شيع الآلاف من أبناء قرية الحواتكة التابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، ومعهم الكثيرون من المحبين بعد صلاة العشاء، يوم الاثنين، الشيخ أحمد التوني، إلى مثواه الأخير، بعد أن وافته المنية عن عمر ناهز التسعين عامًا. «بلبل الصعيد» هكذا يطلقون على الشيخ أحمد التوني، ليس هذا فقط، بل يطلقون عليه أيضًا «إمام المداحين»، و«ساقي الأرواح»، و«سلطان المنشدين»؛ لتميزه بأداء مدائحه بأسلوب غاية في الصعوبة؛ إذ يختار مدائحه من بين أشعار سلطان العارفين محيي الدين بن عربي، وشهيد الحق الحلاج، ويؤديها بأسلوب بسيط. وكان مما قاله الشيخ التوني، عن الموسيقى، إنها «تجلب الجمهور، وتقرب المعنى، وتطرب النفس، وترقق المشاعر»، وأن الموسيقى تؤدي لأن يسود «سهرات الإنشاد الصوفي نوعًا من الصفاء والحب، والإبداع والتشويق»، كما استطاع «التوني» بأدائه المتميز، الخروج بالغناء الصوفي من المحلية إلى العالمية، إذ دعي للمشاركة في العديد من المهرجانات الموسيقية الروحية. جدير بالذكر، أن الشيخ أحمد التوني، كان يهدف من خلال الإنشاد والموسيقى الروحية، إيصال رسالة التصوّف الإسلامي إلى العالم كله، معتقدًا أن التصوف صالحًا لجميع الأديان، وليس حكراً على المسلمين وحدهم. وكان يركز في إنشاده على الكلام، لا على الألحان؛ حيث تكون الألحان مجرد خلفية مرافقة، وكان ينشد بشكل فطري، قائم بصورة أساسية على الارتجال مما يحفظه من أشعار كبار أئمة التصوف، منهم: «أبو العزايم، وابن الفارض»، وكان «التوني» يتبع تختًا موسيقيًا شرقيًا بسيطًا مؤلفًا من «الرق والناي والكمان»، يعزفون وراءه وفقاً لما يفيض على شيخهم من تجليات شعرًا وتنويعًا بين المقامات الموسيقية، وكثيرًا ما كان يتولى بنفسه ضبط الإيقاع من خلال النقر بمسبحةٍ على كأس زجاجي، وبهذا يعود الشيخ «أحمد التوني» إلى طريقته الأصلية في الإنشاد التي بدأها قبل حوالي السبعين عامًا. ويعتبر الشيخ ياسين التهامي، أحد أشهر تلاميذ الشيخ التوني. يشار إلى أن أعضاء فرقة إنشاد الشيخ الراحل أحمد التوني، هم «حسن محمد علي، كمان- ومصطفى عبد الرحمن، ناي- وابنه محمد، على الإيقاع، وابنه الأصغر محمود، المنشد في الفرقة».