ما الدور المطلوب من الاعلام فى حرب الدولة ضد الإرهاب؟ سؤال أصبح مطروحا بقوة بعد الهجوم الإرهابى التى تعرضت له قوات الجيش فى العريش، وراح ضحيته 31 شهيدا من العسكريين والمدنيين وإصابة 81 آخرين، ومطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسى للإعلام المصرى أن يلعب دوره فى مواجهة الدولة للإرهاب. من جانبه أكد د. حسن عماد مكاوى عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة ضرورة التزام الإعلام بالدقة والمهنية فى تناول أخبار تلك المعركة التى تخوضها مصر ضد الإرهاب. وأضاف أنه على وسائل الإعلام التدقيق فى اختيار مصادر المعلومات، بحث لا تنشر أى أخبار مجهلة، حتى لا تقع فى ترويج شائعات ربما يستفيد منها تلك التنظيمات الإرهابية. وأكد ضرورة الالتزام بالانضباط المهنى والذى يفرض عدم تناول قضايا منظورة أمام القضاء، ولم يصدر فيها أحكام، وأشار مكاوى إلى قضية الشهيدة شيماء الصباغ، التى خاض فيها الجميع رغم أن القضية قيد التحقيق، وأن تناول مثل هذه القضايا دون الاستناد إلى معلومات مؤكدة من شأنه إثارة البلبلة والتأثير على أحكام القضاء. فيما أوضح أن الرئيس فى كلمته كان يؤكد ضرورة الالتزام بالمعايير المهنية للإعلام، وأن يراعى الإعلاميين الظرف الذى تتعرض له البلد، والذى يشبه إلى حد كبير حالة الحرب، مشيرا إلى أن ما يحدث فى سيناء يؤكد أن هناك خطرا حقيقيا يتهدد الدولة المصرية، وأكد مكاوى أن الرئيس لم يطلب إعلام حرب موجه لحشد الجماهير، ولكنه طالب بإعلام يعى المصلحة الوطنية ويقدمها. وأضاف أن الإعلام بطبيعته يرصد السلبيات، ولكن عليه أن يكون انتقائيا فى تعرضه للسلبيات، وإلا يكون تناوله للسلبيات من شأنه التأثير على الروح المعنوية للعاملين فى الأجهزة الأمنية، وأن يتمتع الإعلامى بضمير مهنى يدفعه لإعلاء المصلحة الوطنية. وقال مكاوى: إن أزمتنا اننا نعمل دون وجود نظام وضوابط لعمل الإعلام، مشددا على ضرورة وضع ضوابط مهنية تنظم عمل الإعلام المصرى بقنواته ومحطاته الإذاعية، وكذلك الصحافة القومية والمستقلة. وشدد د. محمود علم الدين أستاذ الاعلام بجامعة القاهرة على فكرة إعلاء المصلحة الوطنية، وقال إنه لا مجال للسعى إلى السبق على حساب مصلحة الوطن، وأنه على القنوات وغيرها من وسائل الإعلام أن تلتزم بالبيانات الرسمية الموثقة من الجهات المختصة، حتى لا تثير بلبلة بالتضارب فى المعلومات والأرقام، وفى نفس الوقت طالب الجهات المختصة بالاجتهاد فى توفير المعلومات بالكم والوقت المناسبين لتساعد الاعلاميين فى القيام بدورهم فى تلك المرحلة. وانتقد علم الدين فتح القنوات المصرية مساحات واسعة لتحليل المواقف، حتى قبل اتضاح الصورة أو الحصول على معلومات مؤكدة يمكن البناء عليها فى تحليل جاد ومفيد للمتلقى. وحذر من الآثار السلبية من تلك التحليلات التى قد تثير الفزع، بما يؤثر سلبا على الحالة المعنوية للمواطنين، مشيرا إلى الفيديو الخاص باختطاف ضابط الشرطة، والذى اعادته بعض القنوات أكثر من مرة، دون وعى بخطورة عرض مثل هذه الفيديوهات على الروح المعنوية لضباط الشرطة. وألمح إلى أن إذاعة فيديو العملية الإرهابية الأخيرة الذى صورته الجزيرة، والذى يعد إدانة للقناة نفسها، مؤكدا أن تقييم مثل هذه الفيديوهات بدقة قبل إذاعتها وقياس تأثيرها أمر مهم للغاية. ومن وجهة نظرها ترى د. هويدا مصطفى المتخصصة فى إعلام الأزمات وجوب التعامل مع قضية الإرهاب بمنطق إعلام الأزمة، وقال: إنه عندما يموت العشرات من جنودنا فى عمليات إرهابية فنحن فى حالة حرب حقيقية. وأضافت أنه الواجب على الإعلام أن يوجه المواطن، وأن يمده بمعلومات دقيقة عما يحدث، ولو أن هناك دور واجب على المواطن يجب أن يبصره الاعلام بواجبة، وان يعتمد على محللين لديهم معلومات دقيقة، وقادرين على شرح الموقف بعيدا عن الشائعات والتكهنات وغيرها من الأمور التى قد تصيب المواطن بالإحباط. فيما شددت على ضرورة الاهتمام بوحدة الوطن وتماسكه امام هذه الهجمة التى تتعرض لها مصر، خاصة أن الإرهاب الذى تتعرض له الدولة فيه أطراف خارجية وأذرع داخلية، تماسك المجتمع فى مواجهته أمر ضرورى. وأضافت أنه على الإعلام العمل على تماسك الجبة الداخلية وتقويتها لتكون ظهيرا للدولة فى حربها ضد هذه التنظيمات الإرهابية. وطالبت د. هويدا مصطفى بضرورة توقف الفضائيات المصرية عن تناول موضوعات تبث الفرقة بين المصريين، وهذا لا ينفى إمكانية طرح وجهات نظر مختلفة حول القضايا المطروحة فى البرامج، ولكن بعيدا عن تلك الممارسات المرفوضة بتبادل الاتهامات بين الأطراف السياسية المختلفة. وعلى الجانب الآخر أكد الإعلامى محمد هانى رئيس قنوات سى بى سى أن الرئيس كان يؤكد حالة موجودة بالفعل، فعندما تكون الدولة فى حالة حرب واضح المعالم ولا اختلاف علية كما يحدث فى مصر فإن توعية الناس بحجم هذا الخطر واجب للإعلام الوطنى، ومن هنا فإن الاعلام المصرى يقوم بدورة فى هذا الاتجاه، ويعمل على توحيد الناس ضد هذا الخطر. وعلق هانى قائلا: «وقوف الناس ككتلة واحدة ضد الارهاب هو الحاكم الوحيد فى هذه المعركة، وأى دولة مهما كانت قوتها لا تستطيع الوقوف فى المواجهة بعيدا عن دعم الشعب لها، زفى مصر يعتبر الشعب المصرى هو الحامى للدولة، فلا احد يقدر الوقوف أمام 90 مليون مواطن مهما كانت قوته». وأضاف أن هذا ما حدث بمصر فى الفترة الأخيرة، فبعد سقوط نظام الإخوان، لم يكن هذا السقوط على هوى دول كبيرة وصغيرة، ولكنهم لم يستطيعوا تغيير هذا الواقع الذى أراده المصريون.