عندما يتخذ الابوان قرار الانفصال تبدأ الصراعات بين الطرفين كل منهما يبدأ فى اطلاق سهامه نحو الآخر وهو لا يدرى أن هناك اطفالا تقف فى منتصف المسافة بينهما وتتلقى تلك السهام نيابة عنهما وبالتالى تصاب بكل المشكلات النفسية والاجتماعية والدراسية وتنشأ اجيال ممن يفتقدون الثقة بالنفس وبالآخرين بل احيانا ما يصل الامر لتنشئة كائنات عدوانية تكره المجتمع المحيط بها. بين صرامة التربية فى بيت الاب والتهاون فى بيت الأم أو العكس يتشتت الصغار ويفقدون القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ لعدم وجود خطوط واضحة للتربية فى كلا البيتين. حماية الابناء من الحرب المشتعلة بين طرفى النزاع هو ما يبحث عنه خبراء علم الاجتماع والتربية وعلم النفس. ان كان الطلاق حقيقة واقعة لا نستطيع الهروب منها فلابد من معالجة الاثار الناتجة عنه على الابناء.. عندما كان الطرفان معا فى بيت واحد كانت هناك قواعد غير معلنة للتربية بينهما.. ربما يرفض طرف بعض الامور ولكن فى النهاية يتنازل من اجل استمرار الحياة.. ولكن بعد الانفصال يعود كل منهما إلى ادراجه إلى طبيعته إلى طريقة تربيته ومبادئه التى يؤمن بها والتى لا يطيق التنازل عنها لعدم وجود مبرر للتنازل فى رأيه وهنا يدق ناقوس الخطر وتبدأ اولى صور الصراعات. وحالات الطلاق تأخذ اشكالا متعددة فقد ينفصل الزوجان بسبب اختلاف الطباع بينهما أو بسبب وجود امرأة اخرى أو لمشكلات مادية ولكن فى النهاية تكون النتيجة انفراد كل منهما بنفسه بعيدا عن الآخر وربما بعيدا عن الابناء.. بعض الاباء يتخلى عن دوره المعنوى تجاه ابنائه مكتفيا بالدور المادى والبعض يترك الاثنين معا للأم معللا بأن الابناء حين يكبرون سيعودون لاحضانه فلا داعى لبذل الجهد.. وقد يحدث نفس الامر للام وان كان نادر الحدوث.. وقد ترغب بعض الامهات بالانفراد بالسلطة على ابنائهم ربما لرغبتها اللاشعورية فى ايجاد مهمة مقدسة عليها القيام بها وحدها حتى لا تفقد سيطرتها على الابناء الا وهى التربية. عندها يصر كل طرف على تطبيق مبادئه التى يؤمن بها ويسفه من آراء الطرف الاخر ويحاول الحفاظ على صورته فى الاطار العائلى بالصورة التى تحلو له دون النظر لمصلحة الابناء. تتغذى الخلافات بين الابوين على نيران الحقد والكراهية وتترك اثارها على نفوس الابناء بصورة يصعب على الزمن محوها بعد ذلك. يحدث التوازن النفسى للأبناء قبل طلاق الابوين حتى لو كان لكل منهما طريقة مختلفة فى التربية فطرف يكون متشددا وآخر اكثر تساهلا ويتم تقبل الأمر طالما يجمعهما نفس البيت ولكن تبدأ المشكلة مع الانفصال فما كان مقبولا سلفا لم يعد مقبولا الآن بل اصبح من مسببات عدم التوازن النفسى.. لماذا؟ لانه برغم الاختلافات فى الحالة الاولى الا أن هناك اتفاقا ضمنيا ببعض الخطوط العريضة التى لا يمكن تجاوزها بينما ينتفى الامر فى الحالة الثانية حيث يقوم كل طرف بمحاولة جذب طرف الخيط لصالحه أيا كانت الخسائر. الاختلاف وليس الخلاف: لابد من الحفاظ على قدر من الترابط فى العلاقة بما يحقق مصالح الابناء كما ينصح د. جاك انطوان طبيب شئون الاسرة بجامعة تولوز بفرنسا.. ويرى أن الانفصال وان كان قرارا اختياريا لكل طرف فإن الابوة ليست اختيارا وانما واجبا لابد من التنازل من اجل القيام به على اكمل وجه. لابد أن يعمل كل طرف على اداء مهمة محددة وهى الحفاظ على كيان الابناء بتحقيق الامان وتوفير قدر من الراحة النفسية والجسمانية للابناء بتبنى ميثاق شرف غير مكتوب لقواعد التربية الخاصة بتنظيم عدد ساعات يوم الطفل ومواعيد لعبه وممارسته لهواياته واداء الواجبات المدرسية وحجرته وممتلكاته. قواعد عامة لتربية الاطفال عند انفصال الابوين: • عدم الاكثار من لوم الطرف الآخر مع كل مشكلة يواجهها الطفل حتى لا يكره الابناء كلا من ابويه بسبب علاقتهما السيئة ببعضهما البعض. • عدم تقديم التنازلات من اى طرف منهما من اجل كسب ود الابناء ولو على حساب المصلحة العامة لهما فما تزرعه اليوم ستجنيه غدا. • عدم استخدام الاطفال كوسيلة للضغط على الطرف الاخر حتى لا تهتز ثقته بنفسه وحتى لا يشعر بأنه شخص غير محبوب من اى طرف كان. • الحفاظ على نفس قواعد التربية وأسلوب الحياة فى كل بيت وان اختلفت التفاصيل فالاطار العام يجب أن يكون محددا ويترك لكل طرف طريقة التطبيق التى تناسبه. • عدم استخدام الطفل فى نقل الرسائل بين الابوين أو لتقصى الاخبار حتى لا يشعر بالاستغلال. • عدم الاستماع للطفل اذا اراد محاباة جانب على حساب الآخر من اجل التلاعب بمشاعر ابويه لتحقيق مصلحته فذكاء الطفل يمكنه من اختيار ما يسعد الأم حتى لو على حساب الاب والعكس صحيح ويدرك جيدا كيف يمكن الاستفادة من الخلاف لمصلحته هو: • احترام كل طرف للآخر يجعل الطفل يتجاوز مشكلات الانفصال بشكل كبير فبرغم الاختلافات بين الابوين الا انه يشعر بالامان من أن كل طرف لا يبغى الا اسعاده. • عدم تدخل الاجداد فى التربية حتى لا يزيد التضارب الذى يتعرض له الطفل فى تحديد المسموح والممنوع وترك الامر للأم والأب وحدهما. • عدم تحميل الطفل اكثر من طاقته باتهامه بأنه سبب التعاسة فكثيرا ما تقولها الام حين تزداد الاعباء عليها بأنه لولا وجود الابناء ما تحملت كل ذلك مما يجعل الطفل حزينا ويشعر بالذنب. • عدم الانفراد بالتربية فالطفل بحاجة لكل من ابيه وامه مما يتطلب التنازل من اجل مصلحة الابناء. • عدم حث الطفل للكذب على الطرف الآخر محاولة لاخفاء بعض المعلومات التى يظن اى طرف أن معرفة الاخر بها ستسبب نوعا من التشفى كإخفاء درجاته السيئة مثلا ومحاولة اظهار الطفل بصورة الطفل المثالى. • اللجوء للطبيب النفسى عندما يتعرض الطفل لأى مشكلات دراسية أو مجتمعية كالانطواء والعدوانية. • الحفاظ على حد ادنى من الاتصال بين الابوين ليشعر الطفل بأهميته فى حياة كل منهما وحتى يحاول دائما أن يحافظ على صورته امام الطرف الاخر. • مصارحة الطفل بأسباب الطلاق الحقيقية مع عدم إلقاء اللوم على الطرف الاخر حتى لا تصور له اوهامه انه جزء من اسباب هذا الانفصال. • التأكيد على حبك له حتى بعد انفصالك عن ابيه فبعض الاطفال يعتقدون بداخلهم أن رفضك لوالده وانفصالك عنه يتطلب بالضرورة عدم حبك له ايضا على اساس انه الشىء الوحيد الذى يربطك بالاب ويذكرك بفشلك.