لا يعلم الغيب إلا علام الغيوب ولا يزال ما حدث فى مصر عقب 25 يناير حتى اليوم لغزا يثير تساؤلات المؤرخين والسياسيين وعشاق النميمة على حد سواء، حيث يختلط فى الحكايات عن هذه المرحلة الانتماء السياسى والموقف الشخصى من أبطال المشهد، وكثير من العوامل التى تجعل الروايات مختلفة، بل وأحيانا متناقضة. دور العلوم السياسية هو أن تحاول تحليل الموقف بشكل محايد وتستلهم الدوافع الحقيقية للأشخاص، سوف أحاول فى هذا المقال أن أتخيل شكل مكالمة الهاتف الأخيرة بين «ط» و«ش» قبل خلع «ش» من رئاسة وزراء مصر. لم ألتق فى حياتى أيا من الاثنين، ولا أملك أى معلومة حول حدوث مثل هذه المكالمة من عدمه، وأحاول كمحلل مبتدئ أن أرصد اتجاهات ودوافع وتخوفات كل منهما فى المكالمة الأخيرة: «ش»: أنا اتواصلت مع عدد من الشباب المحترمين، وهما أكدوا ليا أنهم مش مقتنعين بالمبالغة والابتزاز اللى بيمارسهم شباب التليفزيون. لازم نحسم الموضوع ونضع حد للابتزاز. «ط»: مافيش تنظيم معين بيضم الشباب دول وانت عارف كده. أغلبهم شباب حسن النية بس لسه مش فاهمين حالة البلد وطبيعة السياسة، متخيلين أن البلد فيها كنوز على بابا واحنا مانعنها عنهم، ده غير اللى بيزايدوا وخلاص علشان يبقوا أبطال، عموما أنا شايف إنك لازم تتكلم مع الشباب ومع الإخوان كمان. «ش» (شبه مقاطع): أنا عندى تحفظات كتير على التعامل مع الإخوان، وأعتقد أن حضراتكم بتخاطروا مخاطرة كبيرة جدا بالتعامل معاهم. دول متطرفين وأنا مش ممكن أصدق إنهم فجأة نسيوا أفكارهم القديمة، وبقوا مؤمنين بالدولة الوطنية واللواء «ع» نفسه لما استدعاهم كان ضمن مجموعة كبيرة وكان مقتنع إنهم لازم يتحجموا وإن الحرية اللى بياخدوها دلوقتى خطر على الدولة كلها. «ط»: مانقدرش نستبعدهم من غير أسباب قانونية أو حتى دلائل على جرائم وإلا حنزود غضب الشارع. «ش»: أنا مش بقول تتفصل على مقاس ناس معينة بس أنا واللواء «ع» رأينا أن ممكن مطالب الناس تتحقق لو اتعمل برلمان بيمثل القوى السياسية كلها، ومن غير كل الأسماء الفاسدة، ولكن لا يمكن نسيب الإخوان تشارك فيه وإلا حتسيطر عليه وعلى الدولة كلها. «ط»: إحنا مش حنضحك على الناس. بصراحة كده. انت ليك طموح تترشح للرئاسة؟ «ش»: مش شرط أنا. ممكن اللواء «ع»، ممكن حضرتك لو تحب، بس ماينفعش نسيب البلد يديرها ناس ماتعرفش حاجة عن الدولة أو ناس عايزة تغير شكلها. «ط»: بس كلامك ده معناه إن رئيس وزراء مصر لما بيجتمع مع القيادات المحلية والشباب اللى بتقول عليهم مش بيجتمع علشان هو رئيس وزراء مصر، لكن بيجتمع علشان حملته للانتخابات الرئاسية أو علشان يعمل حزب وطنى تانى. «ش»: لا طبعا، مش ده اللى بيحصل مش حيكون فيه حزب وطنى تانى، بس لازم يفضل كيان أو شبكة سياسية تحمى الدولة، وأنا مش مقتنع بالأحزاب القائمة. «ط» (بحسم): الدولة مش حيكون ليها مرشح فى الرئاسة، الناس عايزة ديمقراطية تبقى ديمقراطية بعيوبها ومزاياها وماتخفش على الشعب ده. الشعب ده يقدر يفرز كويس ويختار صح ولو اختار غلط حيعرف يصلح غلطة.