بعد فترة من التوتر والشد والجذب فى العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية، وتلويح واشنطن بتجميد مساعداتها العسكرية والاقتصادية للقاهرة، عادت العلاقات مؤخرا رويدا رويدا، وأقرت الإدارة الأمريكية مساعداتها لمصر، وسلمتها 10 مروحيات «آباتشى» لتعزيز جهودها فى مكافحة الإرهاب، ثم كانت زيارة وزير الخارجية نبيل فهمى الأخيرة للولايات المتحدة. «الشروق» حاورت سفير مصر السابق فى واشنطن، سامح شكرى، لتحليل العلاقات بين البلدين، والزيارة الأخيرة وما أثير حولها من جدل، ورؤيته للموقف الأمريكى من الانتخابات الرئاسية المقبلة. أكد شكرى بداية على أن التوتر هو سمة المرحلة بين مصر وأمريكا بعد الإطاحة بنظام الإخوان، لافتا فى الوقت نفسه إلى تغير الموقف الأمريكى بعدما تحدث وزير خارجيتها جون كيرى عن تفهمه لما حدث فى مصر من تظاهرات شعبية فى 30 يونيو، واتخاذ الشعب قراره بإقصاء الرئيس المعزول محمد مرسى وجماعة الاخوان عن سدة الحكم، وأن ما فعله وزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسى كان نزولا على الارادة الشعبية. وأكد السفير أن البيت الأبيض رفض عدة مرات طلب مرسى لزيارته خلال فترة رئاسته، وذلك لرغبة الإدارة الأمريكية فى عدم التقارب أكثر فى العلاقات مع نظامه، خاصة مع زيادة الاحتجاجات ضده، مشددا على أن المعزول كان يسعى دائما لكسب شرعية الغرب. وحول غياب السفير الأمريكى عن مصر، قال إنه من غير المناسب أن تظل السفارة بدون سفير لهذا الوقت الطويل، معتبرا ذلك مؤشرا على عدم الرغبة فى التفاعل الكامل مع المرحلة الانتقالية. وعن تعليق الكونجرس الأمريكى المساعدات لمصر، قال: «الكونجرس لم يعلق المساعدات، وانما وضع شروطا حتى يتسنى له مراقبة التحولات السياسية والاجتماعية فى مصر، مع استكمال خارطة المستقبل والاستحقاقات التى تم انجازها بعد الموافقة على الدستور، والتحرك لإنجاز الاستحقاق الثانى بإجراء الانتخابات الرئاسية، وهو ما اعتبرته الولاياتالمتحدة انجازا فى توالى الاستحقاقات، لذا تراجعوا عن قرارهم بحظر تسليم طائرات الأباتشى إلى مصر، وهو ما يعد خطوة إيجابية». وأوضح شكرى أن الكونجرس يضم أصواتا عديدة، مرتبطة بتوازن القوى بين الحزب الحاكم والمعارض هناك، وقد يكون انتقاد الإدارة الأمريكية فى وقت ما سببه المنافسة الانتخابية سواء الرئاسية أو فى الكونجرس، وأن هناك آراء سياسية مختلفة. وتابع: «من الأمريكان من يرى أن العلاقات المصرية لابد وأن تكون وثيقة الأهمية لأنها تحقق المصالح الامريكية، على أن تعود العلاقات بالنفع على الطرفين، وهناك أصوات معارضة تهاجم مصر، ولكنها لن تكون سببا فى القطيعة، فقد كانت دوما تتحدث عن حقوق الإنسان والديمقراطية منذ عهد مبارك، ولم تكن سببا لقطيعة». وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية تترقب استقبال الانتخابات المصرية، وتصريحات وزير خارجيتها الأخيرة تؤكد اهتمام الولاياتالمتحدة باجتياز مصر خارطة الطريق التى تم وضعها بعد ثورة 30 يونيو، واستكمال بناء مؤسسات الدولة المنتخبة، متمثلة فى «رئاسة وبرلمان»، ووضع أسس جديدة حاكمة تقوم على الديمقراطية واحترام حقوق الانسان، فى إطار استعادة العلاقات الجيدة بين البلدين. مضيفا: «الإدارة الأمريكية تشترط مشاركة جميع عناصر المكون السياسى المصرى فى حوارات مجتمعية، مبررين ذلك ببناء نظام ديمقراطى لا يشوبه الفرقة أو الأقصاء». وعن الموقف الأمريكى من الانتخابات المقبلة، قال السفير إن الجميع هناك يتطلع إلى أن تكون الانتخابات نزيهة وشفافة، خاصة أن هناك مئات المراقبين لها، وكون أن هناك «كفة راجحة» لمرشح على حساب الآخر يخضع للإرادة الشعبية، والصندوق سيكون هو الفيصل فيها، واستطرد: «لا أعتقد أن تدعم أمريكا مرشحا بعينه، ولكن قد يكون هناك حديث عن توافق أحد المرشحين مع توجهات الإدارة الأمريكية». وأكد شكرى أن الإدارة الأمريكية ستتعامل مع من يفوز فى الانتخابات بصرف النظر عن خلفياته، فهى قادرة على التعامل مع جميع الأطراف، فالعلاقات المصرية الامريكية طويلة وتمتد لأكثر من أربعة عقود، والولاياتالمتحدة دولة كبرى ستحترم اختيارات الشعب المصرى. وتابع: «علينا إدراك أن المصالح هى المتحكم الأول فى علاقات الدول، ونحن تربطنا علاقات تعاون مع الولايات المتحدت منذ أكثر من 30 عاما، استفدنا منها كثيرا على المستويين العسكرى والمدنى، ويجب ألا ننسى أن الولاياتالمتحدة دولة كبيرة لها وزنها السياسى والاقتصاى». ولفت إلى أن المصريين بالولاياتالمتحدة لن يقاطعوا انتخابات الرئاسة القادمة، وسيكون لهم دور مؤثر فى اختيار رئيسهم شأنهم شأن كل مصرى، مشيرا إلى أن الصحافة العالمية تتابع ما تنشره الصحف المصرية من مؤشرات حول كلا المرشحين. واستغرب السفير شكرى من موقف الإدارة الأمريكية حول حكم الإعدام الصادر بحق 683 من أنصار جماعة الإخوان المسلمين وإبداء انزعاجهم وقلقهم من الحكم، مؤكدا أن «الصحافة الأمريكية أعطت الموضوع أكبر من حجمه، بخلاف عدم علمها بالإجراءات القانونية فى مصر خاصة أن الحكم غير نهائى، وأنه لا يجوز التعليق على أحكام قضاء مصر المستقل، حتى انتهاء الإجراءات القانونية». ويرى سفير مصر السابق أن الدبلوماسية المصرية لم تقصر فى الرد على تلك الادعاءات، ولكن الاعلام الغربى ضخم الأمور، وكان على سفارات الدول الأجنبية بمصر توضيح الصورة الحقيقية لحكوماته ووسائل إعلامها. وأضح أنه يجب ألا تبنى العلاقات المصرية الامريكية على الشأن الداخلى فقط، لأنه ملك الشعب المصرى فقط وهو من يحدده، والأساس أن تنجح مصر فى الانتقال من المرحلة الانتقالية واستعادة مؤسسات الدولة، إلى الارتقاء بمستوى المواطن وتحقيق مصالحه.