قال مصدر مطلع ل«الشروق» إنَّ الحكومة تدرس اعتماد برنامج لإنشاء محطات كهرباء تعمل بالفحم بديلاً عن البرنامج النووى لتوليد الكهرباء، وهو ما نصح به البنك الدولى فى عام 1984، فى خطوة اعتبرها خبراء بمثابة ضربة قاضية للبرنامج النووى المصرى حينها، وكان السفير التركى بالقاهرة، حسين عونى، قد أعلن منذ شهور عن رغبة بلاده والشركات التركية فى الاستثمار على أرض مصر، خصوصًا فى مجال محطات فحم لإنتاج الكهرباء، باستغلال الفحم الموجود بسيناء. وانتقد كبير المفتشين السابقين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية ومستشار هيئة المحطات النووية د. إبراهيم العسيرى، الفكرة ووصفها بأنها فكرة خاطئة، مؤكدًا أن مصر ليس لديها الاحتياطى الكافى من الفحم لتشغيل محطة كهرباء واحدة بقدرة ألف ميجاوات، والتى ستحتاج من 2 3 ملايين طن فحم سنويًّا، وهو ما يعنى استحالة تكوين احتياطى استراتيجى من الفحم لتشغيل تلك المحطة لأكثر من 3 شهور، مشيرًا إلى أن الصين المنتج الأكبر للفحم عالميًّا تبنى حاليًّا 29 محطة نووية لإنتاج الكهرباء برغم تشغيلها العديد من المحطات التى تعمل بالفحم.
وقال العسيرى، إن البرنامج النووى المصرى لبناء أول محطة من 4 محطات فى موقع الضبعة جاهز للتنفيذ فورًا وينتظر القرار الرئاسى، مؤكدًا أن محطة نووية بقدرة ألف ميجاوات ستحتاج لنحو 30 طنًا من الوقود فقط، وتستطيع مصر تكوين احتياطى استراتيجى من الوقود النووى يكفى 5 سنوات، وأن تشغيل المحطة النووية يوفر نحو 8 مليارات دولار سنويًّا فارق التكلفة بن الوقود التقليدى والوقود النووى وهى قيمة تكلفة إنشاء محطتين نوويتين.
وأضاف العسيرى أن الانبعاثات الإشعاعية من محطة تعمل بالفحم تعادل 100 مرة المنبعثة من المحطة النووية، بالإضافة إلى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون وثانى أكسيد الكبريت وكرات الزرنيخ والزنك الدقيقة التى تنتشر فى الهواء وتسمم الإنسان والبيئة.
فيما أكد الجيولوجى د. على بركات، المدير العام بهيئة الثروة المعدنية المصرية، عدم وجود بديل للبرنامج النووى المصرى، مرجعًا ذلك لندرة ومحدودية مصادر الوقود فى مصر من الفحم والغاز الطبيعى وزيت البترول، واصفًا البرنامج النووى المصرى ب«مسألة حياة أو موت».
وأضاف بركات أن مصر لا تمتلك بديلاً اقتصاديًّا لإنشاء المحطات النووية، خصوصًا أن مصر لديها احتياطى كبير من المواد المشعة فى الصحراء الشرقية وسيناء والساحل الشمالى خصوصًا منطقة البرلس.
وأكد الجيولوجى أن احتياطات مصر المؤكدة من الفحم لا تتعدى 50 مليون طن، فى منجم فحم المغارة، ومنطقة عيون موسى بسيناء، وهى تكفى لتشغيل محطة كهرباء واحدة متوسطة القدرة «500 ميجاوات» لمدة 40 سنة، مضيفًا أنه يجب بناء هذه المحطة لاستغلال هذا المخزون، ولكنها لن تكون بديلاً للبرنامج النووى، الذى يهدف البدء ببناء 8 محطات بقدرة ألف ميجاوات لكل محطة.
وتشير دراسة عن البرنامج النووى المصرى، أعدها مدير برنامج الأمن الإقليمى بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية د. محمد عبد السلام، والخبير فى مجال الطاقة نعمانى الزيات، إلى أن أمريكا والبنك الدولى تبادلا عمليات إجهاض البرنامج النووى المصرى، أكثر من مرة منذ بدايته عام 1964، كان آخرها عام 1984، حين قاد اللوبى اليهودى فى أمريكا حملة ضد البرنامج النووى المصرى، وبررت مصر حاجتها لإنشاء محطات نووية حينها، وادعت واشنطن تفهمها وجهة النظر المصرية، ولكنها فاجأت هيئة المحطات النووية بعرض من شركة وستنجهاوس لمعدات مستعملة ومجددة لمفاعل نووى 900 ميجاوات، سبق أن بنته الشركة الأمريكية لمشروع وادى تنيسى بالولايات المتحدة، ورفضه مجلس إدارة المشروع لوجود أخطاء جسيمة فى التصنيع.
ثم فاجأ البنك الدولى بنشر دراسة قام بها، ادعى فيها، أن شراء مصر لمفاعلات نووية خطأ كبير من الناحيتين الفنية والمالية، وأن مصر يجب أن تعتمد على محطات تعمل بالفحم، وكان ذلك كفيلاً بضرب البرنامج المصرى، وسد طرق تمويله وتنفيذه.
وفى سياق متصل، قال رئيس النقابة العامة للعاملين بهيئة المحطات النووية المهندس محمد كمال، إنَّ موقع الضبعة النووى تعرض لعملية استيلاء من قبل بعض أهالى الضبعة، وبرغم إبلاغ كل من محافظ، ومدير أمن مطروح ووزير الداخلية، لم يتحرك أحد، ولم تتحرك الدعوى القضائية فى البلاغات التى تقدمت بها هيئة المحطات النووية للنيابة العامة لعدم تقديم أجهزة وزارة الداخلية التحريات المطلوبة منذ سنة وأكثر.