بالنظر إلى الطلاق كحالة اجتماعية طبيعية، يصبح التعامل سلسا مع ما يترتب عليه من نتائج، لكن ذلك لا يحدث كثيرا عندنا . الطلاق، كارثة على أطرافه الثلاثة الزوج والزوجة والأبناء، يبدؤها أحد الزوجين ويكملها الآخر بفصول تبدأ فى المحكمة وتمر بأماكن الرؤية وتنتهى غالبا بأمراض نفسية واجتماعية مؤلمة. «بيت العيلة» يستضيف أسرة عايشت الطلاق بفصوله، معاناة الآباء والأبناء تحت ضغط قلة وقت الرؤية التي تقرها المحكمة، بالإضافة إلى الطريقة السليمة لتهيئ نفسك لمستقبل أفضل بعد الطلاق.
«اكتئاب، خوف من كلام الناس، حيرة مصحوبة بنظرة تشاؤمية للمستقبل، حب امتلاك للأبناء، مشاعر كره وانتقاض وانتقاص للجنس الآخر، ميل الأبناء لأحد الأبوين والشعور الدائم بالنقص أمام الأصدقاء».. هذه باختصار السمات الأساسية لشخصية الأسرة التى انفصل فيها الزوجان انفصالا أدى لإصابة الأسرة بعدة أشكال من أشكال المعاناة النفسية تبدأ مع المطالبة بحق الرؤية. الدكتور سعيد طعيمة، أستاذ أصول التربية وعلم النفس جامعة عين شمس: • بداية لابد أن نعترف أن الطلاق أبغض الحلال إلى الله، لكنه أيضا حق مشروع بشروط.. أولها استحالة العشرة بين الطرفين بعد استنفاد كل وسائل المصالحة والتفاهم ومحاسبة الذات على أخطائها ومراعاة الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية التى قد تؤدى كثيرا لغضب الزوج وعدم استجابته لطلبات الزوجة والأبناء، أو لعدم قدرة الزوجة على التخلى عن متطلباتها أو التأقلم مع طباع وظروف شخصية الزوج. • الخطوة الثانية هى الرضا بالقسمة والنصيب والقناعة، وبالتالى فإن الانفصال لا يعنى نهاية حياة بل إنه فى كثير من الأحيان بداية جديدة نتعلم فيها من أخطائنا سواء فى اختيار شريك الحياة أو المعاملة، وبشكل عام تصحيح وجهة النظر فى مفهوم الحياة الزوجية. • للنجاح فى هذه المعادلة الصعبة يجب تذكر المواقف والذكريات السعيدة التى جمعت بين الزوجين منذ مرحلة الخطوبة، والتخلى عن فكرة اتهام الآخر وأنه السبب فى تصاعد حدة الخلافات، فهذا يساعد الطرفين فى الإقبال على الحياة والطموح فى مستقبل أفضل للأبناء، مع اكتساب خبرة فى الحكم على الآخر. • ضرورة تطبيق فكرة تبادل الأدوار بين الوالدين بالنسبة للأبناء بشرط وجود تعاون بين الطرفين فى التربية والمشورة والوضوح والصراحة خاصة فى سن المراهقة، وأن يسلم بأنه مهما أوتى من إمكانات فكرية ومادية وقدرة على الإشباع لاحتياجات الأبناء فلا غنى عن الاثنين فى جميع مراحل العمر، وأن تلجأ الأم لحكمة الأب فى الأمور التى تستلزم الشدة بحيث نلغى عند الأبناء فكرة أن البيت مفكك وأن كلا من الطرفين سيلبى أوامره ليفوز بحبه على حساب الآخر. الدكتورة نعمة عوض الله الطبيبة والخبيرة النفسية فى العلاقات الزوجية: • من أكبر الأخطاء فى حق الأبناء أن يحاول الزوج أخذهم ليبيتوا فى منزله وترك منزل الأم والجدة، فالطفل إذا استيقظ ولم يشعر بالأمان النفسى بوجود أمه فإن هذا المشاعر السلبية تظل بداخله حتى الكبر. • أى خطأ فى التعامل فى هذه المرحلة الحرجة من تربية الابن يؤثر على صحته النفسية فى المستقبل لنجد فتيات وشبانا يعانون من نظرة غير سوية للجنس الآخر، وكراهية للزواج. • مع بلوغ سن الثامنة يكون الطفل قادرا على استيعاب المعانى المجردة ويدرك مفهوم الخلاف أو استحالة العشرة، لكن مهما كانت المشكلات لابد من إظهار الود والاحترام بين العائلتين، وهنا يمكن أن يخرج مع والده ويبيت معه إذا أراد، وحتى إذا انتقل للعيش معه فلابد من التدرج واحترام رغبة الطفل، أما فكرة السفر مع الأب فلابد أن يعترف الآب بأنه يفتقد خبرة التعامل مع متطلبات طفل فى هذه المرحلة العمرية الحرجة وبالتالى فيمكن اصطحاب الأسرة كاملة حتى إذا تزوج هو ليوحى للطفل بأن الطلاق لا يعنى نهاية الكون.