طالب مجدى عبدالغنى، عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة، وعدد كبير من الخبراء والنقاد بضرورة فتح تحقيق حول إخفاق المنتخب الوطنى للشباب فى بطولة كأس العالم المقامة حالياً فى مصر، وقال عبدالغنى إن الاتحاد وفر للمنتخب جميع الإمكانات من معسكرات وتدريبات ومباريات ودية وسفريات ورغم ذلك فشل فى مهمته، مشيراً إلى أن ميروسلاف سكوب الذى اختاره الاتحاد كمدير فنى للفراعنة الصغار كان قد حقق لمنتخب التشيك ميدالية فضية فى المونديال ال16. وحسب تقارير صحفية، فإن التشيكى ميروسلاف سكوب يعكف حالياً على إعداد التقرير الخاص بلاعبى منتخب مصر، وينتظر أن يدين المدير الفنى فى تقريره العديد من اللاعبين، خاصة «ظاهرة الانفلات وعدم الالتزام». وتحول المونديال ال 17 لكرة القدم الذى تستضيفه مصر حالياً إلى اختبار عصيب للصحفيين وسط تشابكات حادة بين الإعلام والرياضة وتحديات ملموسة للقدرات المهنية، فيما أدى الخروج المبكر لمنتخب الفراعنة الصغار من دور ال 16 للبطولة لجدل مثير فى الصحافة ووسائل الإعلام. وفى دراسة صدرت فى شهر يونيو الماضى، أكد الباحث دافيد روى بجامعة وسترن سيدنى الأسترالية على أن العلاقة بين وسائل الإعلام والرياضة شهدت تشابكا بات غير قابل للفصم منذ القرن العشرين، فيما تتزايد قوة هذه العلاقة بتداعياتها المثيرة على الإعلام والرياضة معاً. وذهب هذا الباحث إلى أن تلك العلاقة التى تزداد قوة وتشابكا بين الإعلام والرياضة تثير مخاوف من تبادل غير سوى للأدوار «فيتحول الإعلاميون إلى لاعبين، فيما يتحول اللاعبون إلى إعلاميين» فى عالم معولم تتشابك وتتداخل فيه الأدوار. وسيكون من قبيل خداع الذات إنكار أن أى صحفى لا يتأثر حتى مزاجه المهنى إيجابا وسلبا حسب النتائج والميداليات التى تحصدها بلاده فى أى بطولة، غير أن الرهان الكبير يبقى على مدى الالتزام بالتفاعل مع الحدث والابتعاد عن الانفعال. وأوضحت نتائج استطلاعات الرأى التى جرت خلال اليومين الماضيين أن نسبة كبيرة من الجماهير أكدت أن عدم قدرة اللاعبين على تنفيذ واجباتهم فى الملعب كان وراء خروج منتخب مصر للشباب من المونديال فيما أرجعت نسبة كبيرة أيضاً السبب إلى أخطاء المدرب فى التشكيل وإدارة المباراة بينما لم تزد نسبة الذين فسروا سبب الخروج بقوة المنافس الكوستاريكى على عدد محدود للغاية، كما اتهم النقاد والخبراء الأداء العشوائى والفردى للاعبى المنتخب. وقال الناقد حسن المستكاوى: «تستطيع أن تلعب بعشوائية بعض الوقت وتفوز فى بعض الأحيان.. لكنك لا تستطيع أن تلعب بعشوائية كل الوقت وتفوز بكل المباريات». وتحدث عصام عبدالمنعم، رئيس اتحاد الكرة سابقاً، عن المفهوم الصحيح لدور الصحافة ووسائل الإعلام فى مؤازرة منتخباتها الوطنية فى البطولات العالمية وحدود هذا الدور بقوله: «لم يكن خروج المنتخب الوطنى للشباب من الدور الثانى مفاجأة للفاهمين بقدر ما كان صدمة للواهمين فليس بالمعنويات والحماس والشحن الجماهيرى، وحدها تحرز البطولات لكنها مجرد عوامل مساعدة ومرجحة وداعمة للكفاءة والعمل الجاد، والتخطيط والمتابعة وهى أسس النجاح وتقديرى