عيار 21 الآن بالسودان وسعر الذهب اليوم الاحد 19 مايو 2024    «إزاي تختار بطيخة حلوة؟».. نقيب الفلاحين يكشف طريقة اختيار البطيخ الجيد (فيديو)    استشهاد 3 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على رفح    وتر أكيليس.. «المصري اليوم» تكشف تفاصيل إصابة معلول ومدة غيابه عن الملاعب    تشكيل الزمالك المتوقع ضد نهضة بركان في إياب نهائي الكونفيدرالية.. جوميز بالقوة الضاربة    إيطاليا تصادر سيارات فيات مغربية الصنع، والسبب ملصق    محافظ بني سويف: الرئيس السيسي حول المحافظة لمدينة صناعية كبيرة وطاقة نور    بعد الانخفاض الكبير في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد بالمصانع والأسواق    رضا حجازي: التعليم قضية أمن قومي وخط الدفاع الأول عن الوطن    حزب الله يستهدف عدة مواقع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.. ماذا حدث؟    تعزيزات عسكرية مصرية تزامنا مع اجتياح الاحتلال لمدينة رفح    حماية المنافسة: تحديد التجار لأسعار ثابتة يرفع السلعة بنسبة تصل 50%    اسكواش - وأخيرا خضع اللقب.. نوران جوهر تتوج ببطولة العالم للسيدات    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    محمود أبو الدهب: الأهلي حقق نتيجة جيدة أمام الترجي    باقي كام يوم على الإجازة؟.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    الأرصاد الجوية تحذر من أعلى درجات حرارة تتعرض لها مصر (فيديو)    حقيقة تعريض حياة المواطنين للخطر في موكب زفاف بالإسماعيلية    شافها في مقطع إباحي.. تفاصيل اتهام سائق لزوجته بالزنا مع عاطل بكرداسة    مصطفى قمر يشعل حفل زفاف ابنة سامح يسري (صور)    حظك اليوم برج العذراء الأحد 19-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أصل الحكاية.. «مدينة تانيس» مركز الحكم والديانة في مصر القديمة    باسم سمرة يكشف عن صور من كواليس شخصيته في فيلم «اللعب مع العيال»    نشرة منتصف الليل| الحكومة تسعى لخفض التضخم.. وموعد إعلان نتيجة الصف الخامس الابتدائي    "التصنيع الدوائي" تكشف سبب أزمة اختفاء الأدوية في مصر    وظائف خالية ب وزارة المالية (المستندات والشروط)    إجراء من «كاف» ضد اثنين من لاعبي الأهلي عقب مباراة الترجي    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19 مايو 2024    رئيس الموساد السابق: نتنياهو يتعمد منع إعادة المحتجزين فى غزة    رقصة على ضفاف النيل تنتهي بجثة طالب في المياه بالجيزة    نقيب الصحفيين: قرار الأوقاف بمنع تصوير الجنازات يعتدي على الدستور والقانون    مدافع الترجي: حظوظنا قائمة في التتويج بدوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي    دييجو إلياس يتوج ببطولة العالم للاسكواش بعد الفوز على مصطفى عسل    صرف 90 % من المقررات التموينية لأصحاب البطاقات خلال مايو    اليوم السابع يحتفى بفيلم رفعت عينى للسما وصناعه المشارك فى مهرجان كان    ماجد منير: موقف مصر واضح من القضية الفلسطينية وأهداف نتنياهو لن تتحقق    أخذتُ ابني الصبي معي في الحج فهل يصح حجُّه؟.. الإفتاء تُجيب    رغم تعمق الانقسام فى إسرائيل.. لماذا لم تسقط حكومة نتنياهو حتى الآن؟    أوكرانيا تُسقط طائرة هجومية روسية من طراز "سوخوى - 25"    تزامناً مع الموجة الحارة.. نصائح من الصحة للمواطنين لمواجهة ارتفاع الحرارة    بذور للأكل للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    حريق بالمحور المركزي في 6 أكتوبر    مصرع شخص في انقلاب سيارته داخل مصرف بالمنوفية    مسلم يطرح أحدث أغاني ألبومه الجديد «اتقابلنا» (تعرف على كلماتها)    «فايزة» سيدة صناعة «الأكياب» تكشف أسرار المهنة: «المغزل» أهم أداة فى العمل    إعادة محاكمة المتهمين في قضية "أحداث مجلس الوزراء" اليوم    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    تعرف علي حكم وشروط الأضحية 2024.. تفاصيل    وزير روسي: التبادلات السياحية مع كوريا الشمالية تكتسب شعبية أكبر    البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي الأمريكي سيبحث مع ولي العهد السعودي الحرب في غزة    على متنها اثنين مصريين.. غرق سفينة شحن في البحر الأسود    هل يعني قرار محكمة النقض براءة «أبوتريكة» من دعم الإرهاب؟ (فيديو)    نقص أوميغا 6 و3 يعرضك لخطر الوفاة    أدعية مستحبة خلال مناسك الحج.. تعرف عليها    وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرفض الفيلم مرة والمصادرة ألف مرة!
