وزير الهجرة تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    محافظ الغربية يتابع استعدادات المركز التكنولوجي لاستقبال طلبات التصالح في مخالفات البناء    حماس: مصممون على اتفاق ينهي العدوان ووفد الحركة قد سلم الوسطاء ردنا    جوميز يمنح لاعبي الزمالك راحة غدا بعد الخسارة من سموحة    ضبط 550 بطاقة ذكية لصرف السلع المدعمة بمخزن في مطروح    «ابعتها لحبايبك».. أفضل رسائل التهنئة ب عيد شم النسيم 2024    فيديو.. محمد عبده يبكي خلال حديثه عن إصابته بالسرطان: هذا من محبة الله    الصحة: 2500 سيارة إسعاف منتشرة بالمتنزهات والطرق في شم النسيم    الوزير الفضلي يتفقّد مشاريع منظومة "البيئة" في الشرقية ويلتقي عددًا من المواطنين بالمنطقة    .تنسيق الأدوار القذرة .. قوات عباس تقتل المقاوم المطارد أحمد أبو الفول والصهاينة يقتحمون طولكرم وييغتالون 4 مقاومين    «جالانت» يحث «نتنياهو» بقبول صفقة التبادل ويصفها ب«الجيدة» (تفاصيل)    10 مايو.. انطلاق ملتقى الإسكندرية الأول للسرد العربي بمركز الإبداع    من شريهان إلى محمد عبده.. رحلة 8 فنانين حاربوا السرطان (تقرير)    نجل الطبلاوي: والدي كان مدرسة فريدة في تلاوة القرآن الكريم    وزير السياحة يستعرض مبادرات دعم القطاع    "الصحة" تشارك بالتأمين الطبى لعيد القيامة المجيد بكنائس الطور وشرم الشيخ    ظهر على سطح المياه.. انتشال جثمان غريق قرية جاردن بسيدي كرير بعد يومين من البحث    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    والده مات بسببها منذ 10 سنوات.. خلافات على أرض زراعية تنهي حياة شاب في المنوفية    الإسكان: إصدار 4 آلاف قرار وزاري لتخصيص قطع أراضي في المدن الجديدة    روسيا تسيطر على قرية جديدة في شرق أوكرانيا    السلطات الإسرائيلية تداهم مقرا لقناة الجزيرة فى القدس المحتلة بعد قرار وقف عملها    الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على موقع صوت أوروبا لبثه دعاية مؤيدة لروسيا    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    الهلال يطلب التتويج بالدوري السعودي في ملعب المملكة أرينا    لجميع المواد.. أسئلة امتحانات الثانوية العامة 2024    طريقة عمل الميني بيتزا في المنزل بعجينة هشة وطرية    نقل مصابين اثنين من ضحايا حريق سوهاج إلى المستشفى الجامعي ببني سويف    تامر حبيب يعلن عن تعاون جديد مع منة شلبي    التحية لأهالى سيناء    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    «أنا أهم من طه حسين».. يوسف زيدان يوضح تفاصيل حديثه عن عميد الأدب العربي    "صحة المنوفية" تتابع انتظام العمل وانتشار الفرق الطبية لتأمين الكنائس    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    وزارة العمل تنظم ندوة لنشر تقافة الصحة المهنية بين العاملين ب"إسكان المنيا الجديدة"    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تحصل على اعترافات عصابة متخصصة فى خطف الأطفال وتحاور ضحايا من المختطفين
رئيس مباحث الجيزة: ملفات «الداخلية» لم تعد قادرة على تحديد شخصية العصابات وتتبع المحمول هو الحل
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 09 - 2012

فى الوقت الذى كانت هبة تقاوم مختطفيها الذين قيدوا يديها ووضعوها فى سيارتهم، كانت العصابة تخطط لخطف طفل جديد. رآه أحدهم عائدا من المدرسة، انزله أتوبيسها الخاص أمام منزله فى التجمع الخامس، وكانت مواصفاته كلها تطابق شروط الضحية المناسبة.

حكايات متعددة تشبه حادث خطف هبة وعصابات جديدة مثل عصابة الأطفال تثبت أن حالات خطف النفس لطلب فدية لم تعد ظاهرة مرتبطة بالانفلات الأمنى الذى أعقب الثورة، لكنها أصبحت مجالا جديدا يجذب العاطلين وصغار المجرمين وأحيانا الأشخاص العاديين.










