تعرف على أسماء أحد الشعانين    ورقة المائتى جنيه تستحوذ على الحصة الأكبر من النقد المصدر    محافظ الجيزة يوجه معدات وفرق النظافة لرفع المخلفات بالبراجيل    وزير الخارجية الإسرائيلي يلمح لتأجيل اقتحام رفح حال التوصل لاتفاق بشأن الأسري    الزمالك يتأهل لنهائي كأس مصر للرجال الطائرة    لمكافحة الفساد.. ختام فعاليات ورش عمل سفراء ضد الفساد بجنوب سيناء    حملة على الأسواق والمحلات بمدينة أبوزنيمة بجنوب سيناء لضبط الأسعار    فرقة ثقافة الشيخ زايد تقدم العرض المسرحي "ابن الإيه" بالإسماعيلية    حزب "المصريين" يُكرم هيئة الإسعاف في البحر الأحمر لجهودهم الاستثنائية    مدبولى يشارك فى المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض نيابة عن الرئيس السيسى    52 مليار جنيه حجم أرصدة التمويل متناهية الصغر بنهاية يناير 2024    تعرف على أفضل 10 مطربين عرب بالقرن ال 21 .. أبرزهم الهضبة ونانسي والفلسطيني محمد عساف (صور وتفاصيل)    توقعات عبير فؤاد لمباراة الزمالك ودريمز.. مفاجأة ل«زيزو» وتحذير ل«فتوح»    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    الرضيعة الضحية .. تفاصيل جديدة في جريمة مدينة نصر    استهداف إسرائيلي لمحيط مستشفى ميس الجبل بجنوب لبنان    طارق يحيى مازحا: سيد عبد الحفيظ كان بيخبي الكور    المصريون يسيطرون على جوائز بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية للرجال والسيدات 2024 PSA    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    بالفيديو .. بسبب حلقة العرافة.. انهيار ميار البيبلاوي بسبب داعية إسلامي شهير اتهمها بالزنا "تفاصيل"    ناهد السباعي: عالجنا السحر في «محارب» كما جاء في القرآن (فيديو)    سؤال برلماني عن أسباب عدم إنهاء الحكومة خطة تخفيف الأحمال    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    بعد جريمة طفل شبرا الخيمة.. خبير بأمن معلومات يحذر من ال"دارك ويب"    رامي جمال يتخطى 600 ألف مشاهد ويتصدر المركز الثاني في قائمة تريند "يوتيوب" بأغنية "بيكلموني"    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    مدير «تحلية مياه العريش»: المحطة ستنتج 300 ألف متر مكعب يوميا    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قطاع الأمن الاقتصادي يواصل حملات ضبط المخالفات والظواهر السلبية المؤثرة على مرافق مترو الأنفاق والسكة الحديد    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العسيري وأبو العلا يكشفان في حوار »للأخبار« سر تعثر الحلم النووي المصري
البرنامج النووي مشروعنا القومي الجديد بعد السد العالي

تاريخ من الأزمات عاشها الحلم النووي المصري الذي لاح في الأفق عام 1955 مع تشكيل لجنة الطاقة الذرية برئاسة الرئيس عبد الناصر وآخرها ما حدث في موقع المشروع في الضبعة مع اجتياح بعض الأهالي للموقع وتدمير تجهيزاته بالكامل.
قامت الدنيا ولم تقعد وظهر انقسام واضح بين فريقين.. الاول وهم الغالبية يعتبرون المشروع أمل مصر المستقبل ولابد من تنفيذه بأسرع ما يمكن من منطق "نكون أو لا نكون" وفريق آخر يشكك في جدواه بدعوي الاعتبارات البيئية ومخاوف حوادث المفاعلات النووية.
حملنا كل الانتقادات التي توجه للمشروع النووي المصري وطرحناها في حوار موسع علي الدكتور إبراهيم العسيري كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا وكبير مستشاري هيئة الطاقة الذرية المصرية والدكتور أكثم أبو العلا وكيل أول وزارة الكهرباء..
