سينما لها «طعم الكاري» وسحر ألوان «قوس قزح»! · الفيلم الهندي يلعب دور الحلم في واقع يعيشه الإنسان الذي تصادر أحلامه تحتل السينما الهندية مكانة مميزة في كل المهرجانات عربياً ودولياً.. دائماً السينما الهندية لها مساحة من الحب وفي هذه الدورة من عمر مهرجان القاهرة احتلت الهند مقدمة الكادر.. لها فيلم الافتتاح "نيويورك" وأيضاً عشرة أفلام في تظاهرة خاصة تحمل اسم الهند ورئيس لجنة تحكيم المهرجان المخرج الكبير "ادوار جوبا لاكريشنان" إنه حقاً مهرجان له مذاق هندي!! في داخل أهل الشرق دائماً خيال أسطوري عن الهند.. الفتاة الجميلة.. الصوت الساحر.. الطبيعة الغنية.. المهراجا الهندي.. الفتي الرشيق القادر علي أن يخطف الفتاة الحسناء علي حصان أبيض أو فيل أبيض!! وداخل الشرقيين أيضاً ميل إلي التطرف في المشاعر، فرح زائد حزن زائد.. لديهم إحساس خفي بأن القدر من الممكن في لحظة أن يبطش بهم لكنه في لحظة أخري من الممكن أن يبتسم ويحنو عليهم ويحيل دموعهم إلي ابتسامات. وإذا أضفنا إلي ذلك الحالة الغنائية الموسيقية التي تمنحها دائماً الأفلام الهندية للجمهور سنجد أمامنا كل عوامل الجذب الجماهيري متوفرة.. إنني أتحدث بالطبع عن الوجه التجاري للسينما الهندية.. وهو الوجه الذي يراه الجمهور ولا أتحدث عن السينما الفنية التي قدمها "للساتياجيت راي" ، "ميرانال سن" ، "ميرا ناير" ، "كبير خان" وغيرهم التي يتاح لي ولغيري أن يشاهدها في المهرجانات أو التكريمات!! من المهم أن نحلل تلك السينما الهندية التي لها مساحة كبيرة في العالم ويطلق عليها اسم سينما "بوليود" تنويعة علي "هوليود" ويرمز حرف الباء إلي مدينة "بومباي" المقر الرئيسي للصناعة السينمائية الهندية وللسينما الهندية مساحتها عند جمهور السينما المصرية.. خاصة في الخمسينيات والستينيات والسبعينات وحتي الثمانينيات.. ثم حدث بعد ذلك تراجع له أسبابه التي سنذكرها بشيء من التفصيل ولكننا نعود إلي الجمهور المصري وكيف انه يستقبل تلك السينما بسحرها ويحدث بينه وبينها قدر لا ينكر من التماهي والتوحد. إنها حالة من الاقتراب بينك وبين إنسان كنت تعرفه منذ زمن بعيد ثم عدت ورأيته فتبدأ في التعرف عليه وأنت تقول بينك وبين نفسك "نعم أعرفه رأيته من قبل.. فين.. فين لا أتذكر؟". الأفلام الهندية بالنسبة لدول العالم الثالث وتحديداً للجمهور المصري.. لها سحر خاص تلعب علي ذلك الحلم القديم الغامض الذي يتراقص علي ألوان قوس قزح.. شيء من الطفولة.. طفولة الإنسان تجدها في هذه الأفلام والتي صارت مضرباً للأمثال بين المصريين.. وإن كانت تحمل قدراً من السخرية لأن طبيعة المصري أنه عندما يحب ويألف يبدأ في إذابة المسافات بينه وبين من يحبه ويألفه ولهذا يقولون في التعبير المصري الشعبي دلالة علي المبالغة "أنا كنت فاكره فيلم هندي".. ويستخدمون هذه العبارة في الدعاية للأفلام "أقوي من سوراج وأروع من سانجام" وعندما أصبحت هذه الأفلام وكأنها جزء من الواقع أصبح الناس يقولون عندما تروي لهم حكاية بها مبالغة أو يسمعون قصة يتشكك البعض في مصداقيتها "أروع من سوراج وأقوي من سانجام"!! إن الفيلم الهندي يلعب دور الحلم في واقع يعيشه الإنسان الذي تصادر أحلامه.. ولهذا نجح وكان نصيبه وافراً من الجمهور المصري حتي أن هناك عدداً من دور العرض حتي الثمانينيات تخصصت فقط في عرض