حكايات فنية يكتبها: طارق الشناوي
نشر في صوت الأمة يوم 20 - 02 - 2010

· إنني أرفض تماما تدخل أي سلطة في الحذف حتي لو كانت الرقابة لأن الجمهور صار ناضجاً
· أرفض شعار "السينما النظيفة" التي تسيطر عليها تلك الرؤية المباشرة للأخلاق حيث يحكم علي الفيلم باعتباره جيداً إذا خلي من أي مشهد عاطفي
قبل تسع سنوات كتبت مقالاً علي صفحات جريدة «القاهرة» عنوانه «أرفض الفيلم مرة والمصادرة ألف مرة».. كان مجلس الشعب المصري بصدد عقد جلسة من خلال لجنة الثقافة والإعلام التي كانت ترأسها الفنانة "فادية كامل" بغرض مصادرة فيلم «مذكرات مراهقة» إخراج «إيناس الدغيدي» كنت قد كتبت أكثر من مقال تناولت سلبيات هذا الفيلم، حيث إن «إيناس» كعادتها أسهبت في مشاهد الجنس المجاني وكانت لا تكتفي بتقديمها مرة ولكنها بين الحين والآخر تستعيد المشهد عن طريق «الفلاش باك»..
كل ذلك من أجل تحقيق جاذبية لشباك التذاكر.. إلا أنني فوجئت وقتها بأن مجلس الشعب يستند إلي هذا المقال ومقالات أخري لعدد من الزملاء في طلبه للمصادرة.. رغم أنه لا يمكن لكاتب أن يطالب بالمنع ويختلط الأمر علي عدد من أعضاء مجلس الشعب ويعتقدون أن انتقاد عمل فني حتي لو كنا نتناول إسهابه في مشاهد جنسية فهذا يدخل فقط في إطار النقد الفني ولا يمكن أن يصبح مدعاة المطاردة والإقصاء والتصفية والاغتيال السينمائي.. مؤخراً استند النائب الإخواني "زكريا الجنايني" إلي أربعة مقالات متتابعة نشرتها علي صفحات "صوت الأمة" من أجل مصادرة الأفلام التي تناولتها وهي تباعاً "بالألوان الطبيعية" أسامة فوزي" ، "أحاسيس" هاني جرجس فوزي" ، "كلمي شكراً" خالد يوسف ، "رسائل البحر" داود عبد السيد.. ورغم أن الأفلام الأربعة لا يمكن أن تضعها في قائمة واحدة فمثلاً "هاني جرجس فوزي" ليست لديه رؤية فنية ولكنه يسهب فقط في الجنس ولا يعنيه في اختياراته الدرامية والتشكيلية سوي شيء واحد هو أن هذا المشهد سوف يؤدي إلي إقبال الجمهور ولهذا يضع أمامه هدفاً واحداً وهو زيادة مساحات العري.. لم يكن للمخرج قضية يريد بالفعل مناقشتها كما أن الفيلم خاصم الروح السينمائية وكتبت علي صفحات "صوت الأمة" مشيداً بالرقابة التي لم تحذف شيئاً واكتفت برفع يافطة للكبار فقط وقلت حسناً فعلت الرقابة ذلك لأن عقاب هذا الفيلم سوف يتولاه بنفسه الجمهور الذي سيحذف من لقطات الفيلم كل الفيلم أي أنني أرفض تماما تدخل أي سلطة في الحذف حتي لو كانت الرقابة لأن الجمهور صار ناضجاً.. كتبت أيضاً علي صفحات "صوت الأمة" العام الماضي عن "بدون رقابة" لهاني جرجس فوزي والذي أسهب كثيراً في مشاهد السحاق التي تقدمها بطلة الفيلم "علا غانم" كان الفيلم "قبيحاً" أكثر من كونه "أبيحاً".. والقبح هنا بالمعني