وسط بقايا الأثاث المحطم، والملقى بجوار مياه الصرف الراكدة فى منطقة مؤسسة الذكاة التابعة لحى المرج، جلس أهالى عشش كوبرى عزبة النخل على الرصيف، فى انتظار تسجيل أسمائهم فى كشوف الحى، على أمل تسلم شقة بديلة، تحمى أطفالهم من البرد القارس، الذى اختبرته أجسادهم، طوال ليلتهم الأولى التى قضوها فى العراء، بعد هدم لوادر المحافظة عششهم، بلا بديل. على حصيرة بجانب أثاث منزلها، جلست السيدة سجيدة الروبى تبكى على الظروف التى ألقتها فى الشارع طوال الليل، وقالت لصحيفة «الشروق»، إنها "تنتظر من الساعة الرابعة عصرا، دون أن يأتى دورها فى التسجيل لتسلم الشقة، رغم أن لديها 5 أبناء بأسرهم، بينهم ابن عاجز عن الحركة"، ثم اختتمت حديثها، قائلة: "ألا يكفى أنهم أخرجونا بالقوة من بيوتنا الواسعة، حتى يتركونا فى الشارع"، بحسب قولها. وفى الطابق الأرضى لأحد العقارات السكنية، وقف عشرات الأهالى أمام موظف الحى، فى انتظار سماع أسمائهم، حتى يتسلموا شققهم، دون أن يكون لدى أى منهم علم بمدة الإقامة، أو طبيعتها، سواء تمليكا أو إيجارا، حسبما يقول الحاج محمد قرنى عبدالمطلب، 50 سنة، الذى أوضح قائلاً، "بعد قضاء ليلة من العذاب، والنوم فى البرد، سجلت اسمى، وعندما كان أى منا يسأل الموظف عن موعد التسليم، كان الرد يأتينا شتائم"، وأضاف "فى النهاية سأحصل على شقة فى الدور السادس، رغم أن زوجتى مريضة، ولا يمكنها الصعود، أما أختى نوال فلم تتسلم الشقة رغم أننا فى نفس الكشف". وبينما جلس الحاج رجائى فى إحدى الشقق التى تسلمها، منتظرا ابنه ليحضر له كشافات إضاءة، وهو يقول، "لا مياه ولا مصابيح إضاءة وحتى وجوهنا لم نغسلها من أمس"، روى لنا عادل عاطف قصته، وسط حركة مستمرة ما بين موظفي الحى، وأثاث منزله، قائلا: "كنت مسافرا عندما اتصلت بابنتى عصرا، فوجدتها تبكى وهى خائفة، وتصرخ: «بيهدوا البيوت علينا»، مشيرا إلى أن الحى لم يخبر الأهالي بموعد تنفيذ الإخلاء قبلها، رغم أن قرار الإخلاء صادر منذ عام 2010، دون أن يتحرك أحد لتنفيذه. ورفضت 11 أسرة من المتضررين قرار الحى بتسكينهم فى منطقة النهضة بالسلام، بسبب بعدها عن مناطق علمهم، بحسب محمود السيد سليمان، الذى قال، إن "العقود التى وقع عليها الأهالى تفيد بأنها عقود بنظام حق الانتفاع لمدة 15 يوما قابلة للتجديد مرة واحدة فقط". وأثناء تجمع أفراد ال11 أسرة أمام حى المرج، فى انتظار مقابلة المسئولين، لمطالبتهم إما بالتسكين فى منطقة المؤسسة، أو منحهم عقود تمليك للشقق، قال سعيد عثمان، "لم يكن انهيار كوبرى الشيخ منصور فوق رؤوسنا واحتراق عششنا كافيا، فجاءت الحكومة لتكمل علينا، بهدم ما تبقى من العشش، ثم نفينا إلى مساكن السلام، بعقود لمدة 15 يوما فقط، يتم بعدها طردنا إلى الشارع مرة أخرى". مضيفا، "من الصباح ونحن تائهون بين حي المطرية وحى المرج، وننتظر الفرج إلى أن يقبلنا أحد، بينما السيدات تنام في النهضة، ونحن في الشارع". ومن جهته، قال نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية، اللواء أحمد تيمور، ل«الشروق»، أنه "تم تسكين 420 مواطنا من الأهالى فى وحدات سكنية بمنطقة مؤسسة الزكاة، وهى ليست مؤقتة، وإنما بنظام التمليك، وذلك بناء على كشوف بأسماء الأهالى معتمدة من لجنة التسكين التى شكلتها المحافظة مسبقا". وأضاف، "حصلت كل أسرة على شقة خاصة بها، ولا صحة لادعاءات بعض الأهالى بشأن تسكين أكثر من أسرة فى وحدة سكنية واحدة، فهناك من يحاول التلاعب للحصول على وحدات غير مستحقة، كما أن البعض استدعى أقاربه ليجلسوا معهم فى الوحدة، ظنا منهم أنهم يستطيعون خداعنا"، على حد قوله. موضحا، أن "هناك بعض الأسر لم يتم تسكينها، وجار توفير وحدات بديلة تابعة للمحافظة لها في منطقة المطرية، وستكون جاهزة قبل نهاية الأسبوع الجارى، لتسليمها لهم بنظام التمليك".