الأفلام الهندية والجرعة اليومية وصلت في الحفل الواحد إلي ثلاثة أو أربعة أفلام!! ورغم أن السنوات الأخيرة شهدت خفوتاً في الشارع للسينما الهندية إلا أن هناك ظاهرتين أتوقف عندهما تؤكدان أن الخفوت ليس نهائياً لكنه فقط في انتظار أن تلتقط السينما الهندية أنفاسها وأن تعود إلي الجمهور المصري بنجم له جاذبية.. كان آخر نجم حقق نجاحاً في الشارع ا لمصري هو "أميتاب باتشان". أتذكر أغنية "ناري نارين" التي صورها المطرب "هشام عباس" في الهند وتحديداً في مدينة "مدراس" واستعان فيها بالإيقاع والأجواء الهندية وحققت الأغنية رواجاً لا يمكن إنكاره وأكدت علي أن بداخل المصريين حنيناً جارفاً للأجواء الهندية التي لم تغادرهم.. ولهذا كانت "ناري نارين" كأغنية فيديو كليب هي أغنية عام 2000 طبقاً لكل الاستفتاءات التي أجريت من خلال عدد من الجمعيات والجرائد والمجلات.. بل إن المخرج "شريف عرفة" وضع الأغنية في فيلم "ابن عز" باعتبارها تميمة مضمونة للنجاح الجماهيري!! وجاء ترقب اللقاء المباشر بين "أميتاب باتشان" والجمهور المصري في مهرجان الإسكندرية 2001.. لم تكن تلك هي المرة الأولي التي يأتي فيها "باتشان" إلي مصر لكنها كانت المرة الأولي التي جاء فيها إلي مدينة الإسكندرية.. كان "أميتاب" في نهاية الثمانينيات قد حضر إلي مهرجان القاهرة واستقبل في مطار القاهرة من آلاف المعجبين والمعجبات وذلك في وقت كانت الأفلام الهندية في ذروة نجاحها عند الجمهور ولهذا عندما تكرر اللقاء في مطار القاهرة في مطلع التسعينيات شهدت فيها الأفلام الهندية غياباً لا ينكر علي الساحة كان هناك تساؤل سبق اللقاء الجماهيري لأميتاب باتشان وهو هل مازال الجمهور المصري علي العهد أم أن مشاعره لم تعد علي نفس المؤشر؟ وجاءت الإجابة العملية في يوم استقبال "أميتاب باتشان" في مطار القاهرة آلاف يتدفقون إليه يتدافعون إليه لرؤيته.. ثم المؤتمر الصحفي الذي عقد له وجدنا أمامنا فناناً اختارته وقتها إذاعة ال B.B.C أفضل نجم في الألفية الثانية كلها.. وبكل تواضع قال معقباً "يبدو أن الشعب الهندي أرسل فقط اسمي عن طريق الإنترنت إلي المسئولين عن الإذاعة البريطانية ولهذا منحوني لقب نجم الألفية الثانية.. إجابة تؤكد إلي أي مدي يتمتع هذا النجم الهندي الكبير بالتواضع.. وعندما تم تكريمه بمهرجان الإسكندرية يوم تكريمه يستقبله المئات أمام باب الفندق الذي أقيم فيه المهرجان بل ومنذ أن وصل إلي مشارف مدينة الإسكندرية كانت هناك حالة من الترقب تراها عند أهالي الإسكندرية.. وكان من المفترض إقامة مؤتمر صحفي له ولكن ازدحمت القاعة بمئات من الصحفيين وحال ذلك دون إقامة المؤتمر الصحفي واكتفي "أميتاب" وقتها ببضع كلمات لتحية الحاضرين وجاء للتكريم في ختام مهرجان الإسكندرية ولم يشترط دفع أي نفقات له.. لقد اكتشفنا أن العديد من النجوم العالميين الذين يأتون للمهرجان يحصلون علي مقابل مادي.. "أميتاب" لم يطلب حتي ثمن التذكرة - تذكرة السفر بالطائرة - من لوس أنجلوس حيث كان يصور فيلماً وجاء لمدة 48 ساعة فقط لحضور تكريمه في مهرجان الإسكندرية السابع عشر!! لم ألتق مع "أميتاب" في لقاء مباشر سواء في القاهرة أو الإسكندرية ولكن أتذكر لقاء جمعنا عام 1991 في مهرجان "موسكو" في فندق "راسيا".. وهو فندق يتسع ربما لأكثر من 10 آلاف غرفة ولكنها الصدفة جمعتنا في