قامت الدنيا ولم تقعد لظهور عيوب في سيارات تويوتا وكان لتلك الأزمة رد فعل قوي في مصر انتهي بتدخل جهاز حماية المستهلك في الأمر. ربما المثير للدهشة في الأمر هو أن قضية الاستدعاء ليست الأولي في العالم وقد سبق لفورد القيام بها في أوائل العقد الماضي مع موديل فورد أكسبلورر وقامت شركات أخري بذلك منها مرسيدس-بنز العالمية التي تعلن بشكل دوري عن استدعاءات لسياراتها المعيبة وهو الأمر الذي لم تقم به الشركة ولو لمرة واحدة منذ بدء أعمالها في مصر. وليست عروض الصيانة التي تقدمها مرسيدس-بنز لعملائها منحة تستحق الشكر بل تصرفا تأخرت الشركة في تقيدمه لسنوات إستغفلت فيه عملائها. ففي دول العالم المتقدم، تحترم شركات السيارات عملائها وتتبع معهم سياسة تعتمد علي الشفافية حرصا علي المصداقية وعلي مد جسور الثقة مع عملائها. ولهذا لا تخجل تلك الشركات من الإعلان عن ظهور عيوب في سياراتها المختلفة. بل وتطلب تلك الشركات من عملائها التوجه إلي أقرب مركز خدمة لإصلاح العيب دون أي أعباء مالية يتحملها مالك السيارة. وبالطبع تحرص الشركات المنتجة للسيارات الفارهة علي التعامل بشكل صارم مع عملية الإستدعاءات نظرا لأنها تنتج سياراتها بكميات أقل بكثير من الشركات الأخري كما أنها بطبيعة الحال تخشي أن يؤدي التستر علي عيوب قد تظهر في سياراتها علي تحول عملائها إلي ماركات أخري منافسة. وربما كان الإجراء الذي إتخذته مرسيدس-بنز في الولاياتالمتحدة خلال الأيام القليلة الماضية دليالا واضحا علي إهتمام الفرع الأمريكي بعملائه حيث قرر الفرع إستدعاء 11 موديلا مختلفا من بينها موديلي SL وSLK لعام 2009 وكلاهما من أفخم ما تقدمه مرسيدس-بنز. والغريب أن تلك المشكلة تتعلق ببرامج الكمبيوتر وهي مشكلة تتسبب في مشكلات بمؤشرات الوقود وعدادات السرعة. وفي وثائق للوكالة الأمريكية للسلامة علي الطرق السريعة، قالت مرسيدس-بنز أن المشكلة تتعلق بخلل في برنامج مضيفة أن تلك المشكلة تؤثر علي وظائف السلامة وإفرازات العادم في عدد كبير من الموديلات. ومن بين المشكلات التي قد يتسبب فيها برنامج الكمبيوتر خلل في قراءات مؤشر الوقود وإرتباك في وظائف السلامة بالسيارات المعيبة. فعلي سبيل المثال، لا تتلق مضخة الوقود الإلكترونية إشارة بحدوث التصادم وبالتالي لا تتوقف المضخة عن العمل كإجراء وقائي وهو أمر قد يعرض حياة الركاب لأخطار جسيمة. المثير في الأمر أن العيوب ظهرت في موديلات الفئات M و R للأعوام ما بين 2006 و2008 وموديل الفئة SLK ما بين عامي 2005 و2009 وموديلات الفئة C مابين عامي 2005 و2008 وموديل الفئة SLK لأعوام 2003 و2004 و 2006 و2007 و2008 وموديلي الفئة CLS و CLلعام 2008 وموديل الفئة S للأعوام 2004 و2007 و2008 وموديل الفئة G لعام 2003 وموديل الفئة SL لأعوام 2003 و2004 و2006 و2009. قد يرد البعض بأن نسبة من تلك الموديلات لا يباع في مصر، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بالموديلات الموجودة بالفعل ومنها سيارات الفئات C وCLS وM علي سبيل المثال لا الحصر علاوة علي موديل الفئة S وهي الموديلات التي التزمت الشركة في مصر الصمت تجاهها وكأن الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد رغم ما تدعيه ليلاً ونهاراً من أن السلامة والجودة هما علي رأس أولوياتها بينما الواقع يبدو علي النقيض تماماً. النتيجة الوحيدة التي يمكن أن نستخلصها من ذلك هي أن الشركة تنتظر ضغطاً من جهة ما أو كارثة تحدث لأحد مالكي سياراتها كي تتحرك، لتنفي بذلك عن نفسها إدعاء أنها الأفضل في كل شئ، فمرسيدس-بنز مصر ليست الأفضل في أي شئ. بدأ الضغط فعلياً بالبلاغ الذي تقدم به الدكتور عزت معروف الخبير في صناعة الصلب ابعد أن تعرض لحادث بسيارته موديل الفئة S حيث اكتشف علي الطريق أن فرامل السيارة قد توقفت عن العمل الأمر الذي عرض حياته للخطر. كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة للدكتور عزت عندما علم في مركز الخدمة أن هناك عيوب في صناعة الفرامل. وتأكد ذلك بتقارير من جهاز حماية المستهلك وهيئة التنمية الصناعية. وتجنباً لفضيحة قامت الشركة بإصلاح العيب بتكاليف بلغت أكثر من 20 ألف جنية علي نفقتها رغم أن السيارة خارج الضمان. الواضح أن الشركة المصرية كانت في انتظار كارثة تحدث كي تتحرك والدليل علي ذلك أنها لم تقم باستدعاء أي من موديلاتها المعيبة طوال تاريخها بل استكبرت أن تسميه استدعاءاً عندما كانت تعلن نفي حالات نادرة عن حملات للصيانة المجانية. ولكن مع زيادة وعي المستهلك المصري صار الأمر صعباً علي مرسيدس-بنز التي باتت اليوم لفي موقف محرج خاصة أن الجزء المعيب في السيارة المملوكة لصاحب الشكوي من بين الأجزاء التي تفخر مرسيدس-بنز مصر ليل نهار بأنها تقوم بتصنيعها وتصديرها إلي ألمانيا وهو أمر بمثابة فضيحة كبري للشركة المصرية التي صدعت رؤوسنا بالحديث عن تيل الفرامل المنتج محلياً وهو المنتج الذي من المؤكد أنه لا يختلف كثيراً عن سيارات الشركة المنتجة محلياً من حيث امتلائه بالعيوب. المؤكد أن قضية تويوتا الأخيرة ستشعل الموقف في مصر بالنسبة للماركات الأخري وعلي رأسها مرسيدس- بنز مصر التي قد تضطر لدفع عشرات الملايين من الجنيهات لإصلاح عيوب سياراتها خاصة وأن الدكتور عزت تقد ببلاغ إلي النائب العام ضد جهاز حماية المستهلك لتقاعسه عن أداء الدور المنوط به لحماية مالكي مرسيدس - بنز الفئةS . العجيب أن ذلك يحدث لمالكي موديل أفضل وأغلي فئات مرسيدس-بنز، فما بالكم بالسيارات الأقل سعراً؟