«الشروق» حاورت ضحايا الاختطاف، وحصلت على اعترافات عصابة متخصصة فى خطف الأطفال، وأكدت لها إحصائيات وزارة الداخلية أن التعرف على شخصيات تلك العصابات والوصول إلى أوكارهم بات شبه مستحيل، «بعد أن أصبحت الأم تخطف طفلها لتطلب من زوجها فدية»، بحسب تعبير رئيس مباحث الجيزة..

لا تستغرق المسافة بين المستشفى الذى يعمل به وبيته سوى بضع دقائق، وفى وقت مماثل يتناول وجبة الغذاء، لينطلق مرة ثانية إلى عيادته الخاصة التى يعمل بها طبيبا للمسالك البولية.

تبدأ رحلة الدكتور حازم توما اليومية، فى الثامنة من صباح كل يوم، محطتها الأولى مستشفى قنا العام، التى ينهيها فى الخامسة مساء، ليتجه مسرعا بسيارته إلى الطرق الزراعية المؤدية إلى منزله، ثم إلى عيادته الصغيرة التى أسسها بعد «تعب وعرق السنين»، بحسب تعبيره.

تلك الليلة كانت مختلفة بحكم التوقيت، استغل الطبيب السكون الذى يملأ الطرق وقت الإفطار فى رمضان، وتوجه إلى عيادته الخاصة، وكان السكون هو محفزهم أيضا لتنفيذ خطتهم. من بين الأشجار والنخيل المتراص بانتظام على طول الطريق خرجت الطلقة الأولى، وكانت إشارة البدء لسيل من الطلقات ظهر خلفه مجموعة من الملثمين، بفعل أسلحتهم الآلية، أوقفوا السيارة، ولم يكن أمام حازم سوى تقديم فروض الولاء والطاعة.

«خدوا كل فلوسى وعربيتى بس سيبونى أعيش»، كانت المحاولة الأخيرة للإفلات، قالها توما قبل أن تظلم الدنيا أمام عينيه بعصابة سوداء، ويرحل عن سيارته بيدين مقيدتين، ليختفى بين الأشجار والنخيل.



التسعيرة مليون جنيه

112 حالة خطف مقابل دفع فدية، هو الرقم الذى حصرته إحصائيات قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية لمدة خمسة أشهر خلال هذا العام من بداية مارس وحتى نهاية يوليو، من بينها 10 حالات لم يتم العثور فيها على الضحايا أو الجناة، توما لم يكن أحدها.

من مجموعة ملثمة قطعت عليه الطريق، إلى مجموعة أخرى لم يدرِ الطبيب ما إذا كانت ملثمة أم لا، قادته إلى حوش منزل مهجور، حيث اختلط صوت استغاثاته بنميم الفئران التى ملأت المكان. فى المساء اعتادت الدكتورة نيفين أن تغرق فى قراءة دراسة جديدة أو تبحث على الإنترنت عن الجديد فى عالم الطب، ليمر بها وقت انتظار زوجها دون أن تشعر.

«مليون جنيه مقابل إطلاق سراحه وإلا هنقتله»، جاءها الصوت جاف ومفزع عبر الهاتف، لم تفهمه أو تصدقه فى البداية وفقا لروايتها، لكنها باتصال صغير بالعيادة أدركت أن الأمر حقيقى.

عندها صرخ حازم فى وجه خاطفيه «محدش هيدفع حاجة لأننا مش معانا المبلغ ده أصلا، إنتو طالبين مليون جنيه، إزاى هنعرف نجيبهم؟ اقتلونى أحسن وريحونى من العذاب».

يوم كامل قضاة الطبيب فى قبضة خاطفيه قبل أن تهاجم أجهزة الأمن بالمحافظة المنزل المهجور. فر البلطجية هاربين، وإلى الآن لم يعلم أحد أين اختفوا، أو من سيكون الضحية فى المرة المقبلة؟

انتهى الحادث بالنسبة لرجال الشرطة، لكنه لم ينتهِ عند حازم وزوجته، فهو محور حديث عدد من الدقائق اليومية بينهما، كما أنه ألقى بتأثير ظاهر على حياة الطبيب، «أنا ماليش فى السياسة، لكن ابتديت أتابع اللى بيحصل فى البلد بعد الحادثة، التجربة كانت مؤلمة، ومن بعدها نفسى أحس أنى عايش فى أمان وما أخفش أخرج من بيتى فى أى وقت، نفسى أعرف أشوف شغلى من غير ما أبقى خايف على مراتى فى البيت أو على أهلى وأصحابى»، كلمات اعتاد أن يكررها يوميا لكل طبيب يجلس بجانبه فى المستشفى.



