يحتمل أن يحتل حزب الوسط الذي يبدي صراحة تعاطفه مع روسيا، الطليعة في الانتخابات التشريعية المرتقبة يوم الأحد في إستونيا، لكن دون أن يكون قادرًا على تشكيل حكومة في هذا البلد الصغير في البلطيق القلق من موسكو. فاستطلاعات الرأي تعطي في الواقع حوالى 27% من نوايا التصويت للوسط أمام حزب الإصلاح (22%) والاشتراكيين الديمقراطيين (18%)، علمًا بأن هذين الحزبين يشاركان حاليًا في الحكم. وأثناء الانتخابات التشريعية الأخيرة في 2011 حصل الوسط على 23,3% من الأصوات وراء الإصلاح الذي كان في الطليعة مع 28,6% من الأصوات. ويفسر النجاح المتوقع للوسط بالدعم الذي يحظى به الحزب من الأقلية الناطقة بالروسية التي تمثل ربع التعداد السكاني المقدر بحوالى 1,3 مليون نسمة في هذا البلد المزدهر نسبيًا والعضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. لكن المحللين يرون أن الوسط يفتقر لحلفاء لتشكيل غالبية في البرلمان (101 مقعدًا)، وبالتالي يتوقع أن يبقى الائتلاف الحالي في الحكم مدعومًا بالمحافظين في حزب الاتحاد من أجل الوطن والجمهورية (آي آر إل). وقد عززت التدريبات العسكرية الروسية على الحدود الإستونية قبل بضعة أيام من الاقتراع المخاوف لدى الذين يعتبرون أن الكرملين ينوي زعزعة استقرار الجمهوريات السوفياتية السابقة. وقال رئيس الوزراء من حزب الإصلاح تافي رويفاس، محذرًا "أن الوضع الأمني الحالي سيستمر فترة طويلة"، معتبرًا "أنه ليس بالتحديد وقتًا سيئًا، إنه تغيير في الأجواء". وضم أصغر رئيس حكومة في الاتحاد الأوروبي --يبلغ الخامسة والثلاثين عامًا-- صوته إلى صوتي نظيريه اللاتفي والليتواني للمطالبة بحضور متزايد للحلف الأطلسي، خصوصًا في الجو للرد على وجود الجيش الروسي قرب حدودهم. وفي هذا الإطار، كان حلف الأطلسي أعلن إنشاء قوة "رأس حربة" قوامها خمسة آلاف رجل وستة مراكز قيادة في المنطقة أحدها في إستونيا. وأقرت كاترين، التي تعمل مدرسة في تالين، فضلت عدم كشف هويتها لوكالة فرانس برس، "إني بالأحرى قلقة من التهديد الروسي المحتمل". وأضافت أن "الطريقة التي شنت فيها روسيا حربًا في أوكرانيا تترك القليل من الشكوك حول طموحها" لفرض هيمنتها مجددًا على المنطقة، مؤكدة أنها ستصوت لحزب مقرب جدًا من أوروبا. ولفت المحلل السياسي أتو لوبياكاس، لفرانس برس، إلى أن "القلق واضح لدى الرأي العام". وقد سجلت شعبية زعيم الوسط ادغار سافيسار، تراجعًا العام الماضي بعد زيارته المثيرة للجدل إلى موسكو؛ حيث قال إنه يؤيد ضم روسيا للقرم. ويتولى سافيسار الذي كان أول رئيس حكومة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، منذ العام 2007 منصب رئيس بلدية تالين. وإن كانت سياسة موسكو تثير بعض القلق في تالين، فإنها الحال ليست كذلك في نارفا على الحدود الروسية حيث 90% من السكان المقدر عددهم ب60 ألفًا من أصل روسي. وتساءلت يفيغينا، وهي متقاعدة أنيقة، بدهشة "كيف يمكن أن تشكل روسيا خطرًا على الحلف الأطلسي؟" "هل هم مجانين؟ الحلف الأطلسي يعد 28 دولة". وأضافت المرأة المسنة التي لن تشارك الأحد في التصويت "وعدونا بأننا سنعيش بشكل جيد مثل فنلندا، لكن الأحوال تنتقل من سيء إلى أسوأ وهناك مزيد من الناس يفتشون بين النفايات". وتعد منطقتها من أفقر المناطق في الاتحاد الأوروبي؛ حيث بلغ معدل البطالة 9%، أي أكثر بنقطتين من المعدل الوطني. واستطردت الفيرا نيمان (77 عامًا) "إننا شعب متسامح وروسيا جار صديق"، ملمحة إلى أنها ستصوت "للشبان" أي بعبارة أخرى لحزب رويفاس. أما المسائل الاجتماعية مثل مشروع اعتماد حد أدنى للأجور بمستوى ألف يورو، وخفض اشتراكات الضمان الاجتماعي، فكانت موضع جدل حاد أثناء الحملة الانتخابية.