لليوم الأخير يقف "عرفة عبد الحميد" على كرسيه الخشبي البسيط أمام عربة "الكبدة" ينتظر زبائن اليوم الأخير الذي يعمل فيه قبل بدء شهر رمضان ، فعم عرفه كغيره من أصحاب عربات الكبدة ، لا يجدوا زبائنهم في رمضان؛ ليغلقوا محالهم، ويستمتعوا برمضان دون صخب العمل، ولكن يبقى المال هو وحده مؤرق جميع البائعين الذين يحتاجون لمال كل يوم نظرًا لمتطلبات عائلتهم. عم "عرفة" يأتي بعربة الكبدة كل يوم من الصباح الباكر وحتى المغرب ليطعم العمال والموظفين المتواجدين حوله، بسندوتشات الكبدة والسجق، والسوسيس، التي بجانب قرب سعرها لجيب المواطن، فهي مشبعة، ولذيذة بجانب البصل والطامطم والفلفل الذي بداخل كل شطيرة. في غير رمضان عربة عم "عرفه" لها زبائنها المعروفين، يأتي له من كل الطبقات على حسب كلامه، حيث " الصنايعية " والعمال ومحاسبين البنوك، حتى موظفي وزراة الزراعة التي أوقعها القدر بجانب عم "عرفة". يقول عم "عرفة" بوجه لم تفارقه البشاشة : ""خلاص اتعودنا واتأقلمنا على كده، بنقضي أول عشرين يوم في البيت .. بقضيهم مع العيلة عندي بنتين حلوين كده"، مؤكدًا أنه يحب الاحتفال برمضان معهما في المنزل، يستمتع بقدومه، ويشارك في كل طقوسه، حتى الفانوس الذي ارتبط برمضان يحضره عم "عرفه" لابنتيه، ليشعرهما بقدوم الشهر الكريم. جل ما يتمناه بائع الكبده الخمسيني هو أن ينصلح حال البلد، فهو بجانب كونه بائع هو مواطن مصري، يرى أن البلد لم تتعافي من آثار عديدة، أهمها التأثير الاقتصادي على البلد، الذي جلعه هو وغيره يلجأون إلى العمل المستقل، بعيدًا عن أروقة ومكاتب الحكومة. بانصلاح حال البلد عم "عرفة" سيتأكد أن ابنتيه الصغيريتين سيجدوا مستقبلهم الذي يحاول تأمينه لهما، وربما حينها سيصبح عم "عرفة" في مهنة أخرى لا تستلتزم أن يجلس بعيدًا عنها، لأن الأمور تقتضي ذلك. مع ذلك عم "عرفة" لا يجد أي غضاضة في مهنته، يعامل الزبائن على أنهم عائلة، بل ويستبقيني لآكل سندوتش كبدة من يديه، دون أن تكون مجرد عزومة مراكبية "الخير كتير" عند عم "عرفة عبد الرحيم".