أجابا باستفاضة عن كافة التساؤلات بالمستندات والأدلة الدامغة.. تناولا جدوي البدائل المطروحة وإشكاليات التمويل والقضايا البيئية والاحتياطات الموضوعة بدقة لتلافي أية مخاطر محتملة..
والأهم من ذلك جدوي المشروع للمواطن المصري وأهالي الضبعة.
بالأرقام.. المحطات النووية أرخص وأنظف بدائل توليد الكهرباء
المحطة الواحدة تستوعب 6 آلاف فرصة عمل وأولوية للضبعاوية
مع تفجر أزمة موقع الضبعة قامت الدنيا ولم تقعد في حديث مستمر عن المشروع النووي المصري.. لكن كعادتنا دخل المشروع المياه الراكدة.. ما المطلوب الان لتحريكه؟
د. العسيري: المطلوب اتخاذ موقف عاجل وبأقصي سرعة باستعادة موقع الضبعة والبدء في تنفيذ مشروع المحطة النووية الأولي حيث يمثل البرنامج النووي المصري مسألة حياة في ظل محدودية مصادر الغاز الطبيعي والبترول والزيادة السنوية في عدد السكان وما يواكبها من زيادة الاحتياجات الكهربائية بما يترواح بين 7 و10٪ سنويا.. بالاضافة إلي أن تشغيل محطة نووية واحدة يوفر عائدا سنويا لمصر يقدر بنحو مليار دولار من فارق تكلفة الوقود النووي مقارنة بتكلفة الغاز الطبيعي والبترول فقط.. وإذا ما عرفنا أن موقع الضبعة يستوعب نحو 8 محطات نووية فإن المشروع بأكمله يوفر لمصر 8 مليارات دولار سنويا.
ويلتقط د. اكثم أبو العلا أطراف الحديث مؤكدا أن دخول مصر مجال الطاقة النووية يعد مشروعا قوميا مثل السد العالي تماما وهو يستوجب تكتل كل المصريين حوله ولا دخل له بتيارات سياسية أو أحزاب.
عائد وتكلفة
وهل يتناسب هذا العائد مع التكلفة؟
العسيري: تقارب التكلفة الانشائية للمحطة الواحدة 5 مليارات دولار وبالتالي فإن تشغيل المحطة يغطي تكلفتها في حدود 5 سنوات علي الأكثر.. وتبدأ العوائد الصافية للمحطة لمدة 60 عاما هي عمرها الافتراضي ما يؤكد أن تأخرنا في المشروع النووي يكبدنا خسائر سنوية تتراوح بين 4 و8 مليارات دولار.. وطوال 30 عاما من تأخرنا في المشروع تصل الخسائر إلي 200 مليار دولار.. ناهيك عن خسائر الكوادر البشرية المعدة للمشروع وتأخرنا في امتلاك التكنولوجيا النووية وهذا مهم جدا ولا يقدر بمال.. بجانب فقداننا للريادة في المنطقة في هذا المجال فالامارات ستبدأ خلال شهور قليلة صب الخرسانة لتنفيذ محطتها النووية الأولي وكذلك الاردن ستطرح عطاءات المحطة النووية الأولي الشهر المقبل.
كلام جميل.. كلام معقول.. لكننا نمر بظروف اقتصادية صعبة.. من أين سنأتي بالتمويل؟
د. العسيري: الرد من كراسة المواصفات المعدة للطرح علي الموردين والتي تتضمن شرطا بأن يقدم المورد تمويلا يغطي 85٪ من المكون الأجنبي للتكلفة ويتم سداده من عائد المحطة خلال فترة 5 إلي 6 سنوات.. وبالتالي تحقق المحطة بعد ذلك عائدا صافيا للدولة طوال عمرها الافتراضي وهو 60 عاما.