ليست الشرطة وحدها

جريمة من الفئة «أ»، هكذا تصنف وزارة الداخلية جرائم خطف النفس مقابل دفع فدية، وتلك الفئة كما يشرحها اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، هى الفئة التى تشمل أخطر الجرائم التى يتعرض لها المجتمع، حيث تقوم أجهزة الشرطة بوضع مرتكبى هذا النوع من الجرائم تحت الرقابة المشددة، بعد قضائهم فترة العقوبة والخروج للحياة الطبيعية.

«داخل كل قسم شرطة هناك ملف كامل عن حالة الجانى شامل سلوكه الإجرامى وجميع المعلومات المتعلقة بحياته الأسرية والعائلية، ويقوم الضباط بكتابة التقارير عن حالتهم وسولكياتهم فى المجتمع، ويرفعها إلى رؤسائه كل شهر، ولو حصل أى جريمة متعلقة بالخطف، تقوم أجهزة الشرطة بالاستعانة بالملفات فى تحديد شخصية الجناة، والتعرف عليهم»، بحسب رجل الأمن السابق.

لم يكن رجال الشرطة فقط هم المختصون بمراجعة ملفات أصحاب السوابق للتعرف على الجناة، فأسرة هبة التى اتصل بها الخاطفين لطلب فدية قدرها 25 ألف جنيه لإطلاق سراح ابنتهم الشابة لجأوا للاستعانة ببلطجية للإفراج عنها.

«بعد الثورة الناس بقت تخاف، الشوارع بتبقى فاضية من بدري، والمجرمين انتشروا جدا»، كان هذا الحوار هو الأخير قبل أن يلاحظ والد الفتاة تأخرها عن موعد عودتها الطبيعى.

كانت الساعة تقترب من السابعة مساء، حين فوجئت هبة بأقدام تسير بخطوات متسارعة خلفها فى أحد شوارع محافظة حلوان، وتأكد شكها عندما شعرت بيد الخاطف تمسك بيديها وتقيدها، بينما كان الآخر يكمم فمها ويحملها داخل سيارة خاصة.

«فى البداية توقعنا أن الخطف بغرض الاغتصاب، لكن اللى خطفوها أكدوا لنا أنهم هيسيبوها لو دفعنا الفدية»، بصعوبة حكى أحد أقارب هبة عن حالتهم وقت العلم بالحادث، لكن الثقة والتأكيدات التى أظهرها المختطفون خففت وطأة الأمر عليهم، «إنتو عارفين يعنى إيه نخطف بنت، لكن إحنا مش هنقرب لها، ودى كلمة شرف»، كان ذلك وعدهم.

رحلة البحث عن هبة بدأت بعد مكالمة خاطفيها مباشرة، كان هاتفها المحمول مغلقا، ولم يجد أهلها أى أثر لها فى كشوف الأقسام والمستشفيات، «رحنا للقنوات الفضائية والجرايد علشان يعلنوا عن اختفائها، ورحنا كمان لشركة المحمول علشان تتبع مكان المتصل، لكنها رفضت، وقالت إن الإجراء لازم يتم بقرار من النائب العام»، واستمر البحث لمدة 3 أيام.

فى قسم الشرطة تم تحرير محضر بالواقعة، وانتظر الجميع دون جدوى، لم يتوصل ضباط القسم لأى طرف خيط يقودهم إلى أفراد العصابة، «بعد 3 أيام اتصل بينا شخص تانى من نفس التليفون، وطلب مننا الفدية 25 ألف جنيه، وهددنا بأن الوقت بيمر ع الفاضى».

نظام التتبع بحسب الجرائم السابقة وملفات الشرطة لم يعد ذا جدوى عقب الثورة، فطريقة الخطف اختلفت كما أن الأهداف والأشخاص الذين دخلوا هذا المجال اختلفوا أيضا، فوفقا لما يقوله مساعد وزير الداخلية الأسبق أصبحت المعلومات التى تمتلكها أجهزة الشرطة عن المسجلين خطر لا تكفى لكشف ملابسات الحادث والوصول إلى الجناة، خاصة أن معظم مرتكبى جرائم الخطف ليسوا من المسجلين فى الداخلية، كثير من الجرائم الآن أصبح يرتكبها أشخاص لم تكن لهم سابقة من قبل.