الفني حيث أنه يخلو من اللمحات الإبداعية ويبدو وكأن المخرج لا يعنيه سوي أن تزداد جرعة العري والجنس المجاني.. "هاني جرجس فوزي" في فيلمه الأخير "أحاسيس" يناقش قضية الازواج في العلاقات الخاصة وهي قضية سبق وأن تناولها بإبداع فيلم "سهر الليالي" لهاني خليفة ولكن "هاني فوزي" كانت لديه طموحات لكي يحطم شباك الإيرادات تحطيما وهو يعتقد أن سيقان ممثلاته أمثال "مروي" و "ماريا" و "علا غانم" و "إيناس النجار" قادرات علي جذب الجمهور.. والمخرج يقول إنه لا يقدم أفلامه من أجل إرضاء عشرة نقاد ولكنه يراهن علي الجمهور العريض.. أين هو هذا الجمهور الذي يتحدث عنه المخرج لم يعثر له علي أثر يذكر فلم نر مثلاً الآلاف التي تقف علي شباك التذاكر.. لست ضد أن يتضمن العمل الفني مشاهد جنسية طالما أن هناك ضرورة.. أما عن فيلم "كلمني شكراً" فلقد كتبت أن المخرج "خالد يوسف" يقدم من خلاله عربون صلح مع الداخلية ولكن هذا لا يعني أن نصادر فيلماً ولكننا ننتقده.. تحدثت بالفعل عن موقف سياسي لمخرج انتقد الداخلية في فيلميه "هي فوضي" الذي شاركه "يوسف شاهين" إخراجه و "حين ميسرة" والفيلم الأخير أصبح نقطة فارقة جداً في توجيه مسار الرقابة، حيث انزعجت وزارة الداخلية وصارت تشاهد أي فيلم سينمائي به ضابط أو عسكري شرطة قبل التصريح بعرضه وصار لوزير الداخلية "حبيب العادلي" ورجاله الصوت الأعلي في مراقبة الأفلام بينما خفت صوت "فاروق حسني" ورجاله.. "خالد" كان أكثر المخرجين انتقاداً للداخلية.. انحاز "خالد" في هذا الفيلم إلي جهاز الشرطة وأكد في أحداثه أن الأشرطة التي يتبادلها الناس عن التعذيب داخل أقسام الشرطة هي مجرد محض افتراء.. في "كلمني شكراً" يقدم أيضاً "خالد" مشاهد صريحة بلا مواربة وبلا أي إيحاء فني لغادة عبد الرازق كان من الممكن أن يكتفي بلمحات منها لكنه أمعن فيها معتقداً أن هذا هو الطريق المضمون للجذب الجماهيري.. تلعب "غادة" دور امرأة داعرة ولكن ليس هذا مبرراً لكي نري كل هذه الصراحة والمباشرة في التعبير الجنسي.. "بالألوان الطبيعية" أيضاً لأسامة فوزي كانت لديه الفرصة مهيأة لمناقشة قضية علاقة المجتمع بالفن ونظرة الدين إلي ممارسة الفن وأيضاً توجس المجتمع في التعامل مع المبدعين وكيف أنه يمارس عنفاً وأن الإنسان يجد نفسه محاطاً بأكثر من مؤثر الدين والأسرة الصغيرة ثم المجتمع الكبير بكل أطيافه حتي في دراسة الطالب بطل الفيلم داخل كلية الفنون هناك من يتصدي له من الأساتذة ويقف ضد طموحه المشروع ولكن أسهب المخرج في مساحة الجنس والقبلات كان من الممكن اختصارها وهكذا تهمشت وانحصرت القضية الأساسية في الفيلم.. كل هذا بالطبع يدخل في إطار تقييم الفيلم وبالتأكيد لا توجد أي تلميحات بمصادرة عمل