بالتحديد ما المطلوب لبدء تنفيذ مشروعنا؟
العسيري: يجب اتخاذ قرار من الجهات التنفيذية والتشريعية ببدء التنفيذ ليتم علي الفور طرح المواصفات الفنية للمحطة وهي جاهزة من قبل وزراة الكهرباء وهيئة المحطات النووية وتنتظر اقرارها من البرلمان لطرحها.. وبعدها نتلقي العطاءات من الشركات الموردة للمفاعلات ونقيمها بالتعاون مع بيت الخبرة الاستشاري المتعاقد مع هيئة المحطات النووية وهو مكتب ورلي بارسونز الاسترالي الأمريكي.. ويتزامن مع عملية تقييم العطاءات تنفيذ برامج تدريبية للكوادر البشرية العاملة في تصميم ومراجعة وتشغيل المحطات النووية.
لكن تردد أننا لا نمتلك بعد الكوادر اللازمة لمثل هذه المشروعات.. وهذا أثاره أيضا د. محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق؟
العسيري: هذا الكلام ليس صحيحا علي الاطلاق لدينا الكوادر منذ انشاء هيئة الطاقة الذرية في خمسينيات القرن الماضي وتشغيل مفاعل انشاص البحثي الأول ثم المفاعل البحثي الثاني الأرجنتيني.. بجانب التدريب بمحطات نووية بالخارج للعديد من العلماء المصريين.. وخلال الفترة من 2007 حتي 2010 تم تدريب العديد من المهندسين المصريين في كوريا الجنوبية وروسيا وبلغاريا.. كما حاضر لدينا العديد من الخبراء الدوليين في ورش عمل ومحاضرات نظمت لهذا الغرض .. لكن التدريب المطلوب الآن يتوقف علي نوع المحطة ذاتها والشركة الموردة لها.. تدريب تتحدد عناصره علي التصميم الفعلي والتفصيلي للمحطة النووية المتعاقد عليها.. وبشكل عام لابد وأن نعرف أنه لا توجد دولة في العالم دخلت مجال المحطات النووية للمرة الاولي وقامت باعداد كوادر قبل انشاء المحطة.. والمثال في الهند وكوريا الجنوبية وغيرهما من الدول.
وماذا ترون فيما يثار حاليا من ملاحظات علي اختيار موقع الضبعة للمشروع؟
العسيري: هذه مغالطات تستهدف لسبب أو لآخر التشكيك في صلاحية الموقع الذي أجريت عليه دراسات استغرقت 30 عاما من قبل.. وأجازتها هيئة سوفراتوم الفرنسية وهي أكبر هيئة عالمية في دراسات المواقع النووية في أواخر السبيعنيات وأوائل الثمانينيات حيث درسته لمدة 6 أو 7 سنوات عندما كان مقررا أن تنشيء فرنسا أول محطتين نوويتين في مصر وشملت هذه الدراسات أكثر من 20 موقعا علي مستوي مصر وخلصت الي أن الضبعة أفضل هذه المواقع.. وجاء في حيثيات تفضيل الضبعة وفق الهيئة الفرنسية بالنظر لقربها من مصادر التبريد "البحر" وضعف مستوي الزلازل في المنطقة وقربها من شبكة الكهرباء.. وعدم وجود فوالق نشطة في جيولوجيا تربة الموقع وكذلك من حيث دراسات الكثافة السكانية ودراسات المياه الجوفية والتيارات البحرية والارصاد الجوية.. ولم نقف عند ذلك بل تم تحديث هذه الدراسات من قبل بيت الخبرة السويسري "موتور كولمبس" وبيت ورلي بارسونز وخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية والعديد من الخبراء الجيولوجيين في مصر ومراكز البحوث والجامعات وهيئة المحطات النووية المصرية.. وكل هذه الدراسات مدعمة بالخرائط موجودة في هيئة المحطات النووية في 33 مجلدا وهي متاحة لمن يرغب الاطلاع عليها.
