· 25 ألف فدان بطريق الإسماعيلية مهددة بالضياع · الحكومة باعت الفدان ب200 جنيه والتجار باعوه بمليون! * 1200موظف يكلفون الدوله 17 مليار جنيه سنويا مهمتهم الحفاظ علي الاراضي! هذه القضية لا تحتاج لمقدمات، فالوقائع كاشفة للفوضي التي اجتاحت كل شيء في حياتنا، والتفاصيل فاضحة لكل المسئولين في الجهات الرقابية، الذين جلسوا علي مقاعد المتفرجين، وكأن الأمر لا يعنيهم، حتي صار الخراب عنواناً لكل ما يجري في هذا البلد، ففي أجواء الفوضي والخراب، لم تجد الحكومة حرجاً في ضياع 30 مليار جنيه، جري تسهيل الاستيلاء عليها علناً، لتدخل جيوب السماسرة، وخزائن تجار الأراضي وهو ما نعتبره من جانبنا بلاغاً، نتقدم به لأعلي سلطة سياسية وتنفيذية في الدولة، ضد حكومة أحمد نظيف لأنها تهاونت بل وشاركت في إهدار حقوق وممتلكات شعب بأكمله، أما الجريمة فحدثت علي أطراف القاهرة، وبالتحديد علي جانب طريق الإسماعيلية، حيث تدور وبشكل علني أساليب التلاعب في 25 ألف فدان من الأراضي الصحراوية المخصصة للاستصلاح الزراعي. هذه المساحات يجري تقسيمها كقطع صغيرة، ويتم تداول البيع والشراء عليها بين التجار، في عملية نصب واضحة المعالم ومكتملة الأركان، لإغراء البسطاء الحالمين بتملك بضعة أمتار، يشعرهم بامتلاك منزل في وطن يباع ليل نهار بالجملة والقطاعي. الغريب أن الدولة تنفق 17 مليون جنيه سنوياً لحماية هذه الأراضي من العبث، في صورة رواتب ومكافآت ل1200 مهندس وموظف يعملون بمديرية الزراعة بالقاهرة. وهذه المديرية ليس هناك مبرر لوجودها، سوي القيام باختصاصها الوحيد، وهو منع أي تعديات علي هذه الأراضي إلا أن ذلك لم يحدث. وتمتد هذه الأراضي من مدينة العبور إلي الكيلو 48 في طريق القاهرة الإسماعلية، وتم تخصيصها لعدد من الجمعيات والشركات العاملة في استصلاح الأراضي، وسنتوقف أمام إحدي الجمعيات «الأمل»، وتعتبر نموذجاً صارخاً للفوضي، وحصلت الجمعية علي 4500 فدان، وتحدد سعر الفدان الواحد ب200 جنيه في منتصف الثمانينيات، ووزعت إدارة الجمعية المساحة علي أعضائها، وحصل كل عضو علي 5،8 فدان إلي جانب 500 متر لبناء سكن أو استثمارها في خدمة النشاط الزراعي، وقبل أن تسدد الجمعية مستحقات الدولة والحصول علي عقود نهائية بالملكية، حدثت بعض التجاوزات أدت إلي فرض الحراسة القضائية علي الجمعية، ولم تتم الزراعة وبدأت عمليات التلاعب في الأراضي تجري علي قدم وساق عن طريق البيع بايصالات الحجز، واستخراج أوراق غريبة لإثبات الملكية، وفجأة دخلت علي الخط شركات تقسيم الأراضي، التي تبيع المتر الواحد ب300 جنيه وهو ما يعني أن الفدان الواحد تصل قيمته إلي 2،1 مليون جنيه، ووصلت البجاحة لأقصي درجاتها، بأن يتم تداول البيع علي القطعة الواحدة أكثر من مرة، وساد شعار «من لا يملك باع لمن لا يستحق»، فالأرض مخصصة للزراعة حسبما تصدع الحكومة رءوسنا به، في إشارة من جانبها بوجود خطط وبرامج، لكن الواقع يقول عكس ذلك، والمثير للدهشة أنه انتشرت في الآونة الأخيرة، أساليب الدعاية المتنوعة للترويج بأن هذه الأراضي للبناء والسكن، ومن