غضبة الرأى العام لا تنصب على الصحافة الرياضية وحدها أو الإعلام الرياضى وحده وإنما تمتد إلى الإعلام كله المتهم بالاستهزاء بعقول الناس! الحقيقة أنه من سوء حظ الرياضيين أنهم يعملون فى ساحة وفى مساحة تحظى بأكبر قدر من المتابعة والاهتمام.. وأن المنافسات الرياضية فيها مبارزات بين معسكرات وفرق وجماهير. وفى الرياضة نجد الرأى العام الذى يتابعها يختلف وينقسم بصفة شبه يومية.. بينما لايوجد هذا الاختلاف الواسع واليومى، بنفس الشدة ونفس القوة، فى ساحات السياسة أو الاقتصاد أو الفن والأدب، أو فى الدين، وربما هناك اختلاف فى الدين لكنه يبدو متخفيا وخافيا وخافتا.. أما السياسة ففيها اختلافات وانقسامات النخبة، فيما لايهتم بالسياسة عموم الجمهور أو عامة الشعب وتلك حقيقة مؤكدة، لمن لايرونها أولمن لايريدون أن يروها أو لمن يرونها ولايعترفون بها! الإعلام قصته طويلة، فهو الذى اعتبر الانتصار السياسى فى حرب 56 نصرا عسكريا، وهذا الإعلام هو الذى جعل كارثة 67 مجرد نكسة، وهذا الإعلام هو الذى اختصر انتصار حرب أكتوبر العظيم فى الضربة الجوية، بينما كان هذا الانتصار نتيجة فريق عمل متكامل من جميع أبطال القوات المسلحة، بدءا من القائد العام وحتى أصغر جندى.. والرئيس مبارك ليس فى حاجة إلى ذلك، فرصيده العسكرى والوطنى والسياسى يكفيه، وهو الذى يؤكد دائما أن بطل حرب أكتوبر هو الرئيس السادات.. فلماذا يختصر إعلامنا هذا الانتصار فى الضربة الجوية؟! نحن أمام أمثلة فى غاية الخطورة.. هزت البلد، وهزمتها وكسرت أجيال وكلفت مصر أكثر من 120 ألف شهيد، وكلفتها نفقات دمرت عمليات البناء الاقتصادى والسياسى والعسكرى.. نحن أمام أمثلة لعب بها الإعلام فى سنوات ماضية، وتلاعب بعقول أجيال .. وهو أمر أخطر ألف مرة من مانشيتات الإعلام الرياضى الذى يتحدث عن مباراة، أو عن حسن شحاتة ومانويل جوزيه، ويختلف على ضربة جزاء! وحين تكتب صحيفة قومية أن زعماء العالم فى قمة الثمانية أصروا على التقاط صورة لهم مع الرئيس مبارك، فإن المواطن يقرأ ويشاهد ويتابع صحافته، بغضب وحزن! لكن يبقى السؤال العميق : هذا الإعلام يخاطب من؟! هل يخاطب النخبة المثقفة المهتمة بشئون البلد ومستقبلها.. ويحلم بالتلاعب بعقلها.. أم يخاطب أغلبية بسيطة، ويظن بسذاجة، أنه قادر على التلاعب بعقلها؟!