الملحن جمال سلامة أحد عمالقة الفن والتلحين وقدم خلال تاريخه الحافل أعمالا خالدة تعاون خلالها مع مطربى الزمن الجميل، مثل أم كلثوم، ووردة، وفايزة أحمد، وشادية، وعبدالحليم، وصباح، وياسمين الخيام، وغيرهم، كما اكتشف وساهم فى سطوع نجم عدد أخر من نجوم جيل الوسط، ومنهم سميرة سعيد ولطيفة وماجدة الرومى، كما وضع الموسيقى التصويرية لعدد كبير من الأفلام التى أصبحت علامات فى تاريخ السينما المصرية، والتى وصل عددها إلى 1000 فيلم، منها: «الكرنك، حبيبى دائما، العذاب امرأة، لا تبكى ياحبيب العمر، أهل القمة، أميرة حبى أنا، أفواه وأرانب، وأريد حلا»، فضلا عن تلحين موسيقى عدد كبير من أشهر المسلسلات ومنها مسلسل محمد رسول الله، وتلحين حفلات أكتوبر لمدة تجاوزت 20 عاما. وبدأ جمال سلامة حياته الفنية منذ عام 1970، حيث سافر فى بعثة لدراسة الموسيقى الكلاسيكية فى روسيا، تتلمذ خلالها على يد الموسيقار العالمى آرام خاتشادوريان وتشيكوفيسكى، وبعد عودته من البعثة عام 1976 بدا حياته كأول عازف أورج فى الوطن العربى.
يحكى جمال سلامة ل «صوت الأمة» عن هذه المرحلة من حياته، وعن سبب توقفه عن العزف واتجاهه للتلحين، قائلا: «عندما عدت من البعثة بدأت حياتى عازف أورج، وكنت أول عازف للأورج فى الوطن العربى، وعملت مع أم كلثوم فى أغنية (أقبل الليل) للشاعر أحمد رامى وألحان السنباطى». واستطرد سلامة قائلا: «لو لم يعجب عزفى أم كلثوم، كان سينتهى وجود هذه الآلة فى الموسيقى العربية إلى الأبد». وتابع: «كان معروف عن أم كلثوم أنها لما بتغنى ما حدش بيعزف معاها، فكانت الفرقة الموسيقية تعزف قبل غنائها وتتوقف حين تبدأ الست فى الغناء، ولكننى خالفت هذه القاعدة وعزفت وهى تغنى فى البروفة، وكان عازف الكونترباص (عظمة) إلى جوارى فقال لى: بس ياجمال الست تزعل.. فتوقفت عن العزف». يستكمل ملحن الزمن الجميل حديثه عن هذه الواقعة: «فوجئت بأم كلثوم توقف الفرقة، وقالتلى: سكتت ليه ياجمال، قلتلها: عظمة بيقوللى حضرتك مابتحبيش حد يعزف معاكى، فقالت له: وأنت مالك أنت، قول يا جمال الحاجات الحلوة دى». وأضاف: «بالفعل تم تسجيل الأغنية للإذاعة وأنا أعزف بالتزامن مع صوت الست، وكانت هذه أول مرة ترافق آلة موسيقية صوت كوكب الشرق». ورغم ذلك أكد جمال سلامة أن أم كلثوم كانت سببا فى قراره بعدم العزف وراء أى مطرب، قائلا: «كانت أم كلثوم أيضا سببا فى أننى قررت ألا أعزف مع أى مطرب، ففى إحدى المرات كنت أعزف سولو فى أغنية (أقبل الليل)، ووجدت تصفيقا حارا، فوقفت أحيى الجمهور، وفوجئت بعازف الكامنجا أحمد السنباطى بيقوللى: أنت وقفت ليه، فقلت له: علشان الناس بتصقف لى، فضحك قائلا: أنت فاكر الناس بتصقف لك أنت دول بيصقفوا علشان الست وقفت وهتغنى». وأكد سلامة، أنه حينها قرر أن يعتزل العزف مع أم كلثوم، أو مع أى مطرب أخر قائلا: «قلت لنفسى وقتها هاخللى الناس تصفق لى فى أعمالى»، ورفضت المشاركة فى العزف مع أى مطرب حتى أم كلثوم.