بينها توزيع إعلانات علي المقاهي وفي الأتوبيسات تشير إلي أن أرض «الأمل» تابعة لمدينة الشروق وهو ما أغري الكثيرين، للوقوع في الفخ الذي نصبه تجار الأراضي، ومن «الأمل» إلي «القادسية» لا يختلف الأمر كثيراً، فالأخيرة عبارة عن شركة لاستصلاح وتقسيم الأراضي، وحصلت علي 5 آلاف فدان، وجري تقسيمها إلي قطع زراعية، بالإضافة إلي مساحات صغيرة كمبان سكنية وأخري للاستثمار الزراعي، واعتماد الاستثماري من هذه المساحات علي مقابل من الرسوم والأسعار، يتم تحديدها بمعرفة اللجان المختصة في وزارة الزراعة. المستثمرون من «القادسية» حصلوا علي عقود نهائية من وزارة الزراعة بعد دفع مستحقات الدولة، وبموجب هذه العقود تجري عمليات البيع والشراء، علي أن هذه الأراضي مسجلة وملكية خاصة، وهذه قولة حق يراد بها باطل، فهي مسجلة كأراض زراعية، وليست سكنية وراج صيت هذه الأراضي بين السماسرة وتجار الأراضي، إلي الحد الذي صارت فيه قبلة لكل من يريد الحصول علي أراضي لأولاده، وكذلك صارت بورصة لتجار الأراضي، فكل صباح يوجد سعر جديد. المثير للدهشة، أن التجار تجاوزوا حدود أراضي القادسية لمساحات تصل لأكثر من 10 آلاف فدان، يجري بيعها وتقسيمها بين الشركات، وبأوراق مضروبة تارة، وأوراق تخص أراضي مسجلة تارة أخري، والهيئة المختصة لا تملك أمام هذه الأمور سوي اتخاذ التدابير الملائمة لإبراء ذمتها فقط، وهي الإعلانات في الصحف من وقت لآخر، بالتحذير من التعامل علي هذه الأراضي، لأي أغراض بخلاف الزراعة. وفي المقابل تتلقي الصحف اليومية عشرات المئات من الإعلانات التي تستهدف جذب المستثمرين باعتبار أن هذه المناطق لأغراض السكن، ويستخدمون في ذلك أسماء المدن الجديدة، وقد وصلت الأسعار في هذه المناطق 350 جنيهاً للمتر الواحد، ووصلت حصيلة الاتجار في الأراضي الصحراوية المخصصة للاستصلاح الزراعي 30 مليار جنيه، لم تستفد الدولة منها شيئاً، وقد ذهبت هذه المبالغ إلي جيوب التجار. اللافت للنظر فيما يجري علي طريق الإسماعيلية أنه يجري علناً وتعلم به الحكومة، ويعرفه أمين أباظة، وتراه الجهات الرقابية، التي ألقت منذ فترة القبض علي 3 من مديرية الزراعة بالقاهرة ووزارة الزراعة بتهمة تسهيل عمليات التقنين لبعض الأراضي في الأغراض الاستثمارية بعد أن حددوا رسوماً لا تزيد علي جنيه واحد للمتر الذي يباع حالياً ب350 جنيهاً، ومازالت المديرية قائمة ومازال موظفوها يتقاضون ال17 مليون جنيه سنوياً، للإشراف علي استمرار مسلسل العبث بأراضي الدولة، وتمكين التجار والسماسرة من تحقيق ثروات غير مشروعة علي حساب هذا البلد وحساب شعبه الذي سحقه قطار الفساد والمحسوبية. ففي «القادسية» تعمل الآن 40 شركة تقسيم أراضي تضع لافتات علي مساحات شاسعة، ويلوح أصحاب هذه الشركات بعقود مسجلة، لإغراء الضحايا الذين يدفعون دماء قلوبهم ثمناً لأراض زراعية اشتروها علي أنها سكنية!! فهل تتدخل الجهات الرقابية لوضع حد لما يجري في طريق الإسماعيلية؟ خاصة بعد أن تفرغت الوزارة.. أقصد وزارة الزراعة لتقنين الأوضاع الخاطئة!! هذه تساؤلات نري أنها مشروعة.