد الثانى؟! هل فى فبراير أو بعدها؟! وهل يأخذ المجلس إجازة حتى قبل الخميس الأول من أكتوبر 2016م؟! وهل يمكن للبرلمان أن يستمر دون توقُّف عن الجلسات ليدخل دورَى الانعقاد من بعضهما؟! وإذا استكمل تسعة أشهر فى يناير 2015م ثم توقف، فكيف يستقيم النص الدستورى بأنه لا يجب فض دور الانعقاد قبل اعتماد الميزانية العامة للدولة؟! من أسف، أنه لم يتحدّث من فقهاء الدستور، فى هذا الأمر، لكننى نبَّهت لذلك كثيرًا منذ عدة أشهر!! ولذلك طالبت من البداية فى مقال شهير قرأه كثيرون وعلَّق عليه كثيرون وخصصت له برامج حوارية شاركت فى بعضها، بعنوان: تأجيل الانتخابات البرلمانية: ضرورة ثورية ، فى يونيو 2014م. وما زلت عند رأيى الذى فرضه الواقع دون إفصاح كما أوضحت. ولذلك فإننى أرى، والرسالة لك يا سيادة الرئىس وللرأى العام من شخص يزعم بأنه من فقهاء السياسة وخبير فى الممارسة السياسية، أن البرلمان القادم إذا ما استعجل انتخابه فى غير الموعد الدستورى المحدد فى المادة (115)، فهو باطل ومحكوم عليه مسبقًا بالحل فى أقرب فرصة، ولن يستكمل مدّته الدستورية، وكأننا نتحرَّك دون أن نستفيد من تجاربنا السابقة ونكلّف الشعب أموالًا طائلة قد تتجاوز المليار جنيه، ونخضع لابتزازات الخارج، وضغوط أصحاب المصلحة فى الداخل. أقترح يا سيادة الرئيس أن تبدأ اللجنة العليا للانتخابات بدعوة الناخبين لانتخاب البرلمان القادم فى شهر يوليو 2015م، على أن تجرى الانتخابات خلال شهر سبتمبر 2015م، ويدعى البرلمان لأولى جلساته قبل الخميس الأول من شهر أكتوبر 2015م، كما نص الدستور فى المادة (115)، تحاشيًا للحل الأكيد للبرلمان. فالأفضل أن نصبر بعض الوقت لإعداد المسرح لانتخابات سليمة، احترامًا للدستور، على أن نستعجل، فنخسر كل شىء.. ويصبح الأمر وكأنه مؤامرة على الشعب، فاحذروا يا سادة. الثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله، وما زال الحوار متصلًا.