عام 1932 وفى مراحل تصوير مشاهد والحان فيلم الورده البيضاء وعند الاستعانه ببعض العازفين وبالاخص عزف العود ولابد من فنان متمكن لم يجد أمامه سوى رياض السنباطي الذي أجمعت عليه الآراء كأقوى و أبرع عازف عود . وقد ظهر الاخير في الفيلم المذكور ، ولقطات خفيفه فيه بالإضافة إلى قيامه بالعزف مع تخت محمد عبد الوهاب مشهداً قصيراً جداً ، ونترك الموسيقار ليحدثنا عن تلك الاحداث فيقول : لقد كنت ضمن أفراد التخت الذي صاحبه في أغاني الوردة البيضاء ، بل أنني ظهرت في الفيلم في مشهد لم يستغرق سوى نصف دقيقة ، وكان المشهد لفرقة ( محمد أفندي ) بطل الفيلم الذي هو محمد عبد الوهاب حتى نعزف له أغنية (النيل نجاشي) ولما تأخر عن حضور البروفة ، وقفت أنا كما تقضي حوادث الفيلم محتجاً و قائلا : مش معقول ننتظر أكثر من ده..... وكان هذا أول ظهور لي في السينما \ ! وللحقيقة والتاريخ ، فإن الإعجاب كان متبادلاً بين الإثنين ، وكان رياض السنباطي يغني بعض أغاني محمد عبد الوهاب في حفلات المعهد الشهرية، وفي السهرات الخاصة ، غير أن الذي إختاره للعزف في الفيلم المذكور لم يكن محمد عبد الوهاب ، وإنما قائد فرقته (التخت الشرقي) الفنان العربي السوري الكبير (جميل عويس) . ومنذ قيام رياض السنباطي بتسجيل أغاني فيلم الوردة البيضاء على عوده أخذ محمد عبد الوهاب يشيد بمقدرته وبراعته وموهبته في العزف ، ويجب أن لاننسى أن جميع المقاطع الموسيقية التي إنفرد بها العود خلال غناء محمد عبد الوهاب لأغاني الفيلم كانت من أداء السنباطي ، مثال ذلك أداء العود في مونولوج (ضحيت غرامي عشان هناكي) وغيرها من الأغنيات إضافة للموسيقى التي رافقت مشاهد الفيلم ، وبخاصة مقطوعة (لغة الجيتار),.كان لقاء رياض السنباطي بمحمد عبد الوهاب في العام 1932 أول لقاء له بعد لقائه بأم كلثوم . وكان موسيقار الاجيال يمثل قمة الغناء العربي ، بينما كان رياض السنباطي يشق طريقه في سماء الفن كمطرب وملحن وعازف ، بأناه وصبر ، وبرغم الإعجاب المتبادل بين الإثنين والحماسة لبعضهما البعض ، فقد شاءت الظروف أن تشوب سماء هذا الإعجاب الغيوم ، وأن تتكاثر وتتلبد أكثر فأكثر بسبب أم كلثوم ، التي أخذت بالإعتماد على رياض السنباطي في أغانيها ، فتقلصت العلاقة التي بدأت بينهما بإندفاع من الجانبين ، لتغدو نوعاً من المجاملات ، ولتتحول مع الزمن إلى نوع من الغمز في التصريحات المهذبة التي كانا يطلقانها رداً على بعضهما في المناسبات ، لتغدو نوعاً من التجريح ، مثال ذلك التصريح الذي أدلى به محمد عبد الوهاب لمجلة أخبار اليوم في السنة الأولى لصدورها بأن رياض السنباطي عازف عود لايجارى وملحن قوي في الأعمال الدينية, ..,هذ القول يعني أن الاخير لايصلح في التلحين لغير الأعمال الدينية . وأخلاقيات رياض السنباطي كانت فوق هذا اللغو الذي أريد به باطلاً .. محمد عبد الوهاب الذي بلغ الأوج في صراعه مع أم كلثوم على زعامة الساحة الموسيقية ، كان يوزع التصريحات الجارحة المهذبة بطريقة ذكية ، كما يقول لمجلة (الاستديو) التي كانت تصدر عن (دار الحبيب) واختصت بالقضايا الفنية وبخاصة السينمائية أن محمد القصبجي أبرع عازفي العود ، وهو بقوله هذا نال من محمد القصبجي كملحن عندما قصر موهبته على عزف العود ، مع أن الذي علمه عزف العود هو محمد القصبجي ، أستاذ أساتذة هذا الفن. أم كلثوم التي ملّت العراك المستور الذي لاتجيده ، والذي ينال بإستمرار من ملحنيها إستدعت رياض السنباطي في ثورة غضب وطلبت منه أن يلحن كل القصائد التي سبق وغناها محمد عبد الوهاب لتغنيها ؟. وكتب الأستاذ إبراهيم الخوري في صفحات مجلة الشبكة عن هذه الواقعة بما سمعه في سهرة خاصة أقامها السفير الكويتي على شرف رياض السنباطي عام 1980 ، فيقول أن أحد الساهرين قال لرياض السنباطي ضاحكاً بعد أن روى له قصة قصيدة سلوا كؤوس الطلا : كنا نعتقد أن أحمد شوقي يحب محمد عبد الوهاب وحده ، فإذا به يحب أم كلثوم أيضاً ... فضحك رياض السنباطي وقال : كلهم كانوا يعتقدون أن رياض السنباطي يحب أم كلثوم وحدها بينما أنا أحب محمد عبد الوهاب أيضاً. واكمل رياض السنباطي : وللمناسبة أحب أن أكشف سراً أعلنه للمرة الأولى في حياتي ، عندما إشتد التنافس بين أم كلثوم و محمد عبد الوهاب في عز شبابهما ، طلبت مني أم كلثوم أن أجمع معظم أغاني محمد عبد الوهاب الناجحة وأعيد تلحينها بنفسي لتغنيها أم كلثوم .. ولكنني رفضت الإقدام على هذا العمل حباً مني لمحمد عبد الوهاب و تقديراً لصوته العظيم وكان السؤال التالى وماذا تفعل اتجاه الشعراء الذين نظموا تلك الأغاني ؟ هل كانوا سيوافقون على فعلتك لو أنك رضخت لطلب أم كلثوم؟ قال رياض السنباطي : «كانت أم كلثوم ستختار أشعار أحمد شوقي فقط التي أنشدها محمد عبد الوهاب .. وأحمد شوقي كان قد توفى ,والى حكايه فنيه اخرى لكم كل الحب \ المؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجيه ندى وللتواصل 0106802177 = [email protected]