لكن هيئة الامان النووي المصرية لم تصدر ترخيصا نهائيا بعد لعمل المحطة.. ما تفسيركم؟
العسيري: هذا الكلام تنقصه الدقة حيث أصدرت هيئة الامان النووي والتي انضمت أخيرا لهيئة الرقابة النووية والاشعاعية التي أنشئت أخيرا وتتبع رئيس الوزراء مباشرة رخصة عدم ممانعة وموافقة مبدئية لاستخدام موقع الضبعة في اقامة المحطة النووية الأولي وهذه الهيئة تمثل عمليا عين الرأي العام والشعب علي أمان انشاء وتشغيل المحطة النووية.. أما الترخيص النهائي والموافقة الكاملة علي المشروع فيستلزم الحصول عليها وجود تقرير تفصيلي عن التأثيرات البيئية للمحطة وهو ما يتطلب وجود التصميم الفعلي للمحطة وهو غير موجود لأن طرح مناقصة المشروع لم تتم بعد.. وهذا التقرير سيتم اعداده وتقديمه لهيئة الرقابة النووية فور اختيار الشركة الموردة للمحطة لأن تقييم الاثر البيئي يتوقف علي طاقة المحطة وتصميمها الفعلي.. وهذا النظام ليس بدعة بل هو المتبع في كل دول العالم.. وللعلم فان طاقة محطتنا وفق ما هو مخطط لها من 900 إلي 1650 ميجاوات وستكون من النوع المعروف باسم مفاعلات الماء العادي والمضغوط وهذا النظام تعمل به 60 ٪ من المفاعلات العاملة في العالم حاليا وستعمل به أيضا أكثر من 80٪ من المحطات تحت الانشاء.
الأرخص والأنقي
ولماذا لا نتجه للمصادر البديلة للطاقة خاصة المصادر الأقل تكلفة؟
العسيري: ليكن حديثنا بالامثلة العملية والأرقام أيضا.. توجد أكبر محطة حاليا لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة الامريكية ومتوسط قدرتها السنوية 75 ميجاوات وقدرتها العظمي 345 ميجاوات حيث تخضع القدرة لمعدلات وقوة سطوع الشمس.. وهذه المحطة تشغل مساحة 6.5 كيلو متر مربع وتشتمل علي حوالي مليون مرايا عاكسة تشغل حال وضعها في خط واحد 350 كم.. ولك أن تتخيل كم نحتاج من محطات ومساحات ومرايا حال احتياجنا لانتاج 3 آلاف ميجاوات سنويا من الطاقة الشمسية.. وهنا نصل لحقيقة أن المحطات النووية أرخص أنواع توليد الكهرباء في العالم بعد المساقط المائية في بعض الدول ويقارب المحطات النووية في التكلفة محطات الفحم.. وتصل تكلفة انتاج الكيلووات ساعة من الطاقة الشمسية من 4 إلي 5 أضعاف الطاقة النووية.. كما تعادل تكلفة انتاج طاقة الرياح ضعف تكلفة الطاقة النووية.
ويكمل الحديث د. اكثم أبو العلا: من المفيد هنا عقد مقارنة بين تكلفة انتاج الكهرباء من البترول مقارنة بالوقود النووي.. تكلفة انتاج الكيلو وات ساعة من البترول تبلغ 12.5 سنت علي أساس سعر 70 دولارا للبرميل و17.8 سنت علي أساس 100 دولار للبرميل و23.2 سنت علي أساس 130 دولار للبرميل.. وبمقارنة ذلك بالوقود النووي نجد أن متوسط التكلفة في المتوسط سنت واحد للكيلووات ساعة.
لكن لماذا نحيد معامل التلوث أو القضايا البيئية والذي قد يكون حاسما في قضية المحطات النووية؟
العسيري: البعض يظن أن محطات الطاقة الشمسية هي أنظف مصادر انتاج الكهرباء لكن الدراسات العالمية تؤكد أن محطات الطاقة النووية أنظف مصادر انتاج الطاقة جميعا.. وبالأرقام: تنتج محطات الفحم انبعاثات لثاني اكسيد الكربون المعادل بنسبة 900 كيلو جرام لكل ميجاوات ساعة كهرباء مقابل من 500 إلي 600 كيلو جرام لمحطات الغاز الطبيعي و110 كيلو جرامات لمحطات الطاقة الشمسية و40 كيلو جراما لمحطات الطاقة النووية وأخيرا 30 كيلو جراما لمحطات المساقط المائية التي قلنا أننا استنفدنا رصيدنا منها.