كان مبلغ الفدية كبيرا على قدرة الأسرة البسيطة، وكانت نصيحة أحد الأقارب باتباع نفس طريقة البلطجية هى الأوفر والأسرع، «اتعرفنا على بعض البلطجية اللى معانا فى المنطقة، وغالبا فى كل منطقة بيكون فيها زعيم وكبير ليهم، وده بيكون معاه اتصالات بكل البلطجية والعصابات اللى فى المنطقة، طلب مننا مواصفات البنت ووقت الخطف، ورجعلنا هبة ب2500 جنيه شاملة كل مصاريف الانتقال والسيارت ورجالته اللى بيستعين بيهم».



مجرمون غير مسجلين

الوصول إلى الجناة أصبح شبه مستحيل، ساعد على ذلك ضعف أجهزة الدولة بعد الثورة، وعدم قدرتها على بسط نفوذها وسيطرتها لفرض الامن على الشارع، هذا ما أكده العميد جمعة توفيق، رئيس مباحث الجيزة، الذى قال إن جرائم الخطف التى تحدث وخاصة خطف النفس مقابل دفع فدية أصبحت مجهولة وتمثل صعوبة بالغة لضباط الشرطة فى الوصول إلى الجناة.

وأشار رئيس المباحث إلى أن نسبة المتهمين الذين يرتكبون حوادث الخطف ولديهم سجل إجرامى فى الوزارة، ولم يكن لديهم علاقة بالمخطوف لا تمثل سوى 6%، أما المتهمون الذين لم تكن لديهم سابقة القبض عليهم فى قضايا خطف أو أى قضايا أخرى، تمثل 94%، «هذا الفرق يظهر لنا مدى صعوبة الوصول إليهم، فأصبحنا نجد أما تخطف ابنها لابتزاز زوجها وطلب فدية منه، بسبب رفضه الإنفاق عليها، ونجد أيضا من يقوم بالخطف بسبب خلافات مادية مع الضحية».

الطريقة الوحيدة التى يمكن من خلالها تتبع الجناة والوصول إلى أوكارهم، كما يكشفها توفيق هى تتبع التليفون المحمول الذى يتم من خلاله الاتصال بأهل الضحية لطلب الفدية، فالأجهزة التقنية بالوزارة يمكنها معرفة مكان المتصل والوصول إليهم أينما وجدوا، «لكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت»، وهناك طريقة أخرى وصفها رئيس المباحث بأنها الأصعب، وهى استدراج الجانى بمعاونة الأهل والقبض عليه.

على صفحات الحوادث احتلت وقائع الخطف مساحات كبيرة فى فترة ما بعد الثورة، حيث تكاد نشرات الأخبار لا تخلو من خبر خطف أحدهم.



دفتر أحوال المختطفين

فى فبراير 2012، أثناء قيام سائق بتوصيل إسماعيل محمد إسماعيل 13 عام، وسارة محمد اسماعيل 8 سنوات، للمدرسة، اعترضت سيارة طريقهما وقامت باختطافهما، وفر الجناة هاربين، وطلبوا من والديهما فدية قدرها 5 ملايين جنيه، مقابل إطلاق سراحهما، واستجاب الأب لهما، وبعد التفاوض دفع مليونا و700 ألف جنيه، وبعدها استعاد نجليه مرة أخرى.

أما الطفل أحمد ياسين تعرض للاختطاف فى 20 سبتمبر 2011، واتصل الخاطفون بوالده، وطلبوا فدية قدرها مليون جنيه، وحذروه من إبلاغ الشرطة، حتى لا يكون الثمن هو حياة طفله البالغ من العمر عشرة أعوام، فلم يجد الأب سبيلا سوى الانصياع للجناة، ودفع الفدية فورا.

ولم تقتصر حوادث الخطف على العامة، وكان من الطبيعى أن تنال المشاهير والشخصيات العامة، ففى يناير 2012 تقدم رامى عادل محمد إمام، المخرج السينمائى، المقيم بمنطقة المنصورية، ببلاغ يفيد بتلقيه اتصالا هاتفيا من مجهول يطلب منه 2 مليون جنيه، وفى حالة عدم دفع المبلغ سيقوم بخطف نجليه وتعريض حياتهما للخطر.

وفى فبراير من العام ذاته، قام مجهولون بخطف نجلى إسماعيل عثمان أحمد عثمان، زوج نجلة الرئيس السابق أنور السادات، البالغين من العمر 8 سنوات و13 سنة، فى عربة خاصة بصحبة سائقهم من منطقة أبوالنمرس التابعة لمحافظة الجيزة، وطلب منهم فدية مالية بلغت 5 ملايين جنيه.