كافتيريا في نفس الطابق وتحدث معي عن سعادته بتواجد السينما الهندية وتواجده بهذه الكثافة عند الجمهور المصري والعربي ولم يكن قد زار القاهرة قبل ذلك في مهرجانها السينمائي الذي يبدو أن الراحل "سعد الدين وهبه" - وكان حاضراً مهرجان موسكو - قد وجه إليه الدعوة لحضور مهرجان القاهرة في ذلك العام. تراجع الفيلم الهندي ولكن حب الجمهور المصري للسينما والنجوم الهنود لم يتغير وربما كان اتساع مساحة السينما الأمريكية خلال السنوات الأخيرة في الشارع المصري ساعد علي خفوت أسهم السينما الهندية وأيضاً تغير الجمهور المصري فأصبح جمهور الشباب والذي يشكل القوة الضاربة وبحكم انتشار الأطباق - الدش - في المنازل أصبح لدي هذا الجمهور ثقافة سينمائية أكبر بالفيلم الأمريكي ونجومه وأبطاله ولهذا ولسبب اقتصادي فإن موزعي الأفلام يفضلون بالطبع أن يحصلوا علي أكبر عدد من الأفلام الأمريكية ويتيحون لها أيضاً فرص العرض.. كما أن القوانين المنظمة في الماضي والتي كانت تضعها وزارة الثقافة وغرفة صناعة السينما بتحديد عدد محدد من الأفلام لا يجوز زيادتها وتحديد عدد النسخ للفيلم لا تتجاوز خمس نسخ.. كل هذه القواعد لم تعد قائمة ولهذا أصبح الفيلم الأمريكي لا يهدد فقط الفيلم الهندي ولكنه يهدد أيضاً الفيلم المصري وفي دول العالم الأوروبي يشعرون أيضاً بهذا التهديد الذي يضع السينما التي تمثل البلد في موقف حرج!! هناك أيضاً عامل آخر هام وهو أن التليفزيون المصري لا يعرض من الأفلام الأجنبية إلا الأمريكية فقط وباستثناء برنامج "بانوراما فرنسية" قبل إيقافه الذي كان يعرض فيلماً فرنسياً كل أسبوع لا يوجد تواجد لأي نوع آخر من الأفلام.. وكان في الماضي للفيلم الهندي مساحة علي خريطة التليفزيون المصري هذه المساحة هي التي تصنع اللقاء الدائم بين الجمهور والأبطال وهذه الصلة بالطبع تجعل الجمهور يبحث عن نجومه في السينما ويذهب لهم ولا يكتفي برؤيتهم تليفزيونياً.. ثم إن هناك عاملاً آخر وهو أنه بعد "أميتاب باتشان" لم يحقق أي نجم هندي تواجداً ونجومية مثل "باتشان" عند الجمهور المصري بل إنه لم يحدث أن اقترب أحد من النجوم الجدد في الهند من تلك الكاريزما الخاصة التي كان ولا يزال يتمتع بها "أميتاب"!! ومع مرور الزمن فإن الجمهور يريد نجماً شاباً.. أنا أعلم أن هناك أكثر من نجم شاب لديه حضور في الهند وفي دول الخليج العربي حيث لا تزال للسينما الهندية جمهورها العريض حيث يعمل الهنود والباكستانيون وهؤلاء يعتبرون الفيلم الهندي ممثلاً شرعياً لهم.. إلا أن المتفرج المصري لم يحدث بينه وبين هؤلاء النجوم الجدد تلك الحالة من التماس التي توفرت لأميتاب باتشان ولكن السنوات القادمة قادرة علي أن تجسد عند الجمهور المصري ملامح نجم هندي يعيد لهم حالة العشق الأولي لتلك السينما.. مشاعر التوافق بين الشعب المصري والشعب الهندي منحت للسينما الهندية كل هذا التواجد في الشارع منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي.. ومشاعر الناس لا تموت ولكن قد يحدث لها بعض الكمون المؤقت وذلك حتي يبزغ نجم سينمائي أو نجمة يلمس شيئاً في لاشعور الجمهور ويحدث بينه وبين الناس تلك الحالة من التوحد!! الجمهور المصري ينتظر نجماً من الهند يعيد جسور التواصل السينمائي التي خفت صوتها في السنوات الأخيرة ولكن لم يخفت ولن يخفت أبداً نبضها وربما