أهل العاصمة
هناك من يتخوف من الرياح المنبعثة من محطات الطاقة النووية ويلوحون بأن محطة الضبعة من الممكن أن تؤدي لمخاطر اشعاعية تصل القاهرة ومحافظات الدلتا؟
العسيري: دون الدخول في تفاصيل علمية.. ها هي خريطة فرنسا.. وهذه توزيعات 58 محطة نووية تعمل هناك وتلاحظ أنها تحيط بالعاصمة باريس من جميع الجهات دون أية مخاوف من اتجاه الرياح.. مثال آخر من الولايات المتحدة التي توجد بها 104 محطات نووية أكثر من 80٪ منها تحيط بنيويورك العاصمة الاقتصادية والعاصمة السياسية واشنطن دي سي.. الاحاديث المرسلة لا تجدي ولنري الاشياء علي ارض الواقع.
د. أكثم أبو العلا: هناك تفاصيل مهمة في هذه القضية ولكم العلم بأن العالم يوجد به حاليا 435 مفاعلا عاملة بالفعل في 31 دولة.. بجانب 63 مفاعلا تحت الانشاء في 14 دولة منها 4 مفاعلات في الامارات.. وهناك 68 دولة أعلنت عن خطط لانشاء محطات نووية.
و لماذا لا نتوسع في طاقة المساقط المائية طالما أنها الأرخص تكلفة والأقل تلويثا للبيئة؟
العسيري: جميع الامكانات المتاحة في مصر من المساقط المائية تم استغلالها بالكامل.. إنتاجنا منها 2800 ميجاوات من محطات السد العالي وأسوان وبعض المحطات الصغيرة.. وجاري استغلال النذر اليسير المتبقي والذي يكفي لانتاج من 100 إلي 200 ميجاوات.
شمس وهواء
وماذا عن الطاقة المتجددة من الشمس والرياح؟
د.أبو العلا: في ظل محدودية الطاقة التقليدية من الغاز الطبيعي والبترول وهي طاقة ناضبة وكذلك ارتفاع أسعار البترول عالميا واستنفاد مصادر الطاقة المائية تعتمد وزارة الكهرباء خطة لاستخدام طاقتي الرياح والشمس للوصول بهما إلي 20٪ من الاحتياجات حتي عام 2020.. ويتم حاليا انشاء صندوق لتنمية الطاقات المتجددة لتشجيع الاستثمار الخاص في هذا المجال.
إذا كانت المحطات النووية هي الارخص والانظف لماذا يتجه العالم للاستغناء عنها لاعتبارات بيئية؟
د. العسيري: هذا الحديث أثير في ألمانيا التي وصلت حد الرفاهية في الطاقة الكهربائية مع تناقص عدد سكانها بمعدل 0.6٪ سنويا.. وحتي حال احتياجها للطاقة في المستقبل يمكنها بسهولة الاستيراد من فرنسا.. ومن المتوقع أن يكون ما أعلنته ألمانيا في هذا السياق نوع من المناورة السياسية كما حدث في السويد التي أعلنت ذلك عام 1983 ولم تنفذه عمليا حتي الآن ولا تزال كهرباء الطاقة النووية تغطي 50٪ من احتياجاتها.. أيضا لا بد من النظر للصين التي توجد بها حاليا 26 محطة تحت الانشاء وروسيا 10 محطات تحت الانشاء والهند 5 محطات وكوريا الجنوبية 5 محطات وباكستان محطتان تحت الانشاء والولايات المتحدة الامريكية لديها محطة تحت الانشاء ومحطتان قيد الموافقات اللازمة لبدء التشييد.
