ازدادت حالة الفوضى فى ليبيا الخميس وسط غموض بشأن من يدير البلاد بعد أن دخل النزاع بين رئيسى وزراء يزعم كل منهما أنه يتمتع بالشرعية مرحلة مواجهة قد تفجر عنفًا بين الفصائل المتصارعة. واقتربت البلاد من أخطر أزمة -حتى بالمعايير الليبية المضطربة- فى ثلاثة أعوام منذ أن أطاح مقاتلو المعارضة بمعمر القذافى فى انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسى. وعيَّن أعضاء فى المؤتمر الوطنى العام (البرلمان) رجل الأعمال أحمد معيتيق قبل ثلاثة أسابيع كثالث رئيس للوزراء فى شهرين بعد اقتراع سادته الفوضى، وذلك بدعم من الإسلاميين والمستقلين فى البرلمان المنقسم. لكن القائم بأعمال رئيس الحكومة الليبية عبد الله الثنى رفض أمس الأربعاء تسليم السلطة بسبب شكوك بشأن شرعية انتخاب معيتيق، الذى عينه برلمان يرى فيه كثير من الليبيين سبب بطء تقدمهم الديمقراطى. وتأتى تلك الأزمة السياسية قى إطار مواجهة أكبر ومن المحتمل أن تكون أكثر عنفًا بين فصائل الإسلاميين وفصائل خصومهم وفصائل أخرى تنتمى لمناطق مختلفة تتصارع لرسم مستقبل البلاد. وقال مسؤولون ومستشارون إن رئيسى الوزراء ينتظران قرارات أخرى من المؤتمر الوطنى العام أو حكمًا للمحكمة العليا بشأن الانتخابات فيما قامت لجنة خاصة بالوساطة بين الطرفين اليوم الخميس. ووصف الثنى -وهو وزير دفاع سابق أعلن قبل أسابيع استقالته بسبب محاولة للهجوم على أسرته- فى كلمة وجهها إلى الأمة فى ساعة متأخرة أمس الأربعاء المخاطر المترتبة على فشل المفاوضات. وقال فى بيان أذاعته وسائل الإعلام إن حكومته تحذر من «أخطار محدقة بالوطن فى ظل الاختلاف السياسى تتمثل فى الانزلاق إلى خطر انقسام الوطن والاحتكام إلى السلاح والتدخل الأجنبى». ولم يتبق لليبيا بعد أربعة عقود من حكم القذافى وثلاثة أعوام سادتها الفوضى بعد الإطاحة به سوى القليل من مؤسسات الدولة التى تتمتع بالشرعية وبدون جيش وطنى لفرض شكل ما من أشكال الاستقرار. وتدخلت كتائب مقاتلى المعارضة السابقين فى السياسة وأقامت تحالفات فضفاضة مع تكتلات متنافسة للتأثير على الساحة السياسية. وتزايد خطر حدوث مواجهة مسلحة أوسع هذا الشهر عندما بدأ خليفة حفتر اللواء السابق بالجيش الليبى حملة دون تكليف من أحد ضد متطرفين اتهم الأحزاب الإسلامية فى البرلمان بالسماح لهم بالعمل على الساحة. وحفتر حليف سابق للقذافى انشق عليه فى الثمانينات وقد قضى سنوات فى الولاياتالمتحدة وعاد بعد انتفاضة عام 2011. وقد رفض تعيين معيتيق وطالب النواب بتسليم السلطة. وحذرت ميليشيات إسلامية متناحرة معظمها متحالف مع حزب العدالة والبناء -الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين- حفتر واتهمته بالتخطيط لانقلاب. وفى وسط المواجهة بدأت تظهر مفاوضات حول منصب رئيس الوزراء. وقال أحمد لامين المتحدث باسم الثنى إنه سينتظر حكم المحكمة فى طعن قدمه نواب فى البرلمان فى شرعية انتخاب معيتيق. كذلك تسعى للوساطة لجنة من خمسة أعضاء من بينهم مسؤولون سابقون وعلماء دين. وقال متحدث باسم معيتيق «ما يحدث أمر بين رئيس الوزراء السابق الثنى والمؤتمر الوطنى العام، نحن جاهزون لإعداد خططنا واجتماعاتنا وننتظر الانتقال إلى مكاتبنا». وجرى تحديد يوم 25 يونيو حزيران لإجراء انتخابات مبكرة لانتخاب مجلس نواب جديد كوسيلة للخروج من الأزمة. لكن الوقت قصير بالنظر إلى التوتر فى طرابلس وخطر الصراع المسلح فى بنغازى بينما لا تزال الميزانية فى انتظار موافقة البرلمان والحكومة. وقال دبلوماسى غربى «هناك خطورة فى ذلك.. من سيوقع الشيكات؟ من سيدير البلاد؟ وصلنا إلى هذه النقطة الآن». وأضاف «يلوح خطر حدوث تشوش حقيقى بشأن من يتولى المسؤولية». لكن الأزمة فى ليبيا أكثر تعقيدًا من ذلك إذ أن الولاء فى الجماعات المسلحة يرتبط بعوامل منها الانتماء للمناطق والقبائل وقوات القذافى القديمة والكتائب الثورية الجديدة والتى تطالب جميعا بغنائم الحرب. وهناك احتمال واضح لحدوث فوضى إذا انهارت المفاوضات حول البرلمان ومنصب رئيس الوزراء. وأدى هجوم على المؤتمر الوطنى العام أعلن حفتر مسؤوليته عنه إلى اشتباكات على مدى يومين وإطلاق صواريخ جراد ومواجهات مسلحة حول طرابلس بين الميليشيات المتناحرة والقوات النظامية. ولا يوجد قطاع يتأثر بالأزمة السياسية وأزمة الميليشيات فى ليبيا بشكل أوضح من قطاع النفط. وقد ينهار اتفاق تفاوض عليه إبراهيم الجضران الزعيم المعارض السابق الذى يسيطر مسلحون موالون له منذ الصيف الماضى على أربعة موانى نفط فى شرق ليبيا مع حكومة الثنى على فتح الموانى تدريجيا والمساعدة فى استئناف الصادرات النفطية. وقال الجضران يوم الإثنين إنه لا يعترف بالحكومة الجديدة التى يرأسها معيتيق.