تحقق بانوراما السينما الهندية في مهرجان القاهرة شيئا من هذا فهي ولا شك خطوة هامة علي الطريق!! ******** تكريم نجوم الإيرادات! طرح تكريم النجم الأمريكي "سيلفستر ستالوني" في مهرجان "فينيسيا" في دورته الأخيرة سؤالاً عن الفنان التجاري الذي تحقق أفلامه أعلي درجات الجماهيرية إلا أنه علي الجانب الآخر لا يحظي بتقدير فني ونقدي يتوازي مع هذا النجاح.. لدينا نماذج صارخة لهؤلاء مثل "عادل إمام" و "نادية الجندي"؟! "نادية الجندي" تم تكريمها في أكثر من مهرجان عربي خارج حدود مصر بينما المهرجان القومي للسينما المصرية تردد ولا يزال في تكريمها إلا أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وضعها علي قمة المكرمين هذه الدورة وهو اختيار صائب ولا شك.. علي الجانب الآخر "عادل إمام" صار هدفاً للتكريمات في مصر وخارج مصر بل حصل علي لقب "سفير النوايا الحسنة" من الأممالمتحدة.. الحقيقة هي أن من حق الفنان الذي أسعد الملايين وذهبوا إلي دور العرض من أجله أن يتم تكريمه.. الإبداع الرقمي أيضاً قيمة لا يمكن التغاضي عنها.. هؤلاء الفنانون الذين يفضلون السينما التجارية يشكلون النسبة الأكبر في دول العالم وتحقيقهم للإيرادات يؤكد علي أن هناك خيطاً من التواصل يجمعهم مع الجمهور والدليل أن عدداً كبيراً من الأفلام يتم صنعها طبقاً للمقاييس التجارية إلا أنها لا تحقق أي إيرادات لأن أبطالها ليسوا نجوم شباك.. لو استرجعت مثلاً ما يقدمه "سلفستر ستالوني" و "عادل إمام" و "نادية الجندي" سوف تكتشف أن قدراتهم الأدائية محدودة.. هم في الأغلب يقدمون نفس الشخصية الدرامية ولكن بتنويعات مختلفة.. هم أيضاً لديهم صورة ذهنية حافظوا عليها والجمهور لعب دوراً إيجابياً في استمرار هذه الصورة الصحيح بالطبع أن هناك عمراً زمنياً لهؤلاء النجوم بعدها تبدأ رحلتهم في العد التنازلي مثلما عاشتها مثلاً "نادية الجندي" التي قدمت آخر أفلامها "الرغبة" قبل سبع سنوات.. بينما علي المقابل "عادل إمام" لا يزال مطروحاً بقوة علي أجندة كل شركات الإنتاج.. آخر أفلامه "بوبوس" عاني تراجعاً حاداً في شباك التذاكر ولكن هذا لا يعني أنه قد ابتعد عن المشاركة في الساحة السينمائية، له فيلم في كل عام.. "سلفستر" رأس ماله الحركة واللياقة الجسدية ولهذا يلعب الزمن دوراً سلبياً ويخصم من حضوره إلا أنه في الجزء السادس في سلسلة "روكي" قدم دور بطل ملاكمة عجوز في الستين يحاول أن يسترد مكانته ليتواءم مع المرحلة العمرية والشكلية التي يعيشها.. "نادية الجندي" لعبت أنوثتها دور البطولة كانت هي سلاحها الأثير ولهذا تضاءل حضورها لأن للزمن دائماً بصماته.. أما "عادل إمام" فإن الكوميديا بطبعها تتغير مفرداتها من جيل إلي جيل ولهذا فإن الذروة الرقمية ربما لا يحققها "عادل" دائماً.. هكذا مثلاً نجد أن "محمد هنيدي" في مرحلة تفوق علي "عادل" ثم تتابعت المراحل مثل "محمد سعد" و "أحمد حلمي" ارتفعت مؤشرات إيراداتهم ولكن لا يزال "عادل" يحتل مكانة متميزة في الدائرة الرقمية!! نجوم الأرقام يستحقون التكريم مهما كان لنا من آراء سلبية عن أفلامهم فإن الرؤية المنصفة تؤكد أن تواصلهم مع الجمهور حقيقة لا يمكن إنكارها وهكذا تم تكريم "سلفستر ستالوني" في فينسيا رغم اعتراض أغلب النقاد الإيطاليين علي منحه هذه المكانة وكرمت "نادية الجندي" في مهرجان القاهرة