وبماذا تفسر الهجمات الشرسة المتكررة علي المشروع النووي المصري والذي كلما لاح في الأفق تعثر واختفي؟
العسيري: أراها هجمة منظمة فليس من مصلحة دول الغرب بما فيها أمريكا امتلاك مصر لتكنولوجيا الطاقة النووية وكذلك اسرائيل خشية منها من امكانية تطويعها لاغراض عسكرية لعلمها التام ثقل مصر في المنطقة وخوفها من امتلاكنا للتكنولوجيا النووية بما يعطينا سلاحا يسمي "الردع بالمعرفة".. كما تعطينا هذه التكنولوجيا الفرصة لتطوير جميع صناعاتنا الوطنية ورفع جودتها وتحسين اقتصادياتها وزيادة قدرتها علي التصدير والمنافسة في الأسواق.. وهذا الكلام لا يطلق علي عواهنه فهذه كوريا الجنوبية التي بدأت بعدنا وتقدمت الان في صناعة السفن والاجهزة الالكترونية والسيارات بسبب تقدمها في التكنولوجيا النووية.. والجدير بالذكر هنا أن كوريا الجنوبية تحقق عائدا من صادراتها من المحطات النووية يشكل الان رابع مصدر للدخل والعملات الصعبة بما يدعم احتياطياتها النقدية.
إنتاج محلي
تتحدث عن دخل وعملات صعبة من المحطات النووية.. كيف؟
العسيري: نعم فمن شروط عطاءات المحطة النووية الأولي في الضبعة توفير حد أدني لمشاركة الصناعة الوطنية 20٪ وسيتم تقييم العطاءات علي هذا الاساس.. وترتفع هذه النسبة في المحطات التالية ليمكننا مستقبلا تصنيع المحطات النووية بالكامل في مصر أسوة بدول اخري مثل كوريا الجنوبية واليابان والصين والهند وغيرها.. وللعلم فنحن بدأنا مع اليابان التي تنتج حاليا المفاعلات النووية بالكامل.
تحدثت عن مخطط خارجي.. وماذا عن بعض أهالي الضبعة المتضررين من التعويضات التي صرفت لهم؟
العسيري: رغم الاحساس بالمرارة تجاه التدمير والخسائر التي وقعت في موقع الضبعة والتي لا تقدر بمال وتتحملها الدولة أي المصريين جميعا فإنني علي يقين كامل من تعاون أهالي الضبعة مع جميع الجهات المعنية لتنفيذ هذا المشروع القومي الاستراتيجي والذي لابد منه لمصلحة المصريين جميعا والاجيال القادمة.. وفي هذا السياق نطالب بانصاف أهل الضبعة وتعويضهم التعويض المناسب.
بعيدا عن التعويضات.. يتردد أن هناك مبالغات في تقديرات الخسائر التي لحقت بموقع الضبعة؟
العسيري: جميع الاجهزة الموجودة بالموقع دمرت بالكامل وكذلك سور الموقع والذي نجا بعض المباني يسكن فيها المعتدون علي الموقع حاليا.. والأجهزة التي دمرت تشمل برج أرصاد جوية ارتفاعه 60 مترا يستخدم في قياسات الرياح والحرارة والرطوبة.. أجهزة لقياس الزلازل الدقيقة ومنظومة لقياس التيارات البحرية والمياه الجوفية ومحطة تجريبية لتحلية المياه وورش نجارة ولحام وحدادة ومكتبات.. والأهم من ذلك تدمير محاكي التدريب وهو أحد 6 محاكيات علي مستوي العالم.. كان يستخدم في تدريب طلبة قسم الهندسة النووية بجامعة الاسكندرية والعاملين بهيئة المحطات النووية.. وهذا المحاكي يسمح بافتعال أية أخطاء في التشغيل لدراسة معالجة عواقبها دون مخاطر.. أيضا تم تدمير عينات جيولوجية أخذت من أعماق مختلفة من الارض علي مدي 30 عاما وتعتبر سجلا تاريخيا لموقع الضبعة.. بجانب كابلات الكهرباء والهاتف وغيرها من الخدمات.
