ليس عندى أى مانع من لقاء الرئيس مع أى شخص أو جماعة، لكننى من النوع المزعج الذى يسأل دائما عن الأسباب، والتسميات، والأهداف، فأنا مثل الشاعر الإنجليزى رديارد كيبلنج لدىّ ستة من الأصدقاء المخلصين تعلمت منهم كل ما أعرفه، أسماؤهم: ماذا؟ لماذا؟ متى؟ كيف؟ أين؟ من؟ ولما تكررت دعوة الرئيس للإعلاميين تحديدا، ضغط علىَّ أصدقائى، خصوصا الأنتيم (ماذا ولماذا؟)، فأنا لم أعرف هل هذا اللقاء مثلا اسمه «مؤتمر صحفى»، أم «مأدبة غذاء»، أم «دعوة حوار»، أم «جلسة تعارف»، أم «حصة للتوجيهات والتعليمات»، أم «أى حاجة وخلاص»؟! فعلا لا أعرف البتاع ده اسمه إيه! وهل هو دورىٌّ فى مواعيد معروفة؟ أم حسب طلب الصحفيين؟ أم على مزاج الرئاسة؟ وكيف يتم اختيار السادة الصحفيين؟ ومَن يختارهم؟ وهل هى لقاءات عمل أم مواعيد غرامية؟ وهل ما يدور فيها سرىّ، أم علنىّ؟ أم يجمع بين السرى والعلنى؟ أنا طبعًا بحكم العادة «غير مهتم» بما يدور فى الجلسات المغلقة وكواليس الحكم، أو أى كواليس، فأنا أعيش فى النور، وأفضّل أن أتفاعل مع ما يدور تحت السماء الواسعة، ولا تشغلنى مناجاة اثنين حتى لو كنت ثالثهما، ولا أطمئن إلى حكاية «كلمة فى ودنك»، وهاقول لك سر بس مش للنشر! أنا بتاع اللى عنده حاجة يقولها. لذلك تصورت أن الرئيس عنده حاجة عاوز يقولها للإعلام، بس يا إما الإعلام مش فاهم، يا إما فاهم ومطنش، يا إما الرئيس مش عارف يوصلها بوضوح، لأنى مش مقتنع بأن هذه اللقاءات المتكررة، من أجل أن يقول الرئيس كلاما معروفا، قاله من قبل ويقوله كل يوم، كما قاله غيره من قبل ويقولونه كل يوم. ■ قد يقول متحمس لبرنامج «تحيا مصر»: أصل البلد فى خطر. - طب ما احنا عارفين، الصحفيين هبل يعنى؟ وهى دى معلومة جديدة؟! ■ قد يزيد فيقول: مش واخد بالك من مؤامرة قطر وتركيا، ورعب «داعش» وما يحدث فى ليبيا؟! - يا عم إذا كان الرئيس نفسه بيقول لضيوفه: ماتقلقوش، هنفرم أى حاجة وأى حد، واحنا فى حالنا، لا لنا دعوة بليبيا ولا سوريا! ■ أصلك مش واخد بالك، فيه مواقع على الإنترنت بتهاجم مصر بتمويل قطرى. - يااااه، إيه الاكتشاف المرعب ده، يعنى المواقع دى أقوى من «الجزيرة» وفضائيات «امسك انقلاب» و«تحيا رابعة»، والصفحات والمواقع التى ينشئها شباب وجماعات معارضة للسلطة داخل مصر؟ الموضوع مش داخل دماغى خالص، وأكيد هذه اللقاءات فيها «إنّ»، وربما يكون ل«إن» خمسة إخوة ليكملوا ستة من المشاغبين المنحرفين غير أصدقائى المخلصين الستة! قالت لى «كيف»: لماذا لا يستخدمنى الرئيس؟ قلت لها متعجبًا: إزاى يعنى؟ (على فكرة «إزاى» هو اسم الدلع للآنسة «كيف»). قالت: يعنى لو عاوز يعمل حاجة يسألنى: إزاى تتعمل، يعنى لو عاوز يبلغ معلومات للصحفيين، أذكّره بأن لديه مكتبا إعلاميا، وبيانات، ومتحدثين من كل نوع، ومستشارين فى كل مجال، لو عاوز يصدر توجيهات، يبقى مش من أعلى مستوى كده، الرئيس له هيبة، مش هيعمل المهام الصغيرة بنفسه، لو عاوز يظهر إنجازاته، عنده هيئات ووسائل كتير مهمتها هذا الكلام، حتى لو عاوز يتصور صور حلوة، يبقى نعمل جائزة للإعلام، أو تكريم للصحفى اللى بيصحى الساعة 5 الصبح، أو المذيع الأول فى مصر، زى المقدم أحمد موسى كده.. حتى الصور يبقى فيها «أكشن». بصراحة شعرت بالغيظ من «كيف»، فهى تتحدث كأن لها دورًا فى المرحلة، مع أنها أكثر أصدقائى بطالة فى هذه المرحلة، فلا أحد يفكر فيها، ولا يستخدمها، المرحلة شغالة أين، ومتى، ومن؟ يلَّا باى. ■ طيب إنت كنت عاوز تقول إيه فى المقال؟ - مش عارف، لو فهمت حاجة هابقى أعمل معاكم لقاء.