رغم اعتراضات البعض لتصبح عنواناً مميزاً لتلك الدورة من عمر المهرجان؟! ******* قبل الفاصل لا أحد من حقه أن ينزع الإحساس الوطني عن أحد لمجرد أنه لم يمنح الفيلم المصري جائزة.. تابعت ما جري في أعقاب حفل الختام لمهرجان "دمشق" في دورته السابعة عشرة حيث خرجت السينما المصرية خاوية الوفاض بلا جائزة في المسابقتين العربية والدولية وأتمني ألا يعتبر أحد أن شهادة التقدير التي حصل عليها الفيلم المصري "واحد صفر" في المسابقة العربية تعني شيئا هي في الحقيقة مجرد ترضية مباشرة أضافتها لجنة التحكيم للفيلم المصري والمغربي "كزانيجرا".. لقد تردد أن "حسين فهمي" في اللجنة الدولية و "سمية الخشاب" في لجنة الفيلم العربي لم يدافع أي منهما عن الفيلم المصري وكان لنا بالإضافة إلي "واحد صفر" فيلم "المسافر" ولا أتصور أن ما تردد كان صحيحاً ليس لأن "حسين" و "سمية" انحازا إلي مصر بمشاعر وطنية ولكن لأن فيلم "واحد صفر" تحديداً لا يمكن أن تتجاهله العين لما به من ثراء وغني فني فإن الأمر كان يبدو غريباً أن تخرج مصر بلا جائزة ولكن لا "حسين" ولا "سمية" مطالب أي منهما بإفشاء أسرار ما حدث في اللجنة لنعرف من الذي تحمس ومن الذي تراجع.. لا أحد من حقه أن يجبر "حسين" أو "سمية" بتقديم دليل براءة.. إن ما يجري في لجان التحكيم يتجاوز عادة المنطق الفني ولا يكسب بالضرورة الفيلم الأكثر إبداعاً والنتيجة النهائية هي ما يسفر عنه تفاعل الأعضاء وتلاقح رؤيتهم وفي بعض الحالات تحدث في هذه اللجان انقلابات درامية وقد يؤدي عضو واحد فقط إلي تغيير مسار اللجنة.. أتذكر أحداث فيلم "اثنا عشر رجلاً غاضباً" للمخرج البريطاني "سيدني لوميت" الحائز عام 1951 علي الأوسكار حيث استطاع عضو واحد فقط في هيئة المحلفين مقتنعاً ببراءة متهم أن يغير قناعات باقي الأعضاء ويحصل علي البراءة بدلاً من الإعدام.. في لجان التحكيم قد تحدث أشياء من هذا القبيل لا أدري بالطبع ما الذي حدث بالضبط ولكن ربما لم يكن لا "حسين" ولا "سمية" لديهما تلك القدرة علي الإقناع وقد ينحاز بعض أعضاء لجان التحكيم إلي سينما البلد المضيف أو قد يغفلون تماماً وعن سبق إصرار أي إبداع فني آخر!! نعم حمل البعض علي أعضاء لجنة التحكيم المصريين نتيجة ما حدث في مهرجان "دمشق" وأشاروا إلي رئيس اللجنة العربية مثلما حدث أيضاً في الدورة السابقة مع "دريد لحام" الذي رأس لجنة التحكيم العربية العام الماضي حيث قالوا أنه وقف ضد الفيلم المصري مما أدي إلي أن تتجاوز لجان التحكيم عن الفيلمين المصريين وتنحاز إلي الفيلم السوري؟! ليس مطلوباً من العضو المصري أن يثور ويهدد بالانسحاب ورأيي الشخصي أن الفيلم المصري "واحد صفر" كان يستحق أكثر من جائزة في دمشق من اللجنتين العربية والدولية رغم كل ذلك فلا لوم ولا عتاب علي موقف "حسين فهمي" و "سمية الخشاب"!! حصلت كاتبة السيناريو الموهوبة "مريم نعوم" علي جائزة أفضل سيناريو من مهرجان "بروكسل" في بلجيكا عن فيلم "واحد صفر".. الفيلم حصل أيضاً علي جائزة لجنة التحكيم وجائزة أخري للمخرجة "كاملة أبو ذكري" ولا أتصور أن هاتين الجائزتين هما نهاية المطاف أمام الفيلم.. لا شك أن جوائز أخري قادمة وتبقي "مريم نعوم" التي أراها تملك موهبة استثنائية وأنتظر بعد "واحد صفر" عشرات من الأهداف السينمائية الأخري التي تحققها للسينما المصرية!!