الاحتياط واجب
هناك تخوفات من أهالي الضبعة من إمكانية حدوث تسربات أو غيره.. ما قولكم؟
العسيري: بضمير مصري يخاف علي أهل بلده أؤكد أن نوع المفاعلات النووية الذي سنستخدمه في محطة الضبعة لم يسبق له حدوث أية تسربات اشعاعية علي مدي تشغيلها منذ خمسينيات القرن الماضي.. وللعلم فإن مفاعلي تشيرنوبل وفوكوشيما مختلفان تماما.. ورغم ذلك هناك احتياطيات لعدم حدوث تسربات أو إجراءات حماية حال حدوث تسربات.. درسنا جميع المخاطر المحتملة ووضعنا في الاعتبار حدوث ما هو غير متوقع وراعينا توفير وسائل الامان اللازمة بحيث نحقق حماية كاملة لمنطقة المحطة من انسان أو حيوان أو نبات أو مياه .. أنا شخصيا زرت بحكم عملي في السابق كبيرا لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية العديد من المحطات التي تعمل بهذا النوع من المفاعلات حول العالم وتأكدت من أن أغلبها محاط بالمصائف بما يعني أنه لا تأثيرات سلبية لها علي السياحة والمناطق الشاطئية.
أولوية للضبعاوية
وهل سيشعر أهالي الضبعة من عائد مباشرعليهم لهم من هذا المشروع؟
د. أكثم ابو العلا: يعد سكان مدينة الضبعة والمناطق المجاورة المستفيد الأول من المشروع سواء بطريقة مباشرة من خلال فرص العمل التي يتيحها المشروع حيث ستكون الاولوية لابناء المنطقة أو من خلال الاستفادة من الانشطة المصاحبة حيث سيشارك في أعمال انشاء المحطة ما يترواح بين 5 إلي 6 آلاف شخص ولمدة 5 سنوات متصلة للمحطة الواحدة.. وحال تنفيذ 4 محطات علي الموقع تستمر أعمال البناء لمدة 20 عاما.. بجانب ما تستلزمه أعمال التشغيل والصيانة التي تستوعب ألف شخص للمحطة الواحدة وذلك علي مدار العمر التشغيلي للمحطة 60 عاما.. ويكفي أن نعرف أن بناء محطتين نوويتين في موقع الضبعة يعني وضع استثمارات مباشرة تقدر ب 50 مليار جنيه ناهيك عن الاستثمارات غير المباشرة التي تتبع ذلك.
وكيف تخططون لتنمية المنطقة المحيطة للمشروع؟
د. أبو العلا: يوفر المشروع فرص عمل في الصناعات المكملة والمساعدة لمختلف الورش شاملة الحدادة والكهرباء والسباكة والنجارة وغيرها.. كما سيتم انشاء مراكز لتأهيل العمالة الفنية اللازمة للمشروع.. وهناك أثر مهم يتمثل في الرواج الاقتصادي ستشهده المنطقة من خلال فتح أسواق جديدة لتوفير احتياجات العاملين بالمشروع وسكان مدينة الضبعة.. ناهيك عن الاستفادة من تطوير البنية التحتية للمنطقة من مياه وكهرباء وطرق واتصالات وكذلك الخدمات التعليمية والصحية والترفيهية.. كما يمكن الاستفادة من وضع المشروع النووي علي قائمة المزارات السياحية وما يصاحب ذلك من رواج حركة بيع المنتجات والهدايا التذكارية.
هل من كلمة أخيرة؟
د. العسيري: أتساءل لماذا التباطؤ في اتخاذ قرار البدء في مشروعنا النووي.. كل شهر تأخير يكبدنا 100 مليون دولار خسائر.. بجانب المزيد من تمكين بعض المعترضين من أهالي الضبعة من الموقع.. أقول: كفانا تأخيرا لأكثر من 50 عاما منها 30 عاما في مشروع الضبعة فقد بدأنا التفكير في المشروع منذ عام 1964 وبذلك نكون قد حققنا الرقم القياسي في التأخير.. مشروع المحطات النووية في مصر يأتي من منطلق "نكون أو لا نكون" باختصار لأنه لا يوجد بديل وبدون المحطات النووية المدعومة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح لا يمكن تغطية احتياجات مصر من الطاقة الكهربائية اللازمة لاحتياجات المواطنين وأنشطة التنمية المختلفة.
دفتر أحوال
بدأ دفتر أحوال الحلم النووي المصري مع اطلاق الرئيس الأمريكي أيزنهاور مبادرة - الذرة من أجل السلام - عام 1953 لاستغلال الإمكانات الهائلة الكامنة في الذرة من أجل توفير الطاقة والمياه اللازمتين لحل مشكلات التنمية في العالم.. وكانت مصر من أوائل الدول والعالم التي استجابت لهذه المبادرة.
