· مع هذا الفيلم بالتحديد يمكن أن نعتبر موقف الكنيسة والرقابة «يمكن» تجاوزه لأن مخرج الفيلم نفسه وافق علي حذف ما يقرب من نصف ساعة من أحداث الفيلم . هناك أخبار تنشر في الصحف بدون أي تعليق، رغم أنها يجب ألا تمر هكذا، لأنها تستحق أن ننتبه إليها، ونبحث عما وراءها، لأنها فعلاً تستحق التعليق والتوضيح. علي مدي 58 سنة اعتاد المركز الكاثوليكي في مصر، اقامة مسابقة أو مهرجان لأفضل الأفلام المصرية خلال العام.. والمركز الكاثوليكي لمن لا يعلم يملك أهم أرشيف سينمائي، وقد استفاد منه كل الباحثين والنقاد المصريين، كما أن مسابقته هذه هي الأقدم والأكثر قدرة علي الاستمرار لعقود طويلة.. ومسابقة المركز هذا العام تقام في الفترة من 19 إلي 26 فبراير، وفي السنوات الأخيرة فقط اتجه المركز إلي اختيار ما أطلق عليه «معايير فنية وأخلاقية» لأفلام العام، والأفلام التي تم اختيارها لهذه السنة خلت من أهم ثلاثة أفلام انتجت هذا العام والتي دار حولها اختيارات النقاد، وشاركت باسم مصر في معظم المهرجانات العربية والعالمية وهي: «1 صفر» اخراج كاملة أبوذكري و«احكي يا شهرزاد» اخراج يسري نصرالله و«بالألوان الطبيعية» اخراج أسامة فوزي.. والأساس الذي اعتمدت عليه لجنة الاختيار بالمركز أن هذه الأفلام غير أخلاقية أو بمعني أدق تتضمن بعض المشاهد العاطفية.. ولا أريد أن أذهب إلي أن تجاهل هذه الأفلام يضعف قيمة هذه المسابقة كثيراً، وإنما ما أريد أن أشير إليه أنه لا خلاف علي القيمة الفنية لهذه الأعمال وما تتضمنه من ابداع، وهذا يعني بالضرورة أنها أفلام أخلاقية بالمعني الدقيق للكلمة، لأنه لا يوجد في العالم كله عمل فني متميز غير أخلاقي، فالخير والحق والجمال هي مصادر الفن والابداع.. ولاشك أن لجنة الاختيار بالمركز تحتاج إلي مراجعة نفسها، فقد جانبها التوفيق. بناء علي طلب من المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر بمنع عرض الفيلم الأسباني «أجورا» اخراج اليخاندرو أمينابار لأنه يسيء للمسيحية، وافق د. سيد خطاب رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية علي منع الفيلم، علي أن يعرض فقط في المهرجانات!!.. وكان الفيلم قد عرض فعلاً في ختام أسبوع الفيلم الأوروبي منذ شهرين في مصر، وأحداث الفيلم ترجع إلي القرن الرابع عشر ويظهر فيها ما شهده هذا العصر من تطرف وتعصب وعنف من المسيحيين وللمسيحيين، والبديهي أنه لا هذا الفيلم ولا عشرة أفلام مثله من الممكن أن تسيء للمسيحية، كما أن الفيلم نفسه لا يقرأ من هذه الزاوية الضيقة فقط. ورغم أننا ضد المنع أصلاً، فإنه مع هذا الفيلم بالتحديد يمكن أن نعتبر موقف الكنيسة والرقابة «يمكن» تجاوزه، لأن مخرج الفيلم نفسه وافق علي حذف ما يقرب من نصف ساعة من أحداث الفيلم «مدة الفيلم 144 دقيقة»، بسبب اعتراض اليهود علي تعذيبهم للمسيحيين في نفس الفترة، حتي يضمن تسويق الفيلم وعدم محاربة اليهود له.. لقد أفسد المخرج قضية فيلمه بنفسه ولا يستحق أن يدافع عنه أي أحد. د. عبدالحميد عباس أستاذ مادة الانتاج بمعهد السينما يقدم في كتابه «الأزمة الاقتصادية الراهنة لصناعة السينما المصرية» اقتراحاً باقامة بنك لتمويل الأفلام، إنه يعيد تذكرنا بما فعله طلعت حرب منذ أكثر من 70 سنة، واقتراح د. عباس يقوم علي طرح أسهم في البورصة بالاضافة إلي قرض بنكي، بالاضافة إلي مساهمة المنتج الذي يتقدم بمشروع الفيلم.. فكرة جيدة فعلاً وتنقذ السينما المصرية من الذي يحدث لها علي يد القنوات الفضائية. تبقي المشكلة الأكبر هي أن البنوك المصرية التي تملك فائضاً ضخماً من الادخارات تخشي دائماً منح القروض للسينما رغم أنها صناعة لا تخسر أبداً.. والفكرة تحتاج أن تتبناها وزارة الثقافة. بعد أن صمت النجم السينمائي أحمد رمزي طويلاً أجري حواراً قال فيه: «التمثيل كلام فارغ أضعت عمري فيه دون أن أفهمه».. يبدو أنه كان من الأفضل أن يظل صامتاً. الممثل عمرو عبدالجليل صرح في كل حواراته قائلاً: «أنا مش اللمبي» بمناسبة الشخصية التي لعبها في فيلم «كلمني.. شكراً».. ويكاد المريب يقول خذوني!!. «أتابع مشكلة الأوسكار وسأتخذ اجراءات لعدم تكرارها» تصريح للفنان فاروق حسني وزير الثقافة يشير إلي خطأ مهرجان القاهرة واللجنة المكونة بداخله في عدم ترشيح فيلم مصري للأوسكار.. ونتمني أن يتخذ هذه الاجراءات!.