فني.. لو راجعنا مثلاً فيلماً مثل "شباب امرأة" لصلاح أبو سيف الذي أخرجه قبل 55 عاماً لا يمكن أن تصل الرسالة بدون أن نري شهوانية "تحية كاريوكا".. هناك فارق بين الجنس عندما نضعه لضرورة فنية ودرامية وفكرية والعري المجاني الذي نراه بكثرة في هذه الأفلام وقبل أسبوعين قدم "داود عبد السيد" مثلاً فيلمه "رسائل البحر" شاهدنا من النساء امرأة يعتقد البطل أنها داعرة أدت دورها بإتقان "بسمة" وأيضاً كان بالفيلم مشاهد سحاق تجمع بين كل من الوجهين الجديدين "دعاء حجازي" و "سامية أسعد" ورغم ذلك لم يكن المخرج يبحث عن إثارة للمتفرج ولا عن اللهاث وراء شباك تذاكر قدم المخرج هذه المشاهد برؤية درامية وفكرية حتي يحترم القضية التي يناقشها إبداعياً فهو يناقش معني وقيمة الحرية بكل تنويعاتها وقبول الآخر لكنه لم يتورط في تصدير أي مشهد جنسي مجاني.. إنه مخرج يتصدي لقضية بالغة الحساسية فهو يعلم بالضبط أن هذا هو دوره الذي ينبغي عليه أداؤه.. كان هذا هو هدفه الأساسي في الفيلم السينمائي وهذا هو المطلوب للعمل الفني ولقد انتقدت الرقابة عندما أشارت عند التصريح بالفيلم إلي أنه للكبار فقط قلت إن هذه اليافطة تظلم تماماً "رسائل البحر" فكيف إذن يصبح المقال دعوة لمصادرة الفيلم.. ليس مطروحاً ولا هو أيضاً مطلوباً أن تزداد القيود علي الفن ولكن المطلوب بل والضروري أن يملك السينمائي أدوات التعبير وإلا سقط في فخ الاسترخاص والفجاجة والغلظة وهذا هو ما نراه مع الأسف في العديد من الأفلام التي اعتقد صناعها أن بالجنس وحده يأتي بالجمهور!!
قبل 13 عاماً عرفت السينما المصرية تعبيراً بات شائعاً وهو "السينما النظيفة، حيث لا وجود للقبلات والعري والجنس والمايوه.. ولم تكن فقط النجمات هن اللائي يمنعن ذلك بل إن النجوم كلهم كانوا يرفعون نفس الشعار لا لأي مشاهد ساخنة.. أنجبت هذه الظاهرة ما يعرف بسينما «المضحكون الجدد» الذين تزعمهم "محمد هنيدي" واستمرت المسيرة بعد أن واصل "محمد سعد" نفس الاتجاه وفي أفلام "أحمد حلمي" مثلاً تلمح خفوتاً للدور النسائي بينما "كريم عبد العزيز" لا يمكن أن يسمح في أفلامه بمشاهد عاطفية ربما كان "أحمد السقا" كان هو بداية الاستثناء الواضح لهذا الاتجاه ومعه أيضاً "هاني سلامة" و"أحمد عز".. كان المقصود بالنظافة أن الفيلم تصبح فيه المرأة في دور هامشي وفي نفس الوقت يجب أن يكون الحضور الأنثوي آمناً حتي في العلاقة بين الأزواج ممنوع تقديم قبلة خاطفة ولا حتي الشروع في قبلة خاطفة.. وأطلقت "حنان ترك" وقتها تعبير أن كل النجمات صرن "وردة في عروة جاكتة النجم" أي أنهن بلا دور درامي مؤثر ومن الممكن الاستغناء عنهن ولكن ليس من الممكن بالطبع الاستغناء لا عن الجاكتة ولا حتي عن العروة!!