عام 1955 تم تشكيل لجنة الطاقة الذرية برئاسة الرئيس جمال عبد الناصر لوضع الملامح الأساسية للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية في مصر.
في يوليو 1956 تم توقيع عقد الاتفاق الثنائي بين مصر والاتحاد السوفيتي بشأن التعاون في شؤون الطاقة الذرية وتطبيقاتها في النواحي السلمية
في سبتمبر 1956وقّعت مصر عقد المفاعل النووي البحثي الأول بقدرة 2 ميجاوات مع الاتحاد السوفيتي.
عام 1957 تم إنشاء مؤسسة الطاقة الذرية واشتراك مصر عضواً مؤسساً في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. وفي العام نفسه حصلت مصر علي معمل للنظائر المشعة من الدنمارك.
عام 1961بدأ تشغيل المفاعل النووي البحثي الأول و تم توقيع اتفاق تعاون نووي مع المعهد النرويجي للطاقة الذرية.
عام 1964 طرحت مصر مناقصة لتوريد محطة نووية لتوليد الكهرباء قدرتها 150 ميجاوات (أي 150 ألف كيلووات) وتحلية المياه بمعدل 20 ألف متر مكعب في اليوم بتكلفة مقدرة 30 مليون دولار إلا أن حرب يونيو 1967 أوقفت هذه الجهود.
وبعد حرب 1973 طرحت مصر عام 1974مناقصة لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء قدرتها 600 ميجاوات.. وتم توقيع عقد لإخصاب اليورانيوم مع الولايات المتحدة.
عام 1976 تم إصدار خطاب نوايا لشركة وستنجهاوس وتوقيع اتفاقية تعاون نووي مع الولايات المتحدة، إلا أن تلك الجهود توقفت في نهاية السبعينيات، بسبب رغبة الولايات المتحدة إضافة شروط جديدة علي اتفاقية التعاون النووي مع مصر نتيجة لتعديل قوانين تصدير التقنية النووية من الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، بحيث تشمل هذه الشروط التفتيش الأمريكي علي المنشآت النووية المصرية ما اعتبرته الحكومة المصرية ماساً بالسيادة ورفضته، وأدي ذلك إلي توقّف المشروع.
عام 1981 انضمت مصر لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ووقعت عدة اتفاقيات للتعاون النووي مع كل من فرنسا، الولايات المتحدة، ألمانيا الغربية، انجلترا، والسويد.. وقررت الحكومة تخصيص جزء من عائدات النفط لتغطية إنشاء أول محطة نووية (محطة الضبعة بالساحل الشمالي).
عام 1982 وقعت مصر اتفاقية للتعاون النووي مع كندا.. وأخري لنقل التقنية النووية مع استراليا.
عام 1983 طرحت مصر مواصفات مناقصة لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء قدرتها 900 ميجاوات، إلا أنها توقفت عام 1986- وكان التفسير الرسمي - المراجعة للتأكد من أمان المفاعلات بعد حادث محطة تشيرنوبل، ومن ثم تجمّد المشروع النووي المصري.
عام 1992 تم توقيع عقد إنشاء مفاعل مصر البحثي الثاني مع الأرجنتين.. ثم توالت في السنوات 95 - 96 -1999 بعض المشروعات المتعلقة باليورانيوم ومعادن الرمال السوداء وصولاً إلي افتتاح مصنع وقود المفاعل البحثي الثاني.
بعد تردد أكثر من 16 عاماً أعلنت مصر في مايو 2002 عن إنشاء محطة للطاقة النووية السلمية في غضون 8 أعوام بالتعاون مع كوريا الجنوبية والصين.
في 2007 عاد الحديث عن الموضوع بقوة واستمرت جهود التجهيزات وتم اختيار استشاري المشروع بالفعل والانتهاء من إعداد مناقصة المفاعل النووي الأول في موقع الضبعة.. ومع قيام ثورة يناير 2011 تقرر ارجاء طرح المناقصة لحين انتخاب البرلمان الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.