وفى أبريل 2011 اختطف مجهولون ابنة رجل الأعمال عفت السادات ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، أثناء ذهابها إلى المدرسة برفقة سائق والدها الذى اعترض طريقه مسلحون اعتدوا عليه بالضرب بعد توقيفهم للسيارة، وخطفوا الطفلة التى تبلغ من العمر 12 سنة، ثم تلقى والد الطفلة الدكتور عفت السادات اتصالا هاتفيا من المجهولين طلبوا منه فدية قدرها 10 ملايين جنيه مصرى مقابل إطلاق سراح ابنته.

إحصائيات وزارة الداخلية تقول إن محافظة القاهرة تحتل المركز الأول من حيث التعرض لحوادث خطف النفس، تليها محافظة الجيزة، ثم القليوبية فى المركز الثالث، ثم الإسماعيلية، ثم أسيوط، وأخيرا المنيا.



اعترافات وتبريرات

«إحنا عمرنا ما كنا بنفكر نخطف حد، لكن الفقر والجوع والبطالة إلى كنا بنواجها خلتنا نفكر فى أى طريقة نجيب منها فلوس، خاصة بعد الثورة علشان مكنش فى حكومة وإلى كان عايز يعمل حاجة بيعملها، وفكرنا فى الخطف لسهولته وضمانه مكسبه، وفكرنا فى خطف الأطفال تحديدا علشان سهولة التعامل معاهم وسهولة استجابة أهلهم لينا»، بهذا المنطق أقنع الشباب أنفسهم بمصدر الرزق الذى فتحته أمامهم ظروف البلد.

عصابة متخصصة فى إختطاف الأطفال، هكذا كانت الفكرة. ابتزاز عائلاتهم ومطالبتهم بدفع فدية مالية مقابل إطلاق سراح أطفالهم، وتلك كانت الطريقة.

فى الثلاثين من عمرهم، وقف 5 شباب ببنيان قوى أمام الضابط الذى ألقى القبض عليهم، ليحكى كل منهم ما دفعه للتخصص فى الخطف. ثلاثة منهم عاطلون، وتاجر سلاح، وتاجر مخدرات.

«خطفنا 6 أطفال من محافظة الدقهلية فى شهرين، وكنا بناخد من كل أسرة عشرين ألف جنيه، مقابل إطلاق سراحهم وعودتهم إليهم مرة أخرى، ومافيش أسرة كانت بترفض الاستجابة لينا، كل الأسر خضعوا لمطالبنا بدفع الفدية المطلوبة»، ببساطة عرضوا حكايتهم.

اختيار الأطفال الضحايا كان يتم بعناية فائقة، وفقا لحكاية أحدهم، فهناك أطفال لا تصلح للخطف، والتصنيف يكون وفقا لقدرة الأسرة على دفع الفدية المطلوبة، وعدد أطفالها.

لم يقتصر نشاط العصابة على محافظة الدقهلية مسقط رأسهم، لكنهم توسعوا فى عمليات الخطف وصولا إلى منطقة التجمع الخامس فى القاهرة، «خطفنا 3 أطفال على مراحل مختلفة، وطلبنا من كل أسرة فدية قدرها عشرة آلاف جنيه»، واختلفت الفدية وفقا لطبيعة الأسرة، وحالتها المادية التى تظهر على الطفل، والمنطقة التى تسكن بها.

عقوبة المتهم فى حوداث الخطف تبدأ من ثلاث سنوات وحتى 25 عاما أشغال شاقة مؤبدة فى حالة عدم اقترانها بجريمة اغتصاب أو قتل، أما فى حالة أن تكون مقرونة باغتصاب أو قتل فتصل إلى إعدام، وهو ما اعتبره اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق عقوبة رادعة وعادلة للغاية، واندهش فى الوقت نفسه عدم أخذ الخاطفين تلك العقوبة فى الاعتبار.

وأشار نور الدين إلى أن وظيفة الشرطة تتمثل فى الكشف والمنع، والكشف يعتمد على الاساليب العلمية وكفاءة وتدريب ضباط الشرطة معتبرا أن أجهزة الشرطة تؤديه بنجاح، «أما مهمة المنع للأسف أجهزة الشرطة فشلت فيها، وعجزت فى الفترة الأخيرة عن منع ارتكاب الجريمة».

وطالب مساعد وزير الداخلية الأسبق المواطنين بمساعدة أجهزة الشرطة فى البحث عن المتهمين لتقديمهم إلى العدالة، وأن يكون لديهم الإيمان القوى بدورهم الحيوى فى الوصول إلى الجناة، مؤكدا أن تلك الإجراءات إن توافرت سيعود الأمان فى المجتمع مرة أخرى فى أقل من شهر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.