لم يخلو الأمر بالطبع من بعض أفلام هنا وهناك تحاول أن تغير هذا النمط الشائع مثل أفلام "إيناس الدغيدي" التي كانت ولا تزال ينظر لأفلامها علي أنها أسوأ ما عرفته السينما المصرية وكانت تجنح دائماً إلي تقديم مشاهد جنسية فجة مثل "لحم رخيص" ، "مذكرات مراهقة" ، "الباحثات عن الحرية" وصولاً إلي "مجنون أميرة" تتناول قضايا فكرية عميقة وجدلية ولكنها تحيلها إلي توليفة تجارية متواضعة فنياً ولهذا صار حتي من يرفض تعبير "السينما النظيفة" لا يمكن أن يؤيد سينما "إيناس الدغيدي" التي تعتقد أن الجرأة فقط ينبغي أن يكون محورها هو الجنس والجنس فقط.. الجمهور أيضاً لم يكن يقبل علي هذه الأفلام وخاصمها شباك التذاكر مثلما لاقت انتقاداً حاداً من أغلب النقاد ولكن يظل هذا الانتقاد بعيداً تماماً عن تلك المطالبة الساذجة بالمصادرة.. ووقف أيضاً علي الجانب الآخر مما يعرف بالسينما النظيفة النجم "عادل إمام" بأفلام مثل "الواد محروس بتاع الوزير" ، "التجربة الدانماركية" ، "أمير الظلام" وغيرها كان للمرأة كأنثي حضورها الطاغي في أفلام "عادل إمام" وغلبت علي أفلامه أيضاً الرؤية التجارية.. إلا أن التيار الأكبر ظل هو السينما النظيفة مع الزمن بدأت تتغير تلك التصنيفات وصارت هناك محاولات للخروج من هذا القيد إلا أن شركات الإنتاج لعبت دوراً رقابياً مثلاً تدخل منتج فيلم "في العشق والهوي" وحذف مشهد قبلة جمع بين "أحمد السقا" و "منة شلبي" رغم أن المشهد بالطبع تم تصويره بموافقة كل الأطراف بما فيهم الرقابة وبإشراف كامل من المخرجة "كاملة أبو ذكري" ورغم ذلك استباح المنتج لنفسه أن يلعب دور الرقيب أو "المحتسب" الأخلاقي.. كانت هناك بعض التجارب علي المستوي الفني بالفعل جيدة لأنها لم تتقيد بكل هذه القواعد الصماء.. دائماً كان هناك هامش ما للخروج وبمنطق مثل فيلم "سهر الليالي" لهاني خليفة عام 2003 الذي لعب بطولته "مني زكي" ، "حنان ترك" ، "أحمد حلمي" ، "شريف منير" ، "خالد أبو النجا" ، "فتحي عبد الوهاب" ، "علا غانم" ، "جيهان فاضل" نجح الفيلم بقدر لا ينكر لكنه لم يخلق تياراً مماثلاً وظل أقرب إلي حالة سينمائية استثنائية.. تسيدت السينما النظيفة المشهد السينمائي المصري لها الكلمة العليا وهي التي تحقق الإيراد الأكبر.. إلا أنه قبل ثلاث سنوات حدث تغير نوعي ظهرت أفلام مثل "عمارة يعقوبيان" مروان حامد و"حين ميسرة" خالد يوسف تناقش قضايا سينمائية لم يتعود عليها الجمهور المصري والعربي كثيراً مثل الشذوذ الجنسي والسحاق.. كان من الممكن أن تقدم الأفكار التي تحملها هذه الأفلام ولا بأس بالطبع إلا أن ما حدث هو أننا رأينا استثماراً بعد ذلك لتلك المشاهد.
بالتأكيد أرفض شعار "السينما النظيفة" التي تسيطر عليها تلك الرؤية المباشرة للأخلاق، حيث يحكم علي الفيلم باعتباره جيداً إذا خلي من أي مشهد عاطفي وتثبت براءته من الإدانة لو لم نستمع إلي أي كلمة قد يراها البعض بمفردها وبعيداً عن السياق الدرامي تحمل تجاوزاً مهما كان لها منطقها إلا أنني وفي نفس الوقت أري أن الجنوح للجانب الآخر وتقديم سينما مباشرة وفجة ومتجاوزة في العري والجنس ليس هو الحل.. فلا يمكن أن نواجه السينما النظيفة بالسينما القبيحة ورغم ذلك فإن أسوأ ما في هذه الصورة هو أن يري من يريد مصادرة الأفلام السينمائية مستنداً إلي أقلام النقاد التي بالتأكيد ترفض مهما اختلفت فنياً مع هذه الأفلام مبدأ المصادرة والاغتيال!!
*********
«يوسف» أم «بدرخان»؟!
