ضاعت على مصر ثروة تقدر بالمليارات بسبب غياب الرؤية، وسوء التخطيط، بسبب الحكومات المتتالية التى تنظر تحت أقدامها. والثروة هى كنز الساحل الشمالى المصرى.. هذا الموضوع تناوله الزملاء مصطفى النجار وأسامة الغزالى حرب فى الأهرام وسليمان جودة فى المصرى اليوم وتناولته صحف فى تقارير مطولة. الساحل الشمالى هو بالفعل واحد من الكنوز المصرية، والمشروعات القومية العملاقة. لقد أُهدرت هذه الثروة فى بناء غابات أسمنتية تموت كل عام لمدة تسعة أشهر. ولو كانت الحكومات المصرية السابقة على مدى أربعين عاما تمتلك الرؤية والتخطيط لجعلت هذا الساحل قبلة الملايين من الأجانب الذين يجدون فى سواحل إسبانيا وفرنسا وايطاليا واليونان وتونس متنفسا طوال العام. لا تملك دولة فى حوض البحر الأبيض المتوسط مثل الساحل الشمالى الذى تمتلكه مصر. لو كانت هناك رؤية حقيقية وبعيدة المدى لتحول هذا الساحل من منطقة العجمى إلى مرسى مطروح، لتحول إلى كورنيش «طريق مزدوج بجوار البحر» على أن تُبنى عشرات بل مئات الفنادق والمطاعم والكافتيريات والقرى السياحية أيضا فى الجهة التى تقع فى الصحراء المقابلة لهذا الطريق. هذا ما شاهدته فى البرازيل وإسبانيا وايطاليا وفرنسا واليونان، فيكون البحر ملكا للشعب ولملايين من السائحين الأجانب. السياحة من أهم الكنوز المصرية وتدر لمصر دخلا فى الأحوال الطبيعية ما يزيد على 12 مليار دولار ويمكن أن يتضاعف هذا الرقم، بل يجب أن يتضاعف إلى خمسين مليار دولار سنويا، وحيث يكون الساحل الشمالى منتجا سياحيا آخر ينضم إلى منتج ساحل البحر الأحمر الذى أفسدناه أيضا بقرى سياحية تحجب البحر وألوان مياهه الزرقاء. إنه التخطيط الغائب والرؤية القاصرة من جانب حكومات أدارت الشأن المصرى على مدى أربعين عاما. كل الرجاء الآن أن يتحول الجزء المتبقى من الساحل الشمالى إلى منتج سياحى ومشروع قومى آخر يجرى العمل فيه بالتوازى مع المشروع القومى الضخم فى الشرق وهو قناة السويس الجديدة. مصر وعبقرية المكان، رحم الله جمال حمدان صاحب هذا التعبير. إن موقع مصر هبة من الله كما أن مصر هى هبة النيل، وهذا الموقع يمنح لبلدنا ما لا يُمنح لغيرها. هذا وقت العمل. هذا وقت الانطلاق بمصر من أجل الأجيال القادمة. لا يوجد وقت للتثاؤب والكلام.