قصب السكر من الزراعات الاستراتيجية فى مصر، وتعتبر محافظة قنا من أعلى المحافظات إنتاجا لهذا المحصول الذى يحتاج كميات هائلة ووفيرة من المياه، نظرا لارتفاع درجات الحرارة فى الصعيد، وتزرع محافظات قنا وأسوان والمنيا ما يقدر بنحو 300 ألف فدان قصب، ولكن هذه الزراعة أصبحت فى خطر بسبب انقطاع المياه عن الترع الرئيسية بمحافظة قنا، مثل ترعة «الكلابية» ما تسبب فى كارثة حقيقية للمزارعين الذين لجأ بعضهم إلى حرث أراضيهم بعد زراعتها، وأصبحت مساحة 20 إلى 35 ألف فدان مهددة بالتلف والبوار بسبب نقص مياه الرى عن هذه الترعة، فضلا عن حالة القلق التى سيطرت على مزارعى القصب فى صعيد مصر بعدما أعلنت السلطات الإثيوبية مؤخرا عن تحويل المجرى المائى للنيل الأزرق، ما يعنى نقص مياه الرى خلال السنوات المقبلة.
ويوجد بمحافظة قنا 3 مصانع كبرى للتكرير هى قوص ودشنا ونجع حمادى، بالإضافة إلى مصنع سكر جرجا بسوهاج، الذى ينقل له محصول القصب من القرى الشمالية بناحية مركزى أبوتشت وفرشوط، فيما بلغ إجمالى المساحة المزروعة بقصب السكر بقنا خلال العام المنصرم نحو 118 ألف فدان تروى جميعها من خلال ترعتين رئيسيتين وهما ترعة «الكلابية» شرق النيل، وتصل حتى حدود محافظة سوهاج، وترعة «أصفون» غرب النيل وتصل حتى مدينة نجع حمادى، وتتفرع من هاتين الترعتين مئات الترع الفرعية والمصارف والمساقى.
أحمد على، مزارع بقنا، يقول إنه «رغم أهمية هذه الزراعة بالنسبة للدولة ولنا كمزارعين، إلا أنها أصبحت لا تدرّ دخلا وربحا سنويا كافيا، نظرا للمعاناة التى يلقاها ويعانيها مزارعو القصب الآن بسبب كثرة التكاليف الزراعية من ارتفاع يوميات الأنفار، وتكسير ونقل للمحصول إلى مصانع السكر وصولا لانتشار السوق السوداء للأسمدة ومشاكل السولار.
ويضيف «على» الفدان الواحد يحتاج من 25 إلى 30 رية مياه خلال السنة إذا كانت الأرض وتربتها جيدة، أما إذا كانت غير ذلك فهى تحتاج من 40 إلى 45 رية خلال العام، فالقصب من الزراعات التى تحتاج إلى كميات وفيرة للمياه نظرا لارتفاع درجات الحرارة فى الصعيد، وإذا لم يُرو فى موعده كل أسبوع قد يجف ويتلف، فهناك المئات من المزارعين قاموا بحرث أراضيهم خلال الأيام القليلة الماضية بسبب انقطاع مياه الرى عن ترعة الكلابية منذ أكثر من 30 يوما، وهو ما جعل المزارعين يحرثون مساحات كبيرة من الأراضى المزروعة بالقصب، قائلا «مصر لم تعد هبة النيل فجفاف الترع سيتسبب فى حبس المزارعين».
الحاج مصطفى خليل، مزارع، أوضح أن عددا كبيرا من المزارعين لجأ مؤخرا إلى استخراج المياه الجوفية من أعماق الأرض لرى المحصول، وذلك بعد اختفاء المياه من الترع والمصارف، ولكن هذه المياه الجوفية تؤثر سلبا على الزراعة وعلى إنتاجها.
اللواء مختار فكار، رئيس نقابة مزارعى القصب، أكد أن زراعة القصب فى حاجة إلى مياه وفيرة، مشيرا إلى أن عدم وصول مياه الرى للترع الرئيسية بدشنا ونجع حمادى ومركز قنا، تسبب فى مشكلات كثيرة للمزارعين، مضيفا «تخفيض حصة مصر من المياه بعد بناء السد الإثيوبى سيجعلنا غير قادرين على زراعة هذا المحصول المهم، فهناك 300 ألف فدان مزروعة قصب بمحافظات المنياوقنا وأسوان، لافتا إلى أن المشكلات التى يعانيها المزارعون الآن من نقص المياه وعدم تطهير الترع والمصارف والمساقى التى لم تطهر منذ 7 أو 8 سنوات، بالإضافة إلى نقص السولار ومشكلات البنوك وعدم وجود رؤية أو خطة حكومية واضحة لسياسة الزراعة، كلها ستهدد هذه الزراعة وتؤثر عليها سلبا.