بعد أيام من إقرار قانون الإرهاب، طفت على السطح خلافات على الساحة الحقوقية والسياسية حول القانون ما بين معارض يرى فيه قتل للحريات وأخر مؤيد متوقعًا حمياته لأمن مصر. ففي الوقت الذي اعتبر جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، القانون «مخالفًا للدستور وحقوق الإنسان»، وأداة للتنكيل بالمعارضين وأصحاب الرأي. «عيد» ذهب، في تصريحات خاصة ل«بوابة الشروق» إلى أن الشبكة العربية ليست فقط معارضة لقانون مكافحة الإرهاب لما فيه من مخالفات دستورية، بل إن الشبكة ضد سلسلة القوانين الجائرة التي تعتبر الإنجاز الوحيد لوزير عدل «المجلس العسكري» والقائم بأعمال الوزارة حتى الآن، على حد قوله. بينما رد محمد الكومي، عضو الهيئة العليا بحزب المصريين الأحرار، بتأييد كامل للقانون، مشيرًا إلى أنه «عندما تعارض حقوق الإنسان الأمن القومي.. فلا تحدّثوني عن حقوق الإنسان» في ظل مرور مصر بظروف استثنائية. «ياما في الحبس مظاليم» وأشار عيد إلى أن «أعمال العنف جاءت بالتزامن مع عنف مارسته الدولة، يستهدف تغييب الآلاف داخل السجون بدون توافر أدلة أو قرائن جدية على ارتكابهم أفعالًا آثمة قانونًا، واتساع نطاق إساءة معاملة المحتجزين وحرمانهم من حقوقهم القانونية، وتوظيف القانون لسد منافذ التعبير السلمي ليس فقط بحق مناصري الإخوان المسلمين، بل أيضًا بحق النشطاء والسياسيين المناوئين للإخوان». في الوقت نفسه، اتفق الكومي في أنه «قد يتم ملاحقة غير متورطين في أعمال إرهابية، ولكن الأمر مُبرر بالظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد». «صيغة فضفاضة.. انتظروا البرلمان» وفيما يتعلق بصيغة القانون، اعتبر مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن «الصيغة جاءت فضفاضة ويسهل توظيفها في قمع الخصوم السياسيين، وفي النيل من حريات الرأي والتعبير والتنكيل بمدافعي حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، فضلًا عن الاعتماد على الإجراءات الاستثنائية وإدخالها في نطاق القانون العادي». أما عضو الهيئة العليا بحزب المصريين الأحرار فرأى أن «هناك مجلس شعب سيتم انتخابه وسيكون المنوط بالسلطة التشريعية، وهو المُكلّف بتعديل مواد القانون إذا أراد ذلك، عقب انتهاء الظرف الاستثنائي الذي تواجهه البلاد». «حقوق المواطن.. مصلحة الدولة» وعند الحديث عن حقوق الإنسان تحت مظلة هذا القانون، لفت جمال عيد إلى أنه تضمن «تجاهلًا لضمانات حقوق الإنسان التي أكدها دستور 2014 في المادة 237 خلال إجراءات مكافحة الإرهاب، والعودة لنفس فلسفة المادة 179 من دستور 1971، والتي أطلقت يد الدولة لمواجهة الإرهاب دون الالتزام بالحقوق والحريات الواردة في دستور 2014». في حين اختلف معه في الرأي محمد الكومي، مشيرًا إلى أن «المرحلة الاستثنائية الحالية توجب ذلك»، قائلًا: «عندما تتعارض مصلحة الدولة مع حقوق الإنسان فلا تحدثوني عن حقوق الإنسان». «مخالفة دولية.. الغرب متناقض» جمال عيد واصل حديثه، مركزًا على أنه نص في اتجاه معاكس تمامًا للتوصيات التي تلقتها مصر من الأممالمتحدة عام 2009 حول حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية القانون في سياق مكافحة الإرهاب، والتي أوصت بضرورة وضع تعريفات منضبطة للفعل الإرهابي، وألا يؤدي أي قانون لمكافحة الإرهاب لفرض حالة طوارئ دائمة. هنا رد عليه محمد الكومي بقوله: إن الولاياتالمتحدة تخالف معايير حقوق الإنسان بتجسسها على مواطنيها، في حين لا تتحدث حول حقوق الإنسان، إلا مع العالم الثالث فقط، على حد قوله. «الإعلام.. العقاب والمسؤولية» وعند الحديث عن حرية الإعلام، نوه «الحقوقي» بأن الضمانات الدستورية لحماية حرية الرأي والتعبير والإعلام تتحول عمليًّا إلى «لغو فارغ»، خصوصًا مع نص القانون على المعاقبة بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات لكل من روج بالقول أو الكتابة أو بأي وسيلة أخرى للأفعال التي تؤثمها هذه المادة. أما «السياسي» فلاحظ أن «الشعب كله قد اجتمع على وصف الإخوان بالجماعة الإرهابية، نظرًا لما قاموا به، فلا يجوز لأي إعلامي التحدث عن السلمية، وعلى الإعلام إظهار الحقيقة، وهو الفعل الإرهابي للجماعة». «قلق التعذيب.. مؤامرات دولية» وأضاف مدير الشبكة العربية: «القانون يسمح باحتجاز المتهمين لأكثر من عشرة أيام، الأمر الذي يسمح بإخضاع المتهم لضغوط شتى بما في ذلك التعذيب لاستنطاقه قبل إحالته إلى سلطة التحقيق، في حين تلزم السلطات في المادة 54 بإحالة أي محتجز إلى سلطة التحقيق خلال 24 ساعة من احتجازه». بدوره، ذكر «الكومي» أنه «لا يجب التكبل والتشدّق بالحديث حول حقوق الإنسان في الوقت الذي تواجه فيه الدولة مخططات إرهابية ومخابراتية». اقرأ أيضًا: «الشروق» تنشر نص تعديلات قانون العقوبات لمكافحة الإرهاب نائب رئيس مجلس الدولة يدعو المتعاطفين مع الإخوان لمراجعة أنفسهم لتجنب معاقبتهم ب«الإرهاب»