أن منتخبنا لم يكن فى أى وقت وبأى مقياس ضمن المرشحين للمضى بعيداً عن هذه البطولة لأسباب عملية وواقعية». واعتبر عصام عبدالمنعم أن الفريق الذى خرج من دور ال16 للبطولة العالمية الشبابية الحالية «لم يكن فريقاً متجانساً بمعنى الكلمة وافتقد أبجديات الوعى الخططى وأصول الأداء الجماعى». واتهم الناقد ياسر أيوب الإعلام المصرى بمناقضة نفسه فى البطولة العالمية. وحظيت البطولة العالمية الشبابية التى تستضيفها مصر حالياً باهتمام كبير من وسائل الإعلام العالمية، سواء على مستوى وكالات الأنباء الدولية أو الصحف الشهيرة ك«نيويورك تايمز»، فضلاً عن الشبكات الإذاعية والتليفزيونية المرموقة، مثل هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» و«السى إن إن». ويقول البرفيسور جون فينسنت أستاذ للإدارة الرياضية بجامعة الاباما فى سياق دراسة حول «التغطية الإعلامية الدولية للبطولات الرياضية»، إن معيار المساحة المخصصة لتغطية بطولة ما يتصدر معايير العدالة التى لابد وأن تتوخاها الميديا الدولية، إلى جانب عنصر الجودة والاتقان الكيفى إن أرادت الالتزام بالمهنية الحقة، مؤكداً على أن هناك تساؤلات مثيرة للقلق جراء الافتقار للتكافؤ والعدالة فى تغطية هذه الوسائل الإعلامية الدولية للبطولة المختلفة بسبب تحيزات عرقية، بل ومحاباة للرجال على حساب الألعاب النسائية، وهى القضية التى تثير اهتمامه بشدة. ويوضح فنسينت أن منطلقه فى هذه الدراسة هو الدور الهائل لوسائل الإعلام فى عالم اليوم حتى باتت واحدة من أهم القوى المؤسسية فى أى مجتمع، فيما تنهض بدور حاسم فى صياغة الاهتمامات وتشكيل الاتجاهات الثقافية وتكريس القيم «ومن ثم فليس من الغريب الاهتمام بتوجهات الميديا الدولية حيال البطولات الرياضية المختلفة. ويؤكد هذا الباحث الأمريكى أن هناك تحيزات لاريب فيها من جانب وسائل الإعلام الدولية، فيما يتعلق بتغطيتها للبطولات الرياضية، موضحاً أن هذه التحيزات تتضمن البعد العرقى ومحاباة قوميات على حساب قوميات أخرى فى العالم والتمركز حول النموذج الغربى وتسييده بصورة تعزز هيمنة الشمال على الجنوب، فيما تشكو ناشطات الألعاب النسائية بشدة مما يوصف ب«ظاهرة تهميش المرأة فى عالم الرياضة والاتجاه لتسليع الأنثى حتى فى ساحة التنافس الرياضى». واستناداً على أبحاث متعددة، خلص البروفيسور جون فنسينت إلى أن وسائل الإعلام الدولية تخلق عبر هذه التحيزات واقعاً رياضياً يخالف الواقع الحقيقى وتعيد تفسير وتأويل الواقع بما يتفق مع رغبات القائمين على هذه الوسائل والقوى والاتجاهات التى تعبر عنها وتعكس مصالحها. وتكشف عملية متابعة المواقع الإلكترونية الشبابية فى العالم العربى، والتى يعتبرها البعض نوعاً جديداً من الصحافة، عن اهتمام واضح وكبير بالمونديال ال17 على أرض الكنانة، وتتابع مئات المواقع الإلكترونية والمدونات التى تبث باللغة العربية على شبكة الإنترنت، أولاً بأول نتائج البطولة العالمية الشبابية. ويبدو أن المونديال ال17 على أرض الكنانة سيكون علامة فارقة جديدة فى العلاقة القوية والمتشابكة والمتعددة التداعيات بين الصحافة والرياضة.