أغلب الظن أن انتخابات يوم الأحد القادم في نقابة السينمائيين لن تسفر عن تحديد من هو النقيب فلن يستطيع أي من الأربعة المرشحين الأكثر شعبية "علي بدرخان" ، "خالد يوسف" ، "شكري أبو عميرة" ، "مسعد فودة" تحقيق نسبة ال 50% اللازمة لاختيار النقيب.. أتصور أن الإعادة سوف تصبح من نصيب "علي بدرخان" و "خالد يوسف".. الدولة من الواضح أنها من الآن اختارت "خالد يوسف" والدليل أنه يقف وراء تدعيمه عدد من المقربين للدولة نقيب السينمائيين السابق "ممدوح الليثي" أكثر المؤيدين والمبايعين بل إنه هو صاحب أيضاً قوة الدفع الأولي لخالد وهذا بالطبع لا يعيب "الليثي" فإن من حقه أن ينحاز إلي أحد المرشحين فهو ليس قاضياً أو مشرفاً علي الانتخابات مطلوب منه الحياد و "الليثي" بمجرد مغادرته موقعه كنقيب كان يسعي لترشيح من يعتلي الكرسي وطلب ذلك من قبل من "انعام محمد علي" و "علي أبو شادي" لكنهما لم يتحمسا بينما تحمس "خالد".. بالإضافة إلي "الليثي" من الممكن أن تري أن هناك قوي أخري حكومية تدعم "خالد" من خلال متابعة تلك المفاوضات التي جرت قبل نحو ثلاثة أسابيع لإثناء "علي بدرخان" عن الترشيح لمنصب النقيب الذي لعب هذا الدور اثنان من الدولة "أسامة الشيخ" رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون و "علي أبو شادي" أمين عام المجلس الأعلي للثقافة السابق ورئيس مهرجان الإسماعيلية الدولي والمهرجان القومي.. يد الدولة ليست بعيدة عن النقابات الفنية وهي لن تسمح خاصة في ظل انتخابات برلمانية ورئاسية قادمة بأن يأتي لنقابة ما من يخرج عن الصف والنقابات الفنية مسيطر عليها تماماً بقوة "منير الوسيمي" الموسيقيين و "أشرف زكي" الممثلين.. هما مستعدان دائماً لتأييد النظام ولديهما بالتأكيد قدرة علي تحريك أعضاء النقابة في الاتجاه الذي تريده الدولة.. "شكري أبو عميرة" و "مسعد فودة" ينطبق عليهما شروط الدولة لكنهما اسمان بلا بريق وبرغم ولائهما للدولة الذي لا يمكن أن يشك فيه أحد إلا أن المطلوب واجهة ما للفنانين وهكذا انحصر التنافس بين "علي بدرخان" و "خالد يوسف".. "بدرخان" أبعد كثيراً عن الدولة ومن الصعب السيطرة عليه ليصبح صوتاً لها.. "بدرخان" بالطبع لن يحيل النقابة إلي فصيل سياسي مناهض للدولة ولن تتحول إلي خلية تدعو لإيقاف مثلاً سيناريو التوريث ليس هذا هو الدور المنوط بالنقابة أن تلعبه كلها بالطبع شائعات تحاك ضد "علي" من أجل الإيعاز لأعضاء الجمعية العمومية بأنه لن يلتفت إلي قضايا السينمائيين الملحة ليحيلها إلي نقابة سياسية.. هو بالتأكيد سوف يمنح الأعضاء رعاية اجتماعية ويعلم تماماً أن هذا هو دور النقابة الأساسي.. إلا أنه سيظل بعيداً عن الانصياع لأي توجيهات سيادية لكي يلعب دوراً مؤيداً للنظام.. بينما الدولة تريد من النقابات الفنية أن تمارس دوراً مؤيداً وليس فقط محايداً.. ليس بعيداً بالطبع ما حدث في أعقاب معركة "أم درمان" بين فريقي مصر والجزائر حيث إن كل النقابات الفنية سارعت بإعلان الشجب والمقاطعة ضد كل ما هو جزائري ولم نستمع إلي صوت رسمي من أي من النقابة يرفض ذلك لأن هذا كان هو رأي النظام في البداية.. الدولة ليس أمامها سوي الاختيار بين اثنين "علي بدرخان" و "خالد يوسف" لا ينطبق علي أي منهما الشروط النموذجية لمرشح النقابات الفنية الذي يرضي عنه النظام ولكن أوراق "خالد يوسف" عند الدولة تظل هي الأكثر رجوحاً بالقياس لعلي بدرخان.. الذي تملكه الدولة من أصوات هم العاملون في اتحاد الإذاعة والتليفزيون و "أسامة الشيخ" يستطيع توجيه العديد من هذه الأصوات لترجيح كفة مرشح الدولة إلا أن يده ليست مطلقة تماماً ولهذا يظل "خالد يوسف" هو المرشح الأقرب للدولة رغم أنه محسوب علي المعارضة فهو يظل بالنسبة لها قضاء أخف من قضاء.. ولكن هل تتمكن أصابع الدولة من السيطرة علي كل مفردات العملية الانتخابية.. هذه المرة ربما تخسر الدولة في رهانها وفي الجولة الثانية بعد إعادة الانتخابات بين "علي بدرخان" و "خالد يوسف"!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.