أعربت الولاياتالمتحدة عن « قلقها العميق» إزاء مداهمة قوات الأمن لمكاتب عدد من المنظمات غير الحكومية فى مصر يوم الخميس، بما فى ذلك المعهد الوطنى الديمقراطى والمعهد الجمهورى الدولى. وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، «إن هذا الإجراء يتعارض مع التعاون الثنائى القائم بيننا على مدى سنوات عديدة»، وقالت أيضا: «إننا ندعو الحكومة المصرية إلى حل هذه المشكلة فورا ووضع حد لمضايقة موظفى المنظمات غير الحكومية وكذلك إعادة جميع الممتلكات، التى تمت مصادرتها». ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول كبير فى الإدارة (رفض ذكر اسمه) أن الولاياتالمتحدة وعبر قنوات خاصة أرسلت رسالة أقوى إلى أصحاب القرار فى القاهرة، مفادها أن ما حدث «يعتبر تعديا للخطوط»، وأضاف المسؤول أن «ما حركه كان القلق القائم حول من له السلطة»، مشيرا إلى أن الضغوط تزايدت على المجلس العسكرى الحاكم فى الفترة الأخيرة كى يقوم بتسليم السلطة. ولم تتردد «نيويورك تايمز» فى وصفها لما حدث حيث ذكرت «أن العلاقات بين واشنطن وحكام مصر العسكريين وصلت إلى مستوى منخفض جديد»، فى حين رأت صحيفة «واشنطن بوست» أن ما تم يعد تصعيدا من جانب «العسكرى»، ويعطى مؤشرا واضحا «أنه ينوى إدارة المرحلة الانتقالية بشروطه ودون تدخل من واشنطن». المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية نولاند بعد أن قالت: «لا نعتقد أن ما تم يمكن تبريره»، وطالبت المسؤولين المصريين بتفسير عاجل لما حدث، كما أوضحت نولاند أن الإدارة الأمريكية على اتصال عالى المستوى مع المنظمات غير الحكومية الأمريكية ومع الحكومة المصرية. وأن السفيرة الأمريكيةبالقاهرة آن باترسون، تتولى متابعة الأمر مع رئيس الوزراء المصرى الدكتور الجنزورى للحصول على مزيد من المعلومات. بينما تحدث مساعد وزيرة الخارجية فيلتمان مع السفارة المصرية فى واشنطن. وفى أثناء ردها على أسئلة الصحفيين نولاند أشارت إلى ما أقره الكونجرس أخيرا فى اعتماده للميزانية من ربط المساعدات لمصر بأداء العسكرى ومدى التزامه بنقل السلطة وجعلها مدنية ديمقراطية. صحيفة «واشنطن بوست» لم تكتف بتقرير من القاهرةوواشنطن حول المداهمة وردود الأفعال، بل قامت أيضا بنشر افتتاحية لها ومقال لديفيد كريمر رئيس «بيت الحرية» (فريدوم هاوس). كريمر فى مقاله يصف ما حدث بأنه «يعد تراجعا ضخما للآمال التى ولدت هذا العام مع الثورة فى ميدان التحرير، وإذا لم يتم اتخاذ خطوات تصحيحية، فإن المداهمات التى تمت سوف تضر بشدة باستقرار مصر وآفاقها نحو مستقبل ديمقراطى أفضل». وبما أن التمويل الأجنبى وخطورته ذكر كمبرر للمداهمات ومن قبلها الحملات الإعلامية ضد منظمات المجتمع المدنى قالت «واشنطن بوست» فى افتتاحيتها «إن الحملة ضد التمويل الأجنبى لهى مثال مدهش لغطرسة العسكر اللا منطقية والمذهلة مع افتراض أن المجموعات المدنية التى تتلقى بضعة ملايين من الدولارات كتمويل أمريكى أو أوروبى هم خونة -بينما يبرر العسكر لأنفسهم قبول 1.3 مليار دولار سنويا من دعم أمريكى، كما أنه لا يتم السؤال عن هذا التمويل الضخم الذى قيل إنه تتدفق من السعودية وقطر ودول عربية أخرى إلى الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى، والتى أدت إلى تحقيق أفضل حملات منظمة فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة». ومن ضمن ما ذكر فى التقارير والتصريحات حول مداهمات الخميس «إن ما حدث لم يحدث فى عهد مبارك نفسه»، وأن هذه المنظمات والجمعيات لم تتلق إنذارا قبل المداهمة. كما أن البعض منها يعمل منذ سنوات عديدة، وأنه لأمر غريب أن تعتمد الحكومة المصرية قيام بعض هذه المنظمات بدور المراقبة للانتخابات البرلمانية -وقد قامت بالفعل بذلك فى المرحلتين الأولى والثانية ثم تتم مداهمة المقرات ومصادرة ما لديها قبل أيام معدودة من انتخابات المرحلة الثالثة.